الروح سر الحياة وروح الاسلام اليسر والعفو والرحمة
10 سبتمبر، 2025
قبس من أنوار النبوة

بقلم الشيخ : كريم الجز التيجانى
وروح هذه الصفات وجوهرها القائم بها الممدوح بوصفها سيدنا محمد ﷺ وقال الله تعالى “وإنك لعلى خلق عظيم “لذلك من يتعرف على سيدنا محمد ﷺ لابد أن يتغير سلوكه وأخلاقه وتحل الرحمة والعفو والسماحة فى قلبه
وينشر البشارة واليسر فكل متشدد فى الدين مغلوب وفعله معطوب وليس له فى الحب نصيب ولا مكتوب خلق الله الخلق وبعث إليهم سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد ﷺ ليرحمهم ويكرمهم به ﷺ
ويا سعدنا وفرحنا به حين قال أنا حظكم من الأنبياء وأنتم حظى من الأمم .
وأهديكم بمناسبة الشهر الكريم ويوم المولد العظيم ما أنزله الله فى قلبى من معانى الرحمة ..
بسم الله الرحمن الرحيم
ومما ورد على قلوبنا لمحة ذوقية وكلمات عرفانية فى بعض أسرار الرحمة الإلهية من وحى الأيات القرانية فتدبر فيها على مهْلٍ و رويَّة وتقبلوها منا كـمِنحة وهديَّة والقول الميسور يجلب الرحمة للحضور حتى فى موطن الإعراض والنفور “وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلًا مَّيْسُورًا “
وكذلك الاسترجاع عند المصيبة والأزمة يستجلب الصلوات من الله والرحمة “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ “
وعند العلماء العارفين والعباد الصالحين فالرحمة أصل هذا الدين”فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا”
“وعند مخاطبة القوم إذا ألقوا عليك اللوم فعميت أبصارهم بالأمس واليوم فقل ” يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ “
ورحمة الله بعباده إذا مستهم الضراءأو كذبوا بخطاب الأنبياء واستحقوا الجزاء فقبل ان ينزل البلاء تصيبهم الرحمة والرجاء ولولا ذلك لهلكوا فى الحين “وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ . إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إلى حِينٍ
ولولا هذه الرحمة لأصاب الإنسانَ اليأس فى كل بأس “وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ “
فلا يمنعك الذنب من استشعار الرحمة والقرب بل استغفر الله وتب إنه هو الغفور الرحيم” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ
لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ “
والرحمة رجاء المؤمنين والمهاجرين والمجاهدين فى سبيل رب العالمين “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ “
والرحمة حصن حصين من مكر الشياطين ” وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا”
والرحمة تورث حسن الخطاب واللين للأحباب والشفقة بالناس أجمعين”فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
والرحمة هى الأجر العظيم ودرج التكريم وبها فضَّل الله المجاهدين على القاعدين “وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا “
والرحمة عند وجود الأعذار وتخفيف الأحكام عند الحكم بين الأنام “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ “
والرحمة دعاء المهتدين وهبة رب العالمين “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ “
والرحمة نور فى وجوه المؤمنين يوم تبيض وجوههم وتسود وجوه الكافرين “وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ “
والرحمة فضل الله على من شاء من عباده “يخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ “
والرحمة خاصة وعامة لها مظاهر فى الدنيا ومظاهر فى الاخرة وجوهر الرحمة رسول الله ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ “
“وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ “
وأصل الرحمة أن الله هو الرحمن الرحيم
“بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ . الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ . إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ . غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ
واذا تأملت وتدبرت ما سبق عرفت أن:
أكبر مظهر للرحمة فى الدنيا والآخرة هو قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ” وهذه الرحمة مخلوقة بإشارة الحديث ” إن الله خلق الرحمة مائة جزء … الخ” هذه الاجزاء المائة هى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول صلوات الله عليه ” إنما أنا رحمة مهداة ” فما بالك برحمة الله الرحمن الرحيم “سر الأسماء والصفات” وما بالك بالرحمة الذاتية وما أدراك ما الرحمة الذاتية ؟؟!!
ولكن هذه المسائل لا يشفى العليل فيها مجرد التنظير فهى من المسائل التى يجب أن تتذوقها بقلبك وروحك وهذا من باب الحقيقة أما من باب الشريعة فالأمر يدور بين الترغيب والترهيب لحفظ الشرع وتباين درجات ومقامات المؤمنين
ولولا الترغيب والترهيب لـبَطُلَت الشريعة واستهان بها أهلها قبل غيرهم ثم اعلم أن درجات الخطاب والفهم متفاوتة فتأمل فى القران الكريم هذه الدرجات ” أولى الألباب” “قوم يعلمون “
“قوم يعقلون””قوم يتفكرون ”
“قوم يفقهون” قوم يؤمنون ”
” قوم يوقنون ”
وغيرهم قيل فيهم ” لا يعلمون”
“لا يعقلون””لايفقهون””لا يؤمنون”
و النصيحة حاول أن تستنقذ الناس وتدعوهم إلى الله بكل بساطة ويسر وأدب بدل أن تهددهم وترعبهم بالنار أخبرهم عن الجنة وما يقرب إليها بل إن شئت قلت لك أخبرهم عن الله ورسوله وازرع الحب فى قلوبهم فهذا هو المقصود الذى يرضى به المعبود “حببوا الله إلى عباده يحببكم الله “
فاذا استقرت هذه المعانى فى قلبك تيقنت أن :
أول من تصيبه الرحمة هو أنت على قدر ما فيك من الرحمة فكيف تطلبها لنفسك وتمنعها عن غيرك فأحب لأخيك كما تحب لنفسك فالرحمة معنًى ولغةً وحقيقةً فوق إداركِك بل فوق إدارك العلماء والأولياء
كلٌّ يصيبهُ من مددها على قدر ما قسمه الله له ويبقى لنا الرحمن , من وسعت رحمته كل شئ وغلبت رحمتُه غضبَه فهو الرحمن تشمل رحمته العالمين وهو الرحيم عناية خاصة بالمؤمنين فإذا كان الله أرسل الرسل رحمة للخلق وأرسل سيدنا رسول الله رحمة للعالمين فما ظنكم برب العالمين .
وعن عمر بن الخطاب قال: قُدِم رسول الله ﷺ بسبي،فإذا امرأة من السبي تسعى، إذْ وجدت صبيًّا في السبي أخذتهة فألصقته ببطنها فأرضعته،فقال رسول الله ﷺ: أترون هذه المرأة طارحةً ولدها في النار؟،قلنا: لا والله، فقال: الله أرحم بعباده من هذه بولدها
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ:«الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ،ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ».
وصل اللهم على سيدنا محمد النبى الشافع والحبيب الجامع الرحمة المرسلة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما إلى يوم الدين .