الطالب المزيف والمريد المدعي


بقلم الشيخ : محمود البردويلي المالكي الأزهري

في زمانٍ غلب فيه تحصيل المعلومة على التخلق بالأدب، برزت ظاهرة الطالب الذي يحرص على جمع أقوال العلماء، ولا يُبالي بسلوك طريقهم، أو التأدب بآدابهم، فهو تلميذٌ “معلوماتي”، لا “تربوي”.

وقد أشار سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه إلى هذا المعنى بقوله:
“نحن نربي أبناءنا بالنظر، كما تربي السلحفاة أبناءها بالنظر إليها.”
فالمقصود أن التربية بالتأثير الخفي والمرافقة، أبلغ من مجرد التلقين والنقل.

وما أكثر من كان مشروعَ عالم، لكنه لم يسلك طريق الهداية، فحُجب عن أنوارها، وخُذل في أول الطريق.
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها؟
إن السفينة لا تجري على اليبس.

ومن كان همّه التقدّم على الأقران، والظهور بأجمل هيئة وأفخم لباس، فلن يُنتفع بعلمه، ولا يُقتدى به في حاله.

فالعلم لا يُورث العلو بالمظاهر، وإنما بالخشية والتواضع.

وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه:
“ما دخلتُ مجلسًا أريد أن أُظهر فيه شرفي، إلا افتُضِحت، وما تواضعتُ في مجلسٍ إلا رُفعتُ.”

وكما يُبتلى بعض طلاب العلم،يُبتلى بعض المريدين، فيظن أن التشبه بشيخه في لحيته أو لباسه أو صوته، هو عين السلوك، وغفل عن جوهر الطريق.

وليس التشبه بالرجال في المظاهر،بل في صدقهم، واجتهادهم، وخوفهم من الله.

فلا عمامة، ولا جُبّة، ولا عصا،هي سبب الفتح أو القبول، وإنما من أخلص لله، فتح الله عليه، ولو كان في ثوبٍ مرقع.

فليفتش كل واحد منا عن نفسه،ولا يغتر بزينة، ولا يفرح بصيت،فإن الله لا ينظر إلى صورنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا.