شفاء ورحمة للعالمين
23 يوليو، 2025
بناء وتنمية الذات

بقلم الدكتورة :بقلم : رانيا عبدالمولي- اخصائي الصحة النفسية والإرشاد واعظة بوزارة الأوقاف
بعض الناس في لحظات الحزن، والوحدة، والخنقة، والملل تلجأ لسماع الأغاني لتخفيف من حدة هذه المشاعر لدرجة تجعلهم يهجروا القرآن،
متناسين تماما أن الذي كتب كلمات هذه الأغاني هو شخص لديه نفس مشاعرهم ربما مر بنفس التجارب، أو فهمها من خلال الأخرين فلم يضيف إليك إلا آلم وحسرة واسترجاع لذكرياتك الحزينة، وتضخيم زائد لهذه المشاعر الكامنه داخلك.
إنما القرآن يرتقي بروحك بعيدا عن الشهوات وبعيدا عن الأحزان يمنحك العون والاستبشار بأن عوض الله قادم لا محال.
أري إن العيش بسعادة ما هو إلا العيش بالقرآن ومع القرآن فإن حزنت أو تعسرت انهض إلى مصحفك ورتل منه بعض الآيات لعل يأتيك من نوره نورا يجلي حزن قلبك ويمحي تشتتك ويعينك على تخطي عثراتك.
القرآن يروي عطش روحك بكلمات الحي القيوم ستجد في كل سورة ما يداوي الآمك وجروحك لا تنسي قوله سبحانه وتعالي {وننزل من القران ما فيه شفاء ورحمه للمؤمنين} شفاء ليس لجسدك فقط وإنما لروحك التي هي أصل لكل ألم بالجسد، ورحمة من الله تنجيك من عثراتك، من شهواتك، من كل سقوطا وإزلال؛ فلا تتخلى عن مصحفك فإن تخلي العالم بأثره عنك فانت في مأمن من الله.
ستشعر بأنك في مأمن من جميع الخلق ومن أحزان الفقد وهموم الحياة من جميع أنواع الابتلاء عندما تشعر بالأنس بالله وبكلام الله واللجوء إليه، عندما تشعر أنك لست بمفردك في هذه الحياة. طمئن قلبك كما طمئن حبيبنا ونبينا صلي الله عليه وسلم صديقه سيدنا ابي بكر وهما في طريقهم للهجرة فقال له (لا تحزن ان الله معنا) قلها لنفسك وانت في طريق هجرتك من الذنوب، والأحزان، والهموم، رتلها وأنت في طريق هجرتك من الضيق الي سعته ورحمته التي وسعت كل شيء.
رتل سورة طه وستدرك أن القرآن سر نجاتك.
رتل سورة النجم وستشعر بقدر نبيك وأن ما جاء به حق ، رتل الرحمٰن وستدرك أنه كل يوما هو في شأن سبحانه هو الذي يغير ولا يتغير،رتل القيامة وستدرك أنها قريبة وتأتي دون سابق إنذار فلابد أن تستعد.
وانتبه أيها المبتلى :
إن الابتلاءات تدل علي رحمة وعظمة الله وقدرته فحينما يختبرنا الله عز وجل يختبرنا ليرفع درجاتنا فالله عز وجل يغار علي العبد حينما ينغمس في الغفلة والضلال؛
والغفلة والضلال تكون بالعجب بالنفس والكبر والغرور بالطاعة، وربما تظهر في اقتراف الذنوب والبعد عن الله، ويمكن أن تكون بجحود النعمة وعدم شكر المنعم؛ فيبتلي العبد ليعلم أن لا مفر ولا ملجأ له إلا الله لينتبه لنعم الله عليه التي ربما إعتاد عليها أو نسي أنها من الله ونسبها لعلمه أو فهمه أو جماله ونسبه أو خشيته وورعه.
الابتلاء اختبار من الله ينبهك فيه أن لديك الكثير من الخلل والضعف ربما بإيمانك ربما بمعاملاتك مع الآخرين والسعيد من فهم المغزى وعمل علي إصلاح ذاته واخلاقياته.
ولهذا اقول بعض الابتلاءات تأتي لتربينا من جديد :
لتقوي ضعفنا لأن القوة لا تكون إلا بالله فلجوئك الي الله ومراقبته في السر والعلن هي ما تمنحك القوة الحقيقية.
لتقويم نفوسنا لأن من حسنت أخلاقه مع الله لابد وأن تتحسن معاملته مع الناس بتابعية ثم تتدرج الي الحيوان والجماد.
لتزيدنا نضجا وفهما لأن المواقف التي تمر علينا في لحظات الضعف تظهر لنا أشياء كثيرة لم نفهمها أو لم نراها وقت القوة؛ فالابتلاء مرحلة تعلم وفهم للحياة، وتزيدنا درجة ورفعة.