( المريد وشيخه بين الحضور والغياب ) حوار خاص مع الدكتور محمد سالم الشافعى الأزهرى

إستكمالا لحوارنا مع الدكتور : محمد سالم الشافعى الأزهرى
أستاذ مساعد التاريخ والحضارة الإسلامية – جامعة الأزهر بالمنصورة
ومتابعة لسلسلة “عدة المريد فى السير إلى الله ”

س64 : وهل لمن لم يوفق بالسلوك على يد شيخ مربى نصيب من التصوف ؟

الجواب:

التصوف رياضة وسلوك قبل أن يكون طريقة وشيخ, وربما لا يوفق المحب التلقي عبر شيخ أو طريقة, ولكن لا يمنع هذا أن يكون للمحب النصيب الأوفى من التصوف كما سيأتي في النصائح التي سنقدمها إن شاء الله.

س65 : وهل محبة المشايخ كالشيخ الشعراوي من غير السالكين تبشر بالخير لدى المحب او تجعل له نصيب من التصوف؟

الجواب:

بالطبع المحب لمشايخ التصوف وأئمة الهدى له نصيب من الخير, وله البشر والسرور في دنياه واخرته, فالمرء مع من أحب

س66 : اذكر بعض النصائح لمن لم يوفق لمعرفة ومتابعة شيخ مربى ؟

الجواب:

الأصل أن يكون للسالك شيخ مربي, ولكن إن فقد العثور عليه لكثرة المشاغل, أو لبعد المسافات, أو ما شابه, فعليه أن يلزم ما يلي:

  • لزوم طريق الصالحين والبحث دوما عن رفقة صالحة تعينه على أمر دينه ودنياه
  • أن يلزم سماع الصالحين المشهود لهم بالعلم والزهد ولزوم الطريق القويم أمثال خواطر مولانا الشيخ الشعراوي أو أحاديث العلامة فضيلة الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود رحمه الله أو أحاديث وخواطر مولانا شيخ الأزهر  الدكتور أحمد الطيب, وغيرهم من أئمة الهدى والصلاح
  • أن يلزم قراءة كتب التصوف بشرط إجادة القراءة في تلك الكتب الرصينة, مثل كتب السلمي والقشيري والإمام الغزالي والجويني وابن عطاء الله السكندري وغيرهم من الأئمة والسادة
  • أن يلزم نفسه بورد يزيد بقدر قوته ونشاطه, فيبدأ ورده اليومي بقراءة شيء من كتاب الله ولو نصف حزب يوميا, ثم يتبعه بالصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو مائة مرة كل يوم, ثم يتعلم وردا من أوراد وأذكار الشاذلية مثلا ويلزم نفسه به, وسيجد في ذلك الخير الوفير
  • أن ينأى بنفسه عن سفاسف الأمور, وأن يشغل نفسه دوما بالمعالي, وأن يترك فضول الكلام فكلما زاد الصمت زاد الفهم
  • أن يجعل الله دوما نصب عينيه, ويجعله رقيبا عليه, وأن يجعل الأخرة مبتغاه والجنة بغيته ووجهته, ويعلم أن مهرها قيام الليل, ولزوم طريق المعرفة, والتنافس في الآخرة, وترك عرض الدنيا, ولزوم طريق الصالحين السالكين من السابقين واللاحقين من أهل المعرفة واليقين.

س : وهل يؤثر البعد الجسدي بين المرشد والمريد؟

الجواب:

بالطبع البعد الجسدي له عامل كبير, فكلما اقترب المريد من شيخه كلما زاد الأثر, لأن التعلم ليس محض قراءة أو معرفة من خلال المحاضرة والدرس, وإنما العلم بالتعلم بالمحاكاة, فكان الصحابة رضوان الله عليهم يقتفون أثر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي في أثر قدميه الشريفين يتعلمون منه كيف يأكل, كيف يشرب, كيف ينام, كيف يغضب, والمريد عليه أن يتعلم من شيخه حركاته وسكناته, وانفعالاته, يرى أكله ومشربه وساعات نومه وجده وهزله, فالعلاقة بين الشيخ والمريد أكبر من كونها علاقة تلميذ بأستاذه

س67 : يحرص المشايخ على الاستماع الى المشاكل التي قد تعترى السالكين في بداية سلوكهم طريق التصوف ؟ فهل على المريدين عرض تلك المشاكل على مشايخهم؟

الجواب:

الأصل ألا يكثر المريد على شيخه, ولا يحمله ما لا يستطيع, ولا يصدر له طاقته السلبية, وإن كانت العلاقة كما ذكرت قائمة على المودة والمحبة, وأن مؤسسات التصوف قديما كالخوانك والتكايا والربط والزوايا, هي في الأصل مؤسسات اجتماعية ترعي حال الفقراء, وتيسر لهم سبل العيش, وكان المشايخ كالشيخ الشاذلي والشيخ الجعفري وغيرهما يستمعان إلى مشاكل المحببين والمريدين, ويسهمان بنصيب كبير في حل تلك المشكلات, لكن الأصل كما ذكرت ألا يكثر المريد على شيخه.

يقول بعض العارفين:  يا غلام : إذا دخلت عندي فاطوِ عملك ورؤية نفسك . أدخل بلا شيء مفلساً

ولو فهم المريد حقيقة الإيمان وتربى تربية صحيحة, على عقيدة قوية, وإيمان راسخ, وتوبة نصوح, وعقل راشد, وقول سديد, لجعل الله له من كل عسر يسرا, ومن كل هم مخرجا, ومن كل ضيق فرجا