
عدسة الاستاذ / احمد قناوى
تعليق الاستاذ / سيد حسن
فى عدد خاص بمجلة روح الاسلام
انتقلت كاميرا روح الاسلام الى مدينة اسيوط بوسط الصعيد لتنقل الى قرائها الكرام فاعليات احتفال الشعب الأسيوطى وغيره من مدن الصعيد وقراه ونجوعه ومن مختلف ربوع الجمهورية بذكرى مولد الشيخ الموسوعى العالم العلامة صاحب الكتب والمجلدات والموسوعات فى مختلف علوم الدين واللغة وفنونها.
أنه الامام الشيخ جلال الدين السيوطى ، حيث يقع ضريحه الشريف رضى الله عنه وارضاه فى قلب مدينة أسيوط وخاصة فى منطقة الميدوب الممتد من شارع المحطة.
وصف خاص للرحلة:
ينتقل أكثر المحبين والزوار والمريدين الى مدينة أسيوط لزيارة سيدى ولى الله الشيخ جلال الدين السيوطى عن طريق القطار السكك الحديدية ، فعندما تستقل القطار من أى ربع من ربوع الجمهورية سواء من اقاصى الصعيد او من أقاصى الدلتا فعليك أن تحرص على النزول فى محطة سكة حديد أسيوط ، وما أن تنزل من القطار فعليك أن تقصد البوابة الرئيسية للمحطة وسيكون فى مواجهتك شارع كبير يتعارف عليه الناس بشارع المحطة وتأخذ فى المشى لقرب المسافة جاعلاً باب محطة السكة الحديد خلف ظهرك حتى تنتهى بعد حوالى 400 متر الى ميدان الميدوب وهناك ترى على ناصية مسجد سيدى المجذوب وبه ضريحه رضى الله عنه ، وما أن تقرأ الفاتحة حتى تكمل فى امتداد شارع المحطة فى نفس اتجاهك ادخل درب ضيق ملئ بالباعة الجائلين ودكاكين الباعة وبها العديد من البضائع وبخاصة المفروشات ومستلزمات المطابخ وبعض المهن اليدوية وهذه المنطقة تسمى بمنطقة القيسارية .
تمشى فى هذا الشارع بحذر لشدة زحام الزوار وكذا لرواد هذا السوق من اهالى اسيوط ومجاوراتها لمسافة حوالى مائتى متر حتى تصل الى مبنى كازيون ثم تنحدر الى يسارك فى شارع ضيق حتى تصل الى مسجد وضريح سيدى جلال الدين السيوطى وهناك تقرأ الفاتحة.
وصف المسجد :
هو مسجد عتيق عبارة عن قبة على مكان الوضوء تحملهها ثمانية اعمدة رخمية مدون عليها آيات قرآنية وبداخل القبة مقام وضريح سيدى جلال الدين السيوطى وتلحق به مئذنة خضراء كبيرة ، ويرجع تاريخ بناء وانشاء المسجد الى عام 766 هجرى.
مولد سيدى جلال :
هلت علينا فى هذه الايام المباركة ذكرى مولد الشيخ جلال الدين السيوطى فى منتصف شهر سبتمبر من العام 2025 ميلادية ، وقد صادفت آخر ليلة فى مولد شيخنا الكبير رضى الله عنه وأرضاه يوم الخميس 18 سبتمبر من عام 2025 .
شارك العديد من الأهالى والمريدين والمحبين والزوار فى زيارة ضريح شيخنا السيوطى رضى الله عنه وارضاه واعمار مولده الشريف ، وكان زحام الزوار والرواد فى أشده فى الليلة الختامية للمولد الذى امتد حوالى اسبوع.
وشاركت العديد من الطرق الصوفية الاحتفال بذكرى مولده الشريف وكذلك لفيف من علماء الأزهر الشريف وشيوخ التصوف وابناء الطريق الصوفية ومريديها .
أعمر الحفل عدد كبير من فرق الإنشاد الصوفى والمنشدين والقراء لتلاوة آيات الذكر الحكيم ، وانشاد بعض التواشيح والقصائد الدينية ، وكان الجو مليئ بالروحانيات والمحبة والخشوع ودلالات الإيمان والحضور القلبى.
نبذة عن صاحب المولد والاحتفال سيدى جلال الدين السيوطى:
هو من أبرز علماء الاسلام فى التاريخ الاسلامى ، وهو أيضاً اهم عالم مسلم فى القرن التاسع الهجرى ، وهو صاحب مؤلفات ومصنفات كثيرة جداً فى مختلف العلوم ، ويصنف رضى الله عنه وارضاه بانه عالم موسوعى.
اسمه ونسبه :
ينتمي جلال الدين السُّيُوطي إلى أسرة تعود جذورها إلى شيخ من أهل الحقيقة والتصوف اسمه همام الدين الخضيري، نسبة إلى محلة الخضيرية في بغداد، بينما هو ذكر أنه أنصاري جعفري الأرومة وإن جده من أم شريفة النسب.
فهو سيدى جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين بكر بن عثمان بن محمد بن خضر بن أيوب بن محمد ابن الشيخ همام الدين الخضيري السُّيُوطي، المشهور باسم جلال الدين السُّيُوطي .
تاريخ ميلاده :
وُلِدَ سيدى جلال رضى الله عنه وارضاه فى مدينة القاهرة ابان حكم الدولة المملوكية فى عهد السلطان الملك الظاهر ابو سعيد سيف الدين جقمق بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب من عام 849 هـجرياً الموافق سبتمبر من عام 1445 ميلادية .
وكان يُلقب بـ (ابن الكتب) ؛ لأن أباه طلب من أمه أن تأتيه بكتاب، ففاجأها المخاض، فولدته وهي بين الكتب.
نشأته يتيماً وتعليمه:
رحل أبوه من أسيوط لدراسة العلم واسمه عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي، وكان سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه. وقد توفي والد السُّيُوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا، وأتجه إلى حفظ القرآن، فأتم حفظه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه وزادت معارفه.
وكان السُّيُوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم الكمال بن الهمام الحنفي أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة.
خلوته وتأليفه:
ولما بلغ أربعين سنة اعتزل الناس، وخلا بنفسه في روضة المقياس على النيل، منزويًا عن أصحابه جميعًا، كأنه لا يعرف أحدًا منهم، فألف أكثر كتبه. وكان الأغنياء والأمراء يزورونه ويعرضون عليه الأموال والهدايا فيردها. وطلبه السلطان مرارًا فلم يحضر إليه، وأرسل إليه هدايا فردَّها، وبقي على ذلك إلى أن توفي.
وقام برحلات علمية عديدة شملت بلاد الحجاز والشام واليمن والهند والمغرب الإسلامي. ثم دَّرس الحديث بالمدرسة الشيخونية. ثم تجرد للعبادة والتأليف عندما بلغ سن الأربعين.
أسرته :
تزوَّج امرأة اسمها غصون، توفيت في حياته، وله بنت، وله ابن اسمه محمد ولقبه ضياء الدين.
قال محمد آل رحاب في مقاله (هل تزوَّج الإمام السُّيُوطي؟ وهل وُلد له؟) “والذي يظهر أنه ابتُلِي رحمه الله بموت جميع أبنائه في حياته، ولم يُعْقِب، ولذا صنَّف عدة تصانيف في ثواب موت الأولاد، والحث على الصبر على تلك المصيبة والاحتساب”.
الامام السيوطى وأحداث زمانه الجسام:
1 ـ سقوط الخلافة العباسية :
في بغداد عام 656 هـ، الموافق عام 1258م في أيدي المغول وقتل الخليفة العباسي والعلماء والرعية.
2 ـ سقوط الاندلس:
في أقصى الغرب زالت دولة الإسلام بالأندلس بعد سقوط غرناطة عام 897 هـ، الموافق عام 1492م، ثم جاءت معها محاكم التفتيش لتقضي على البقية الباقية من المسلمين هناك.
شيوخه :
كان عمدة شيوخه (محيي الدين الكافيجي) الذي لازمه السُّيُوطي أربعة عشر عامًا كاملة وأخذ منه أغلب علمه، وأطلق عليه لقب أستاذ الوجود.
ومن شيوخه (شرف الدين المناوي) وأخذ عنه القرآن والفقه، و(تقي الدين الشبلي) وأخذ عنه الحديث أربع سنين فلما مات لزم (الكافيجي) أربعة عشر عامًا وأخذ عنه التفسير والأصول والعربية والمعاني.
وأخذ العلم أيضًا عن شيخ الحنفية (الأقصرائي) و(العز الحنبلي)، و(المرزباني) (وجلال الدين المحلي) و(تقي الدين الشمني) وغيرهم كثير، حيث أخذ علم الحديث فقط عن (150) شيخًا من النابهين في هذا العلم. ولم يقتصر تلقي السُّيُوطي على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيوخ من النساء اللاتي بلغن الغاية في العلم، منهن (آسية بنت جار الله بن صالح)، و(كمالية بنت محمد الهاشمية) و(أم هانئ بنت أبي الحسن الهرويني)، و(أم الفضل بنت محمد المقدسي) وغيرهن كثير.
رحلاته :
سافر السُّيُوطي العديد من الرحلات العلمية ليلتقي بكبار العلماء.
فسافر إلى عدد من الأقاليم في مصر كالفيوم ودمياط والمحلة وغيرها.
وسافر إلى بلاد الشام واليمن والهند والمغرب وتشاد ورحل إلى الحجاز وجاور بها سنة كاملة.
جلوسه للافتاء :
لما اكتملت أدوات السُّيُوطي جلس للإفتاء عام 871 هـ/1466 . وأملى الحديث في العام التالي. وكان واسع العلم غزير المعرفة.
يقول عن نفسه: (رُزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع)، بالإضافة إلى أصول الفقه والجدل. والقراءات التي تعلمها بنفسه، والطب، غير أنه لم يقترب من علمي الحساب والمنطق.
ويقول: (وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله، أقول ذلك تحدثًا بنعمة الله لا فخرًا، وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيلها في الفخر؟!).