بقلم الدكتور : محمد فهمي رشاد مدرس التفسير وأصول الفقه بجامعة القصر الدولية بدولة ليبيا
هناك بعض المعوقات أحالت دون قيام المرأة المسلمة بدورها كاملا داخل أسرتها منها :
أولا : بعض المسلمين انحرفوا عن تعاليم دينهم في معاملة النساء ، وشاعت ببنهم روايات وأحاديث موضوعة أعادت المرأة إلي الجهل الطامس ، وإلي العزلة والاستعباد ، فأعادتها إلي ما يقرب من الجاهلية الأولي حتي أصبح تعليم المرأة معصية ، وذهابها إلي المسجد محظورا ، ومشاركتها في مجالات المجتمع وانشغالها بحاضره ومستقبله شيئا منكرا .
يبين الشيخ محمد الغزالي مدى خطورة هذه الأحاديث الضعيفة علي العقول وأخذها حجة علي حبس المرأة ، ومنعها من المشاركة فيما أعطاها الله لها من حقوق ، ويضرب لذلك مثلا لذلك ما روي عن فاطمة بنت رسول الله ﷺ : إن المرأة لا تري أحد ولا يراها أحد ، وقد أقر النبي ﷺ ذلك ، وضم ابنته إلي صدره قائلا ” ذرية بعضها من بعض ”
قال الشيخ الغزالي رحمه الله معقبا علي الحديث : إنك تحكي حديثا منكرا لم يذكره كتاب من كتب السنن المعتمدة ، فهذا الحديث يخالف تواتر نص القرآن الكريم والأحاديث الصحاح ، وسيرة النبي ﷺ وخلفائه الراشدين .
فهؤلاء الوضاعون اختلقوا أحاديث تفرض الأمية علي النساء وصدقهم المخدوعون ، ومضوا في جهالتهم .
الثانية : أن هؤلاء لم يقفوا عند حد المتشابه من النصوص وترك المحكم ، بل استغلوا أحاديث صحيحة ووضعوها في غير موضعها ، واستغلوها في هضم حق المرأة .
فمثلا حديث ما ورد في الصحيحين : ” ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن فقيل : يا رسول الله ، ما نقصان عقلها ؟ قال: أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل؟ قيل : يا رسول الله ، ما نقصان دينها؟ قال : أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم” .
وهذا الحديث وردت عليه تفسيرات من العلماء منها : ما يرجع إلي المناسبة التي ورد فيها الحديث ، ومن وجه إليه الخطاب ،ومن حيث الصياغة التي صيغ بها الخطاب حتي يتبين دلالته علي معالم شخصية المرأة .
فمن المناسبة التي قيل فيها الحديث : عظة النبي ﷺ للنساء في يوم عيد ، فهل يحط النبي ﷺ من شأن النساء ، أو يحط من كرامتهن ، أو ينتقص من شخصيتهن في هذه المناسبة ؟
كان توجيه الخطاب لجماعة من نساء المدينة وأغلبهن من الأنصار اللائي قال فيهن عمر بن الخطاب رضى الله عنه فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب الأنصار ، وهذا يفسر لنا ما قاله الرسول ﷺ :” ما رأيت أذهب للب الرجل الحازم من احداكن ”
أما من حيث صياغة النص: فليست صيغة تقرير قاعدة أو حكم عام وإنما هي أقرب للتعبير عن تعجب رسول الله ﷺ من التناقض القائم في ظاهرة تغلب النساء – وفيهن ضعف – علي الرجال ذوى الحزم ، أي التعجب من حكمة الله : كيف وضع القوة حيث فطنة الضعف ، وأخرج الضعف من فطنة القوة .
ومن المعلوم أن قوله ﷺ ” ناقصات عقل ودين ” جاء مرة واحدة ، في مجال إثارة الانتباه والتمهيد اللطيف لعظة خاصة بالنساء ، ولم تأت في صيغة تقريرية سواء أمام النساء ، ام أمام الرجال .
أيضا حديث : شاوروهن وخالفوهن ” وهذا حديث لا أصل له ، وهو مخالف لما ورد في قوله تعالي ” فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما” [البقرة – ٢٣٣] .
اي تشاور الأب والأم عند فطام الطفل
كما أنه مخالف لما ثبت في صحيح السنة ومشاورة النبي ﷺ لزوجه أم سلمة رضي الله عنها في غزوة الحديبية ، وأخذه برأيها ، حتي لقبت بمستشارة النبي ﷺ فالواجب علينا بيان صحيح الإسلام ، والتمسك بهديه ﷺ ، لتصحيح مسار حياتنا في جميع المجالات خاصة الأسرة التي هي أساس المجتمع .