تأملات على هامش الحضرة الصوفية

بقلم الدكتور الشيخ : محمد سعيد صبحي السلمو
( الأزهرى البابي الحلبي )

دعيتُ مرة إلى حضرة ذكر، وقلبي يشتاق دومًا لمجالس تُجلي الغفلة، وتغذي الأرواح، وتعيد ترتيب الداخل. وحين أحضرُ حضرة، فإنني أقف خاشعًا، متمايلًا بتؤدة، لا أزيد في الحركة، لأنني أرى أن المقصود هو الحضور مع الله، لا الحركات ذاتها.

في تلك الجلسة، كان الإخوة يتحركون بحماسة وحركة سريعة لا أقدرها ولا أراها تناسبني، ومع ذلك لا أنكر عليهم ما يفعلون ما دام نابعًا من وجد وخشوع. لكن ما أثار استغرابي هو أن ينادي شخص عليّ مرات لأقلد طريقته في الحركة!

رفقًا يا أحباب ، فالحضرة ليست طقسًا يُؤدى على نسق واحد، بل هي حالٌ يفيض في القلب، ويظهر على الجوارح بما يناسب صاحبها.

نصحتني بالحركة، وكنتُ أظنك غارقًا في الذكر، فإذا بك تراقبني! فأين الذكر؟ وأين الخشوع؟

التصوف الذي عرفناه، هو تربية، وسلوك، وعلم، وتزكية، أما الحضرة، فثمارُها إذا خلصت النية.
وليس التصوف ضجيجًا، ولا رياءً، ولا تصويرًا… بل هو سيرٌ إلى الله بخطى صامتة، وقلوبٍ دامعة.

ما أكثر ما نشعر بالغربة بين بعض من ظنوا أنهم على الطريق، وهم ما فهموا من التصوف إلا سطحه، وتركوا لبه.

اللهم ارزقنا صحبة الذاكرين بصدق، وأدب السالكين بحق، ونعوذ بك من الغفلة في مظنة الذكر.