مبحث بعنوان ( النبي واليقين وكيف غرسه في قلوب المؤمنين ) للشيخ : رضا الصعيدى


مبحث بعنوان ( النبي واليقين وكيف غرسه في قلوب المؤمنين )

للشيخ : رضا الصعيدى

العناصر :

ما معنى اليقين ؟
وما أهميته ؟
وكيف غرسه النبي الكريم في قلوب المؤمنين ؟
مع ذكر نماذج لأهل اليقين من الأنبياء والصحابة والسلف الصالح  ؟
وما الواجب علينا ؟

أيها الأخوة الكرام:  حديثنا اليوم عن موضوع تشتد الحاجة إليه في هذا الزمن، لأن هذا الزمن زمن الفتن التي يصبح فيها الحليم حيران والتي يمسي فيها الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل، فهذا الزمن أيها الأخوة تشتد فيه الحاجة إلى التمسك بالثوابت وهذا ما يُعبَّر عنه في القرآن الكريم وفي السنة الشريفة باليقين، فاليوم ما لم يُبْنَ الإيمان بناءً يقينياً لا ظنياً فإنه يمكن لشهوةٍ أو لشبهةٍ أن تنتزع الإنسان من دينه .

تعريف اليقين:

هو الاعتقاد الجازم بعلم وطمأنينة واستقرار نفس، بكل ما جاء في الكتاب والسنة عن الله -تعالى-، وعن دينه العظيم، قال ابن سعدي “اليقين هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل ” انتهى من “تفسير السعدي” ص(40)..

 واليقين شعبة من شعب الإيمان، وهو استقرار القلب وطمأنينته، وسكونه وراحته، وسلامته من الاضطرابات،  بل هو من أعلى درجات أعمال الجَنان، وصفة من صفات أهل التقوى والإحسان، فإذا باشر القلب اليقين امتلأ نورا، وانتفى عنه كل ريب وشك، وعوفي من أمراضه القاتلة، وامتلأ شكرا لله وذكرا ومحبة وخوفا، فحي عن بينة صار حيا عن بينة .

مستويات المعرفة في العقل البشري أو في المنطق :

هي خمسة؛ وهم، إنسان يقول: توهمت كذا، نسبة التوهم تصل إلى ثلاثين في المئة، فيقول: توهمت أنّ الأمر كذا..

فإذا وصل إلى الخمسين بالمئة فتساوى الطرفان فهذا اسمه شكٌّ، فيقول: أنا أشك، يعني عندي جانب العلم مساوٍ لجانب عدم العلم فأنا في الوسط تماماً، هذا اسمه شك..

 فإذا ارتقى إلى السبعين بالمئة فهذا اسمه ظن، فإذا ارتقى إلى التسعين بالمئة فهذا اسمه غلبة الظن..

 فغلبة الظن قد تصل إلى تسعين بالمئة، لكن اليقين هو المئة بالمئة، العلم اليقيني هو مئة بالمئة.

قال تعالى : فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ  ..(سورة الروم: الآية 60)..

ثمرات الوصول الى اليقين اليقين :

1-من صفات المتقين:

 وجعله صفة من صفات المتقين التي أوصلتهم إلى الهدى والفلاح من بين العاملين؛ فقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) [البقرة: 4- 5].

وفي مقابل الثناء على المؤمنين باليقين وصفَ الله المشركين وأهل الكتاب والمنافقين بضده ألا وهو الشك والتردد؛ فقال -تعالى-: (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) [الشورى: 14]، وقال في المنافقين: (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ)]التوبة:45[..

2-من صفات أهل الايمان والمبشرين بالجنة :

قال تعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا(سورة الحجرات: الآية 15)..وقوله : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) (إِنَّمَا): أداة حصرٍ وقصر ، (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا) الارتياب هو الشك وهو يعاكس اليقين (لَمْ يَرْتَابُوا). 

 

3-بلوغ الإمامة في الدين:

 قال -سبحانه وتعالى-: ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)[السجدة: 24].

4-سببٌ لانشراح الصدر:

 وعلاجِ النفس من الخوف والتوتّر، والقلق، والتردّد والحسد، والطمع والجبن، وغير ذلك؛ فيكون بذلك سببًا لثبات المسلم على الحقّ وصدوعِه به، وإقدامهِ عليه، وتضحيته من أجله.

كيف غرس النبي اليقين في قلوب المؤمنين ؟

1-علمهم أن اليقين أفضل ما أعطي العبد  وأفضل ما يطلبه :

خير ما يسأل العبد ويتمنى؛ فعن الحسن أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- خطب الناس؛ فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يا أيها الناس: إن الناس لم يعطوا في الدنيا خيرًا من اليقين والمعافاة، فسلوهما الله عز وجل”(رواه أحمد).

ويقول الحسن البصري: “ما طُلبت الجنة إلا باليقين، ولا هرب من النار إلا باليقين، ولا صبر على الحق إلا باليقين”..

ويقول النبي ﷺ لأبي هريرة كما في الصحيح:   يا أبا هريرة من لقيته يَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا فَبَشِّرْهُ بالجنَّةِ . (أخرجه مسلم).

2-نهاهم عن اتباع الريبة  :

وفي الحديث الحسن الذي رواه أحمد والدَّارمِيُّ في مُسْنَدَيْهِمَا، عن وَابِصَةَ بن مَعبدٍ – رضي الله عنه – قَالَ: أتَيْتُ رَسُول الله – صلّى الله عليه وسلّم -، فَقَالَ: ((جئتَ تَسْألُ عَنِ البِرِّ ؟)) [جئت تسأل عن معيار معرفة الأعمال الصالِحة؟] قُلْتُ : نَعَمْ، فَقَالَ: (( اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، البرُّ: مَا اطْمَأنَّت إِلَيْهِ النَّفسُ، وَاطْمأنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، وَالإثْمُ: مَا حَاكَ في النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإنْ أفْتَاكَ النَّاسُ وَأفْتُوكَ )). وإن أفتاك فُلانٌ وفُلان، وإن برَّرَ لك فلانٌ وفُلان، وإن أعطاك حبَّة فتوى مهدِّئةً لضميرك، استفت قلبك وإن أفتوك؟؟!..

3-أمرهم بالاستعاذة :

الانسان ضعيف الإيمان دائما ما يستلمه الشيطان بالهواجس ، والوساوس والاحزان بالافتراضات الوهمية و الخيالات المتشائمة فتصاب بعقد كثيرة من القلق و التوتر والضيق ، قال تعالى : (إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، وقال : (إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ…)، روى البخاري في كتاب الصلاة – باب الدعاء قبل السلام، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في الصلاة، “اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات. اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم. فقال قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف.

4-أمر بالتفكر :

فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لما نزلت هذه الآية ( إن في خلق السموات والأرض )على النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي، فأتاه بلال يؤذنه بالصلاة، فرآه يبكي فقال: يا رسول الله، أتبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر! فقال: يا بلال، أفلا أكون عبدًا شكورًا، ولقد أنزل الله عليَّ الليلة آية: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها) رواه ابن حبان في “صحيحه”.

5-ويغرس اليقين باحياء الأمل :

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “…  وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” ولقد جاء في الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه ( لو كان العُسْرُ في جُحرٍ لتَبِعَهُ اليُسْر، حتى يَدخُلَ فيه فَيُخْرِجَه، ولن يغلِبَ عُسرٌ يُسرَيْن) …

عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» ([1])

يا صاحب الْهَم إن الْهَم مُنفَرج ٌ    أبشر بخير فإن الفاتح اللــــهُ

والله مَالَك َغير الله من أحَد         ولا يُصيبُك إلا ما قَضَى اللــهُ

الْيأْسُ يقطعُ أحياناً بصاحبه       لا تيْأَسَن فإن الصانعَ اللـــــهُ

اللهُ لي عُدةٌ في كل نائبـــة       أقولُ في كُل حَال : حسبي َاللهُ

يقول الدكتور إبراهيم الفقي: أحياناً يَغلق الله سبحانه وتعالى أمامنا باباً لكي يفتح لنا باباً آخر أفضل منه، ولكن مُعظم الناس يضيع تركيزه ووقته وطاقته في النظر إلى الباب الذي أغلق، بدلاً من باب الأمل الذي انفتح أمامه على مصراعيه.

6-ويغرس اليقين بالدعوة الى المراقبة :

المراقبة هي النظر إلى الله في كل شيء، بأن تراقب الله في سرك وعلنك: (احفظ الله يحفظ، احفظ الله تجده تجاهك،….

7-ويغرس اليقين بالنهي عن الاستعجال:

لما جاءه خباب بن الأرت وكان النبي صلى الله عليه وسلم متوسداً بُردةً له في ظلال الكعبة، قال يا نبي الله: أَلا تَدْعُو لَنَا، أَلا تَسْتَنْصرُ لَنَا؟، فلعله صلى الله عليه وسلم قد لمح في كلامه أنه قد بدأ اليأس يدب إلى قلبه وبدأ اليقين يتزعزع، أنتم قد تقولون: أَلا تَدْعُو لَنَا؟ ندعو لك، والمكان جميل قريب من الكعبة موطن إجابة يارب انصرنا،فقال كما في رواية أبي عبدِاللَّهِ خَبَّابِ بْن الأَرتِّ الذي قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رسولِ اللَّهِ ﷺ وَهُو مُتَوسِّدٌ بُردةً لَهُ في ظلِّ الْكَعْبةِ، فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصرُ لَنَا أَلا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: قَد كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ لَهُ في الأَرْضِ فيجْعلُ فِيهَا، ثمَّ يُؤْتِى بالْمِنْشارِ فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجعلُ نصْفَيْن، ويُمْشطُ بِأَمْشاطِ الْحديدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلكَ عَنْ دِينِهِ، واللَّه ليتِمنَّ اللَّهُ هَذا الأَمْر حتَّى يسِير الرَّاكِبُ مِنْ صنْعاءَ إِلَى حَضْرمْوتَ لاَ يخافُ إِلاَّ اللهَ والذِّئْبَ عَلَى غنَمِهِ، ولكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ(رواه البخاري) .

8- ويغرس اليقين بثباته :

استحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكل مؤمن إذا وضع خده ليسلم نفسه للموتة الصغرى أن يقول الدعاء المأثور: اللهم إني أسلمت نفسي إليك، وألجأت ظهري إليك، وفوضت أمري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك.

وروى البخاري ومسلم: «أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أخبر: أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة وعلق بها سيفه، ونمنا نومة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: إن هذا اخترط علي سيفي، وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله، -ثلاثا- ولم يعاقبه وجلس». 

وصدق لما قال : واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» رواه الترمذي.

9-ويغرس اليقين بالدعاء :

فعن ابن عمر-رضي الله عنهما- قال: “قلما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: “اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا الحديث”(صحيح الترمذي).

ولابن أبي الدُّنيا من طِريق العلاء بن عُتْبة: أنَّ النبي ﷺ قال: (اللهمَّ إني أسألك إيمانًا تباشِر به قلْبي، ويَقينًا حتى أعلمَ أنه لا يمنعني رِزقًا قسمتَه لي، ورِضًا من المعيشة بما قسمتَ لي) [ص: ٢٥].

نماذج لأهل  اليقين :

يقين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:

 سيدنا محمد سيد المتيقنين صلى الله عليه وسلم، فلما كانا في الغار، قال يا رسول الله: لقد رأونا، في رواية، وفي رواية أخرى لو نظر أحدهم إلى موطئ قدميه لرآنا، فَقَالَ: “يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟”. (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا). هذا يقين، قمة اليقين.

يقين نوح عليه السلام عند رده على قومه :

قال تعالى : وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (39).

يقين إبراهيم عليه السلام:

لما ألقي في النار وجاء جبريل، أرسل الله أمين الوحي قال: ألك حاجة؟ المتردد على الألسنة قال: علمه بحالي يغني عن سؤالي، وهذا لم يرد في الصحيح، الذي ورد في الصحيح: قال:” حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ “، يقين وهو في النار.

يقين السيدة هاجر زوجة الخليل  :

لما قالت له: يا إبراهيم آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا، فلما جاءها الملك وهي تسعى بين الصفا والمروة في رواية حسنها أهل العلم، قال لها الملك: إن الله كافيكم، وإن الله لا يضيع أهله، إن الله لا يضيع أهله، وسيكفيكم.

موسى عليه السلام:

قال تعالى : فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (سورة الشعراء: الآية 61-62).

البحر من أمامكم والعدو من خلفكم فاحتمال النجاة أصبح صفراً بالمئة، فرعون يتبعه (قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) لأن (كَلَّا): أداة ردع وزجر، يعني هذا الكلام الذي تقولونه غير وارد نهائياً بقاموسي (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) من أين مدركون، لن يدركونا، وكان ما كان.

يقين السحرة بالله :

قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (سورة طه: الآية 72).

يقين حَيْوَة بن شريح :

 روى عن حَيْوَة بن شريح التجيبي، الفقيه، المحدث، الزاهد، وهو من رواة الحديث الثقات، كان يأخذ عطاءه في السنة ستين ديناراً، فلا يفارق ذلك المكان الذي أخذ فيه العطاء حتى يتصدق بها جميعاً، فكان إذا جاء إلى منزله وجد الستين ديناراً، تحت فراشة، فبلغ ذلك ابن عم له، فتصدق لعطائه جميعا أراد أن يفعل مثل حيوة، وجاء إلى تحت فراشه فلم يجد شيئاً! فذهب إلى حيوة وقال: أنا تصدقت بكل عطائي، ولم أجد تحت فراشي شيئاً، فقال له حيوة: أنا أعطيت ربي يقيناً، وأنت أعطيته تجربة. يعنى: أنت كنت تريد أن تجرب، وتختبر ربك، فتصدقت، لتنظر النتيجة، وأما أنا فأتصدق وأنا راسخ اليقين بما عند الله عز وجلّ من الجزاء والعوض. سير أعلام النبلاء 11/491.

قال الشاعر :

توكلت في رزقي على الله خالقي **** وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يكون من رزقي فليس يفوتني **** ولو كان في قاع البحار العوامق

يقين الصحابة  والسلف الصالح :

يقول أحدهم : ‘ رأيت الجنة والنار حقيقة ‘. فقيل له: كيف رأيتها حقيقة؟ قال: ‘ رأيتها بعينى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورؤيتي لها بعينه آثر عندي من رؤيتي لها بعيني؛ فإن بصري قد يطغى ويزيع بخلاف بصره صلى الله عليه وسلم ..’ .  

وهذا أيضا مما قاله عامر بن عبد القيس رحمه الله مبيناً الدرجة التي وصل إليها في هذا الباب يقول:’ لو كُشِف الغطاء ما ازددت يقيناً’. عنى بلغ في اليقين غايته يقول: لو رأيت الجنة والنار ما ازددت يقيناً.

 وهذه المرأة الصحابية من بنى عبد الدار من الأنصار رضى الله عنهم لما أُخبرت باستشهاد زوجها، وأخيها، وأبيها، ولم يبق لديها أحد، قالت: ماذا صنع رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: هو بخير، فقالت: كل مصيبة بعدك يا رسول الله جلل. يعني: أنها سهلة يسيرة، فقدت زوجها، وأباها، وأخاها، وتقول ذلك في حرارة المصيبة.

وكذلك أم حارثة التي قُتل ابنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي فَإِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ وَإِنْ تَكُنْ الْأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ: [وَيْحَكِ أَوَهَبِلْتِ أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ لَفِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ] رواه البخاري. فسكتت، وما بكت، وما جزعت، وما تحرك لها ساكن. فما الذي يجعل الإنسان يفعل هذه الأمور، ويصبر هذا الصبر الذي كان عليه السلف الصالح رضى الله عنهم؟ هو قوة اليقين بالله.

أنس بن النضر رضي الله عنه -وقد كان أعرجاً- ذهب إلى معركة أحد فقال له بعضهم: يا أنس إن الله قد عذرك: وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ [الفتح:17]، فقال: {والله لأطأن بعرجتي هذه الجنة، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: لقد رأيته في الجنة وما به عرج}، فيقينه في الجنة وهو في المعركة وقت المعمعة؛ حيث تخفق القلوب وترجف.

وها هو الصديق رضي الله عنه لما ارتدت العرب قاطبة وكان الموقف كما علمنا من عمر رضي الله عنه وبعض الصحابة، نجد اليقين عند أبي بكر يقيناً عجيباً جداً، حتى إنك تتعجب كيف أنفذ جيش أسامة إلى أقاصي الروم وقد ارتد أكثر العرب من حوله, وجيش أحد عشر لواءً يبعثها، كلاً منها يبعثه إلى ناحية من النواحي، ليعيدوا الناس إلى هذا الدين، فهذا يقين بأن الله سبحانه سينصر هذا الدين، وأن ما أخبر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حق، وأنه مهما كانت الهزة ومهما كانت الصدمة، فإن النصر والغلبة بإذن الله ستكون لهذا الدين.

  • خالد بن الوليد رضي الله عنه لما شرب السمّ بعد ذكر دعاء النبي ، وهذا يدخلنا إلى مدخل عظيم جداً وهو: أن اليقين كرامة عظيمة من الله -تبارك وتعالى- وأصحاب الكرامات الحقيقيون هم الموقنون، والقصة أنه لما انصرف من اليمامة ، ضرب عسكره على الجرعة التي بين الحيرة والنهر ، وتحصن منه أهل الحيرة في القصر الأبيض ، وقصر ابن بقيلة ، فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى نفذت ، ثم رموه بالخزف من آنيتهم ، فقال ضرار بن الأزور : ما لهم مكيدة أعظم مما ترى ، فبعث إليهم خالد رضي الله عنه أن ابعثوا إلي رجلًا من عقلائكم أسائله ويخبرني عنكم ، فبعثوا إليه عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة الغساني فكان كبيرًا في السن ، فأقبل يمشي إلى خالد ، وكان معه سُم ساعة يقلبه في يده .

فقال له خالد : ما هذا الذي معك ؟

فقال عبد المسيح : هذا سُم .

فقال خالد : وما تصنع به ؟

قال عبد المسيح : أتيتك فإن رأيت عندك ما يسرني وأهل بلدي حمدت الله ، وإن كانت الأخرى لم أكن أول من ساق إليهم ضيمًا وبلاء ، فآكله وأستريح ، وإنما بقي من عمري يسير .

فقال خالد : هاته ، فوضعه في يد خالد .

فقال خالد : بسم الله وبالله رب الأرض ورب السماء الذي لا يضر مع اسمه داء ، ثم أكله ، فتجلته غشية ، فضرب بذقنه على صدره ثم عرق وأفاق ، فرجع عبد المسيح ابن بقيلة إلى قومه ، فقال : جئت من عند شيطان أكل سم ساعة فلم يضره ، أخرجوهم عنكم ، فصالحوهم على مائة ألف ..

المصادر :
أحمد بن حنبل / فضائل الصحابة .
الطبراني / المعجم الكبير .

لما كان يوم بدر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض”، فقال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله: جنة عرضها السماوات والأرض؟! قال: “نعم”، قال: بخٍ بخٍ؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما يحملك على قولك: بخٍ بخٍ؟”، قال: لا والله يا رسول الله: إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال: “فإنك من أهلها”؛ فأخرج تمرات من قرنه؛ فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة. قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل”، قال -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ)]الحجرات: 15[.

وهذا الإمام البخاري:

 لما ابتُلى، وأوذي إيذاءً كثيراً -في القصة المعروفة- ماذا كان يُردد، ويقول؟ كان يردد ليلاً ونهاراً يقول: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ … [160]} [سورة آل عمران] . [نزهة الفضلاء 1019] . . فلم يذهب إلى أحد المخلوقين، فيشكو له فلاناً، أو فلاناً، ويطلب النصرة منه، وإنما كان يردد هذه الآية، وكان إذا قيل له: يقولون عنك كذا، وكذا؛ لا يزيد أن يقرأ آية من القرآن: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [173]} [سورة آل عمران] . يقولون: إنهم يكيدون لك كذا وكذا، فيقرأ: … وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ … [43]} [سورة فاطر].

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله-:

 يقول ابن القيم: سمعته قدس الله روحه يقول:’إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة’. يقول ابن القيم: وقال لي مرة:’ما يصنع أعدائي بي؟! إن جنتي وبستاني في صدري أنَّى رحتُ، فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خَلْوَة، وقتلى شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة’. وكان يقول في محبسه في القلعة:’لو بَذَلْتُ ملئ هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة، أو قال: ‘ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير ونحو هذا’. -نعمة السجن- التي أورثته خلوة بربه، فحصل له من الأمور التي تورثه .. وقال لابن القيم مرة:’المحبوس من حُبس قلبه عن ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه’. هذه حقيقة الأسر، فإذا كان الإنسان مأسور البدن إلا أن قلبه طليق مرتبط بالله عز وجل، فأي أسر مع هذا الاستشعار؟!

 كيف تعرف أن عندك يقينًا، وأنك متحل بهذه الصفة العظيمة؟

لأهل اليقين علامات يعرفون بها، ويشعرون بأنفسهم بقوة يقينهم وتميزهم عن غيرهم بهذه الصفة العظيمة، ومن تلك العلامات على سبيل الإجمال ما يلي:

-تعلق قلبك بالله تعالى وبيوته المساجد، وحرصك على إقامة الصلوات فيها وإحساسك بالراحة في المكث فيها.

-خوفك من الله تعالى وخشيتك من عذاب الله تعالى، وحذرك من الوقوع في المعاصي.. يقول الحسن البصري: “ما طُلبت الجنة إلا باليقين، ولا هرب من النار إلا باليقين، ولا صبر على الحق إلا باليقين”.

-قناعتك واطمئنانك بما رزقك الله تعالى، والحرص على شكر الله على نعمائه.

الواجب علينا لنصل الى درجة اليقين  :

1-الزم باب الله  يكفيك :

قال تعالى : أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (سورة الزمر: الآية 36).

2- النظر في سير الصالحين العارفين بالله تعالى: 

فإن مما يورث اليقين في القلب ويقويه أن ينظر المسلم في سير الصالحين من سلف هذه الأمة.

ومما ينبغي فهمه مع النظر في تقوية اليقين العلم بأنه لا يلزم من زيادة اليقين أن توجد للمرء كرامات من خوارق العادات، ولا أن يترك معه الأخذ بأسباب الرزق، فكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لهم كرامات وكانوا من أئمة الموقنين بالله تعالى.

3-مجالسة الصالحين:

إن مصاحبة الصالحين، وحضور مجالسهم، لها أثر كبير في تقوية اليقين بالله عز وجل؛ لأن الإنسان بطبعه يتأثر بمن حوله، ويتعلق قلبه بمن يُكثر من مصاحبتهم والجلوس إليهم؛ لذلك عندما تجالس الصالحين، فإنك تتأثر بهم، وتتعلم منهم.

واعلم أن الاختلاط بالناس لغير طاعة (كطلبِ رزقٍ، وصلاة جماعةٍ ودرسِ علمٍ ونحوِ ذلك…)_ مذموم ، وان كثرة الاختلاط بالناس (ونخصُّ منهم السفهاءُ والجُهلاء) تُفسِد القلب، وتُشتت الروح، وتنزعُ الأخلاق، وتضيعُ نفيس الأوقات، وبالذات في زمن الفتن والفساد، وفي هذا روى البخاري عن رسول الله أنَّه قال: “يأتي على الناس زمان تكون الغنم فيه خير مال المسلم، يَتْبَعُ بها سَعَفَ [أو شَعفَ] الجبال، ومواقِع القَطر [حيث ينزل المطرُ وينبت الكلأُ] ، يَفِرُّ بدينه من الفِتَن”. يَفِرُّ بدينه من مخالطة السفهاء الجهلاء، يفِرُّى بدينه من الفِتَن فيحقق راحة باله وهدوء نفسه.

4-اليقين في حال الدعاء :

فاليقين فيه أدب من آداب الدعاء، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه” رواه الترمذي، ومعنى اليقين في الدعاء أن نعتقد أن الله لا يخيب رجاءنا، وأنه يستجيب لنا لسعة كرمه وكمال قدرته.

5-كثرة النظر والبحث في دلائل عظمة الله:

 والنظر في شواهد التوحيد ودلائله الصحيحة الدالة على الوحدانية والملك والتدبير لهذا الكون لزيادة اليقين … ولقد خص  الله -سبحانه- خصَّ أهله بالانتفاع بالآيات والبراهين؛ فقال وهو أصدق القائلين: (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ)[الذاريات: 20].

وصدق من قال :       وفِي كلِّ شيءٍ لَهُ آية       ٌ تَدُلّ على أنّهُ واحِــــــــدُ.

ولَّما قسا قلبي، وضاقت مذاهبي**    جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِكَ سُلّمَا

تعاظمني ذنبي فلَّما قرنتهُ     **    بعفوكَ ربي كانَ عفوكَ أعظما

فَمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ    **    تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّة  وَتَكَرُّمَا

عَسَى مَنْ لَهُ الإِحْسَانُ يَغْفِرُ زَلَّتي    ويسترُ أوزاري وما قد تقدما

يقول الامام على رضى الله عنه:

إذا اشتملتْ على اليأس القلوبُ**** وَضَاْقَ بِمَا بِهِ الصَّدْرُ الرَّحِيْبُ

و أوطنت المكارهُ واستقرت ****وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الخُطُوْبُ

و لم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهاً**** و لا أغنى بحيلته الأريبُ

أتاك على قنوط منك غوث **** يمن به اللطيف المستجيب

وكل الحادثات إذا تناهت **** فموصول بها الفرج القريب

([1]) صحيح البخاري