بقلم الاستاذ الدكتور: نعيم شرف ـ العميد السابق لكلية
الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر
الصدقة من أفضل أعمال الخير والبِرِّ والإحسان وأحبها إلى الله تعالى، ولقد أوجب سبحانه وتعالى الزكاة تعبدا له بمقدار مخصوص من الذهب والفضة والزروع والثمار وعروض التجارة وبهيمة الأنعام؛ وذلك بشروط محددة ولأصناف ثمانية منصوص عليها في القرآن الكريم، في قول الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم .
أما الصدقة فهي الإنفاق في سبيل الله تعالى من غير إيجاب أو مقدار محدد؛ تعبدا له، وتقربا إليه سبحانه وتعالى، ولفظ الصدقة أعم وأشمل من الزكاة، فكل زكاة صدقة، وليس كل صدقة زكاة.
وفي الصدقة دليل على صدق الإيمان بالله تعالى، واليقين بأنه وحده الرزاق لعباده، والصدقة تجارة مع الله تعالى، واقتراب منه جل وعز، وبها تورث المحبة والرحمة بين المسلمين، وتزداد البركة، وتنشرح الصدور، وتطمئن القلوب، وينتشر الخير، والسلام، وتقوى الروابط الإنسانية والاجتماعية، وفيها تطهير للنفس، وتزكية لها من البخل، والحقد، والحسد، والطمع؛ قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} صدق الله العظيم.
وفي الصدقة توسعة على الفقراء والمحتاجين، ووقاية من ذُلّ السؤال، ونزع لما قد يكون في صدورهم من غيرة وحقد وحسد على الأغنياء، لكن يجب أن نعلم أن صدقة السر أفضل عند الله ثم عند أهل العلم من صدقة العلانية؛ فمن السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه “رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه” الحديث، وثبت أيضا في الحديث الذي رواه الطبراني أن “صدقة السر تطفئ غضب الرب” فالأصل هو إخفاء الصدقة؛ لأنه أخشع لله، وأنفع للقلب، وأبعد للرياء.
أما إذا كان في الإعلان عن الصدقة مصلحة راجحة للإسلام بأن يكون لاقتداء المسلمين بالمزكي في إعطاء الصدقات لينتفع الفقراء، أو لجمع تبرعات لبناء مستشفى أو مدرسة أو مسجد أو ما إلى ذلك من وجوه الخير، فإن المقصود هنا لا يحصل إلا بالعلانية، ويكون هذا داخلا فيما رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : “من سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة”
فالصدقة ليست متاجرة بالفقراء والمرضى والمحتاجين، ولذلك أصدر فضيلة الإمام الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر تعليمات صريحة للحفاظ على كرامة المرضى ومستحقي الزكاة، وعدم تصويرهم بأي وسيلة كانت أثناء أخذ حقهم؛ لصون حيائهم، وحفظ كرامتهم..