من ظلمة الذنب إلى سكينة التوبة: (تأملات قرآنية)
4 نوفمبر، 2025
منبر الدعاة

بقلم د.إيمان إبراهيم عبد العظيم
مدرس بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر – واعظة بوزارة الأوقاف
قال الله تعالى: (فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ) الآية (٤٠) سورة طه.
وجه الدلالة من الآية: لما قتل موسى عليه السلام الرجل القبطي شعر بالذنب وتحرك ضميره وامتلأت نفسه بالغم ، والغم هو: شدة الهم، وهو من مكدرات الحياة ومنغصات السعادة، أو هو ما حصل له بسبب عزم آل فرعون على قتله ففر منهم هاربا ، حتى ورد ماء مدين ، وقال له ذلك الرجل الصالح : ( قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الآية (٢٥) سورة القصص، و الآية تدل على أن : الله قد امتن على موسى- عليه السلام- بأن نجاه منه فاستغفر ربه وقال :
{ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ } الآية (١٦)سورة القصص. و في الآية: عفا الله تعالى لموسى- عليه السلام- عن ذنبه ولم يعاقبه به فالله أكرم بتفضله عن معاقبة من أذنب فتاب إلى الله.
* وكلما كان قلب الإنسان حي والإيمان فيه متدفق تجده إن أخطأ أو زل مباشرة يشعر بوخز ولوم وتأنيب ضمير ولذع من داخله ..
* والله إذا أراد بعبده خيراً جعل له واعظاً من نفسه يحركه للتوبة والرجوع إلى الله تعالى.
* ويكسب الإنسان صفة الأواب التي امتدح الله بها بعض أنبيائه { نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }الآية(٣٠)سورة ص.
و تفسير الآية: نعم العبد سليمان ( إِنَّهُ أَوَّابٌ ) : أي الذي يرجع إلى طاعة الله توّاب إليه مما يكرهه منه.
ومادام العبد على هذه الصفة من سرعة الأوبة والتوبة والندم والاستغفار فإن ربه يقابله ويعامله بالمغفرة.
قال تعالى:(وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ). الآية (٩٠)سورة هود.
وذُكِرَ في معنى اسم الله “الودود” أنّه هو الذي يُحِبّ ويُحَبّ، القريب من الخلقِ على كلّ حال.. وهو “الرّحيم”؛ الذي يغفِر الذنوب، ويعفو عن العيوب، ولا يؤاخِذ خلقه بالجريرة إن هم تابوا وأحسنوا، إذ أنّ المغفرة راجعة لأصل رحمته سبحانه وتعالى، ولعلّ من حكمة هذا الاقتران بين اسميه “الرحيم والودود” في موضع التوبة والاستغفار؛ أنّه جلّ وعلا يُخبِر أنّ مغفرته لا تنشأ عن مجرّد الرّحمة وعدم المؤاخذة بالذنوب فقط، وإنّما تضمّ إليها محبةً وودًّا، فالله سبحانه يغفر للمسيء، ويحبّه، ويقرّبه، ويجعل له مكانةً عنده..
ومن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- : “اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره” . رواه مسلم.