حين تصبح البدعة أهون من الزنا

بقلم الدكتور الشيخ : محمد سعيد صبحي السلمو
( الأزهرى البابي الحلبي )

القول بأن البدعة أشد من المعصية ليس رأيا علميا يقال في دروس الفقه، بل هو باب فُتح لاستحلال الكبائر باسم الغيرة على الدين.

هو مفتاح يدخل الناس من حيث لا يشعرون في قوله صلى الله عليه وسلم: «ليكوننّ من أمّتي أقوامٌ يستحلّون الحِرَ والحريرَ والخمرَ والمعازف».

فمن قال إن البدعة أعظم من المعصية، فقد سهل على نفسه طريق المعصية، وجعل للشيطان مدخلا من أبواب الورع الكاذب.

وهذا القول أيضا تهوين من أمر الاجتماع على المنكر، وقد جاء في التحذير منه قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«ليبيتَنَّ أقوامٌ من أمّتي على لهوٍ ومعازف فيصبحوا وقد مُسخوا قردةً وخنازير».

فانظر كيف صار نهي الناس عن ذكر الله جماعة، وإغلاق أبواب الخير باسم #البدعة، مقدّمة لاستباحة اللهو والفجور والفواحش باسم التيسير

إنك تراهم يغلقون باب إحياء ذكرى النبي صلى الله عليه وسلم، لأن في ذلك ـ بزعمهم ـ بدعة،
لكنهم يفتحون الأبواب لاستحلال الكبائر، والربا، والدماء، والفروج، والظلم المشرعن، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا

إنها من مداخل الشيطان على من تدين بغير علم،
حين يجعل السواك من السنة، وستر الجريمة من التقوى،
ويحسب أن اللحية والعباءة تغني عن الفقه والعقل.

ولذلك ترى الوهابي لا يعرف من الدين إلا قشره،
قد تجاوز حدود الشرع والحياء جميعا،
حتى عمت الفواحش والمنكرات في عهده،
واستُبيحت الأموال والأعراض والدماء،
تحت راية التوحيد المزعوم، والسنة المحرفة عن معناها.

انطلقوا من قاعدةٍ فاسدة فقالوا:

إن الزنا أخف ضررا من أن تقول لأخيك بعد الصلاة: غفر الله لك!
فهل رأيت قلبا أعشى من هذا القلب؟

يستحل الحرام البين، ويغلق باب الرحمة والذكر والدعاء، لأنه بدعة.

وليت كل امرئ بقي في حدود تخصصه،
فمنهم من فشل في علمه ( كصاحب هذه القصاصة ، طبيب اسنان فشل في تخصصه فانطلق للافتاء في الدين ) ، فتزيا بزي الدين ليحصل على منصب أو جاه،
فقد صارت الأولوية في التعيين لأصحاب الولاءات، لا لأصحاب الكفاءات،
ومن الدين عندهم ما يخدم السياسة لا ما يخدم الحقيقة.

ومن أعظم البدع ، هي استحلالهم للمعاصي وعدم النهي عنها ، ومحاربتهم لذكر الله
ففي سورية حفلات موسيقى علنية
وفي السعودية حفلات فجور علنية عمومية
وفي سورية استحلال الدماء والتكفير

بينما تثور ثائرتهم في المولد النبوي الشريف أو عند دفع زكاة الفطر نقدا أو في أي فرع فقهي مختلف فيه فقهيا

لننتقل الى بعض احكام البدعة والمعصية في ميزان الشرع

ليس في الشرع إطلاق أعمى يجعل البدعة أشد من كل معصية،
ففي أصول الفقه:
الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
وعلة التحريم هي المفسدة،
فما كانت مفسدته أعظم كان أعظم إثما،
سواء أكان اسمه بدعة أم معصية.

فالبدعة التي تغير أصل الدين أو تشوه العقيدة أعظم من معصية فردية،
لكن المعصية التي تفسد مجتمعا أو تنشر فاحشة أعظم من بدعة جزئية في فرع أو عادة أو مظهر.

وقد قال الإمام الشاطبي:
البدعة ليست كلها في رتبة واحدة، كما أن المعاصي ليست في رتبة واحدة.

وقال النووي:
المبتدع العاصي لا يجعل شرا مطلقا من العاصي غير المبتدع، فإن في العاصي من الكبائر ما هو أعظم مفسدة.

فمن العدل في العلم ألا يُطلق الحكم بلا نظر في النية، والمآل، والمفسدة،
ومن الجهل أن تنكر “الذكر” وتتهاون في “الزنا”، و أن تحرم “المديح” وتجعله في مرتبة “القتل”، بل هو أشد من القتل عندك
لأن الاسم لا يغير الحقيقة، ولا يُبدل المآل.
ومجرد استحلال المعاصي والترويج لها بهذا الشكل
فهو بدعة شنيعة تغير في اصول الدين .

قال ابن حجر الهيتمي – وهو من أدق من ضبط هذا الباب –:

البدعة إن كانت مكفِّرة فهي أعظم من الكبائر، وإن كانت غير مكفرة فهي دونها، لأن الكبائر معلومة التحريم بخلاف البدع التي يقع فيها الجهل والتأويل.”

وهذا هو الميزان الفقهي الدقيق الذي ضيّعه المتفيقهون.

الخلاصة:

البدعة قد تُغفر لصاحبها الجاهل المتأوّل،
والمعصية قد تُغفر لصاحبها التائب الراجع،
أما العالم الذي يتخذ من الهوى دينا، ومن الجهل طريقا،
فلا تُغفر له بدعته ولا معصيته.

فليس المعيار في ميزان الشرع الاسم، بل النية والمفسدة والأثر.

ومن جعل من الذكر بدعة، ومن الفاحشة معصية “خفيفة”،
فقد عبد هواه من دون الله،

وسمّى اتباع الشيطان “اتباعا للسنة”!