المقال الرابع من سلسلة ( سألت شيخى فقال : ) بقلم الكاتب والداعية الإسلامى الدكتور : رمضان البيه
عزيزي القارئ ما زال الحديث عن أسرار الله تعالى في مملكة الإنسان وكنا قد توقفنا في المقال السابق عند القلب ونتحدث في هذا اللقاء عن النفس استكمالا لحديث شيخي رحمه الله ..قال..أما عن النفس البشرية فهي من أعظم مظاهر طلاقة القدرة الإلهية وعظيم الإبداع الإلهي في عالم الخلق فقد جمع الله تعالى فيها كل الأضداد والقابلية لكلاهما .للخير والشر..للسمو والتدني.. للطاعة والمعصية..للنور والظلمة.
يقول سبحانه..ونفس وما سواها فألهمها فحورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها.. والنفس البشرية هي جوهر الذات الإنسانية وقد جعل لها الله سبحانه وتعالى سبع أوصاف كل صفة على الحالة التي عليها فإن كانت تميل إلى المعاصي والأهواء والشهوات فهي نفس أمارة وإم كانت تلوم على صاحبها وتؤنبه وتعاتبه فهي نفس لوامة وإن تساوى فيها الخير والشر فهي ملهمة وإن كانت طيبة مطيعة ذاكرة فهي نفس مطمئنة وإن كانت عابدة تقية زاهدة راضية بقسمة الله تعالى وقدره فهي نفس راضية ..وإن كانت مسلمة لله تعالى غير منازعة فهي نفس مرضية..وإن تحقق بالعبودية الخالصة لله فهي نفس كاملة .. إذا مراتب النفس البشرية السبع هي ..الأمارة واللوامة والملهمة والمطمئنة والراضية والمرضية والكاملة،هذا وللنفس البشرية صفات أربع وهي: أولا، الصفات السبعية، وهي التي تظهر عند ثورة الغضب والعداوة والبغضاء والتهجم على الناس بالضرب والشتم والعدوان عليهم والانتقام والتهور.
والصفة الثانية وهي الصفة البهيمية وهي المتعلقة بالغرائز والشهوات والتي تظهر في الشره والحرص والشبق وشهوة الطعام والشراب والنكاح وسائر الشهوات المعلوم منها والخفي.
والصفة الثالثة وهي الصفة الشيطانية وهي المتعلقة بالأنا والكبرياء والتجبر والاستعلاء والاستبداد بالأمور كلها، وحب الرياسة والتفرد بها والانسلاخ من ربقة العبودية وإطلاق العنان لهوى النفس، والاستغراق في الشهوات وادعاء التفرد والتميز بالعلم والطمع والاستيلاء بالقهر والقوة على ما لدى الغير، وحسد الغير والطمع فيما عنده وكذلك من مظاهرها الشر والكيد والمكر والخداع وقد يظهر الشر في معرض الخير..أي في صورة الخير.
وكل هذه الصفات من صفات الشيطان، والصفة الرابعة هي الصفة الربانية وهي الصفات التي منحها الله تعالى للإنسان من صفات ربوبيته عز وجل، والتي منها صفة العلم والسمع والبصر والقدرة والإرادة وغيرها من صفات ربوبيته سبحانه وتعالى، وتقع كلها تحت لوائها، وبها يعطى الإنسان الصلاحية لمهمة استخلافه في الأرض حتى يكون الإنسان فعالا في الأرض، وذلك لأنها من مقومات استخلافه في الأرض.
هذه هي الأوصاف الأربع الكامنة في النفس البشرية.. هذا وبالنسبة للأمراض المبطونة في النفس، والتي هي مناط الحجاب والبعد عن الله تعالى وسر وسبب شقاء الإنسان في الدنيا والآخرة، وإفساده في الأرض وعجزه عن أداء الأمانة التي حملها وكان لنفسه ظلوما جهولا..فهي أمراض كثيرة قد يجهلها الكثير من الناس، وذلك لكونها في باطن أنفسهم وليس لها أعراض ملموسة في الظاهر، ولعدم ورود إمدادات الإعانة الإلهية، والتي منها مدد أنوار الهداية والاستقامة، وذلك لابتعادهم عن منهج الله تعالى وهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وهجر سنته الرشيدة.
هذا ولا شك أن أمراض النفس البشرية هي سبب شقاء الإنسان وإفساده في الأرض، وربما تكون سبب دخوله النار ومقامه في العذاب في الآخرة.. ومن المعلوم أن أشد وأخطر آفات النفس وهي الأصل في جميع الآفات والأمراض العالقة بالقلب والنفس.. حب الدنيا فهي رأس كل خطيئة..
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: “لا يجتمع حبان في قلب العبد حب الله وحب الدنيا”.. ثم تأتي آفة الكبر والاستعلاء والعظمة وهي من الآفات والأمراض المهلكة وذلك لأن فيها منازعة للحق سبحانه وتعالى فهي صفات ذاتية خاصة به عز وجل..عزيزي القارئ نستكمل الحديث عن النفس في المقالات التالية بمشيئة الله تعالى.