حملة ممنهجة على القوة الروحية
24 أكتوبر، 2025
أخبار العالم الإسلامى

بقلم الشيخ: أيمن الصاوى
ما نشهده اليوم ليس مجرد خلاف حول المظاهر الدينية أو اختلاف في طرق التعبير عن المحبة، بل هو في جوهره حملة ممنهجة على القوة الروحية التي يمثلها الصوفي الحقيقي؛ ذلك المحب لله، ولرسوله ﷺ، ولأوليائه الصالحين، وأهل البيت الأطهار.
إن محبة هؤلاء في حقيقتها فضل من الله، كما قال تعالى: ﴿يُؤْتِي فَضْلَهُ مَن يَشَاءُ﴾ [الحديد: ٢١].
هذه المحبة ليست عاطفة سطحية، بل هي كرامة روحية واضحة لمن أكرمه الله بنورها، وهي التي تُبقي جذوة الإيمان حية في القلوب، وتربط الناس بميراث النبوة والرحمة.
وحدة الناس في ساحات المحبة : إذا تأملنا في مشاهد الموالد والاحتفالات بالصالحين، سنرى فيها تجلّيًا للوحدة الاجتماعية والروحية في أبهى صورها؛ حيث يجتمع الغني والفقير، الكبير والصغير، العالم وطالب العلم، والأمي البسيط، في صف واحد يلهجون بذكر الله، ويحيون تراث المحبةوهذا المشهد ببساطته وعمقه يُرعب من لا يريد لهذه الأمة أن تتوحد على الخير، فيسعى إلى أمرين:
1. إما السيطرة على هذا الجمع الشعبي وتصنيفه ضمن فئات أو أحزاب.
2. أو تفريقه وتشويهه باتهامات الشرك والبدعة والضلال.
غير أن هذا المسعى يصطدم بثبات المؤسسات الدينية الأصيلة، وعلى رأسها الأزهر الشريف، الذي كان وما زال حصن الاعتدال، وصوت الوسطية في وجه كل فكر متشدد.
محبة لا شرك: من يذهب إلى مولد الإمام الحسين أو أي ولي من أولياء الله، هو ذات الشخص الذي نصلي معه، ونتعامل ونتاجر معه، ونراه موحدًا يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله فكيف يصبح مشركًا لمجرد أنه ذهب محبًا؟ ولماذا نحمل الناس على سوء الظن، ونغفل أن المحبة في ذاتها عبادة قلبية عظيمة؟
إن ما يُثار من اتهامات بالشرك أو الكفر لا أصل له، فلو وُجدت بعض الممارسات الخاطئة، فهي قضايا فقهية تتعلق بالحلال والحرام، لا بالعقيدة والإيمان الدين ليس سيفًا يُشهر في وجه الناس، بل رحمة تهديهم، كما قال تعالى:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧].
عين الرحمة لا عين الاتهام : ما أحوجنا اليوم إلى أن ننظر إلى الناس بعين الرحمة لا بعين الانتقام، وأن نتوقف عن ترديد خطاب يفرق ولا يجمع، يشوه ولا يبني فعدو الأمة لا يريد سوى أن ننشر السلبيات ونترك الإيجابيات باسم “التحذير من البدع”، بينما الدين واضح، والنية بين العبد وربه.
وأخيرًا، نقولها بصدق:
من ذهب لخير، ربه يعلم نيته،
ومن ذهب لشر، ربه يحاسبه.
فالله وحده يعلم السر وأخفى،
ونسأله أن يحفظ هذه الأمة بنور المحبة،
وأن يهدي الجميع إلى سواء السبيل.