العلم نور يضيء الدروب


بقلم د/ عبدالفتاح سعيد وزير

الباحث بجامعة الأزهر الشريف

العِلم أفضلُ مطلوبٍ وطالبُه
مِن أكمل الناس ميزانًا ورُجحانَا

والعلم نورٌ فكُنْ بالعلم معتصمًا
إن رُمْتَ فوزًا لدى الرحمن مولانا

وَهْو النجاةُ وفيه الخيرُ أجمعُه
والجاهلون أخَفُّ الناس ميزانَا

والعِلمُ يرفَعُ بيتًا كان منخفضًا
والجَهْلُ يخفِضُه لو كان ما كانا

كما أن العلم والتعلم يحتل مكانة رفيعة في الإسلام، فهو من أعظم المقاصد التي دعا إليها الشرع، وأحد الركائز التي تقوم عليها نهضة الأمم ورُقيّ المجتمعات. وقد أولا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة عناية بالغة بطلب العلم، وجعلاه عبادة تُتقرب بها إلى الله، لما فيه من أثر عميق في تهذيب النفوس، وصلاح الأحوال، وبناء المجتمعات على أسس قويمة.

دعوة إلى المعرفة والتأمل

إن القرآن الكريم في أكثر من موضع  يحث على طلب العلم، ويدعو إلى التفكر في ملكوت السماوات والأرض، والتأمل في سنن الله في الكون. وكان أول ما نزل من الوحي الإلهي أمرًا بالقراءة، حيث قال الله تعالى:
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾

وهذا التوجيه الرباني يُبرز قيمة المعرفة منذ اللحظة الأولى لنزول الوحي، مؤكّدًا أن العلم هو المفتاح الأول لفهم الوجود والتقرب إلى الله عز وجل.

العِلْم بلَّغ قومًا ذِروةَ الشَّرفِ
وصاحبُ العِلمِ محفوظٌ مِن الخَرَفِ 

يا صاحبَ العِلمِ، مَهْلًا لا تُدنِّسُهُ
بالمُوبِقاتِ فما للعِلمِ مِن خَلَفِ 

العِلْم بلَّغ قومًا ذِروةَ الشَّرفِ
وصاحبُ العِلمِ محفوظٌ مِن الخَرَفِ 

يا صاحبَ العِلمِ، مَهْلًا لا تُدنِّسُهُ
بالمُوبِقاتِ فما للعِلمِ مِن خَلَفِ 

العِلْم بلَّغ قومًا ذِروةَ الشَّرفِ
وصاحبُ العِلمِ محفوظٌ مِن الخَرَفِ

يا صاحبَ العِلمِ، مَهْلًا لا تُدنِّسُهُ
بالمُوبِقاتِ فما للعِلمِ مِن خَلَفِ

كما رفع الله شأن العلماء، وميّزهم عن غيرهم، فقال الله تعالى:﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾

وأيضًا: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

فهذه الآيات توضح أن العلم هو طريق الخشية الحقة، وأن من يزداد علمه، تزداد معرفته بالله ومهابته لأوامره.

عبادة وميراث الأنبياء

أما السنة النبوية، فقد زخرت بالأحاديث التي تعلي من شأن العلم وأهله، وتربط بين طلب العلم ونيل رضا الله والخلود في جنات النعيم. قال النبي ﷺ:

“من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة” فالطريق إلى الجنة يبدأ بالعلم، لأنه ينير البصيرة ويقود إلى العمل الصالح.

كما جعل النبي ﷺ العلم من الأعمال التي لا ينقطع أجرها بعد وفاة الإنسان، فقال:

“إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له”

وفي هذا إشارة إلى أن تعليم العلم ونشره بين الناس يُعدّ من أفضل صور البذل الدائم والثواب المستمر.

واللافت في هدي النبي ﷺ، أنه لم يحصر العلم في الجانب الديني فقط، بل أثنى على كل علم نافع، سواء أكان شرعيًا أو دنيويًا، طالما أنه يخدم الإنسان ويسهم في بناء المجتمع.

بالعلم شُيّدت صروح الحضارة الإسلامية، ومنه أشرقت أنوارها على البشرية

لم يكن التقدير الإسلامي للعلم نظريًا فحسب، بل انعكس ذلك عمليًا في حضارة إسلامية أشرقت على العالم قرونًا طويلة. فكان المسلمون أوائل من ترجم علوم الأمم، وأضافوا إليها، وابتكروا في مجالات الطب، والرياضيات، والفلك، والهندسة، والفلسفة، وغيرها. وكان هذا الحراك العلمي العظيم سببًا في انتقال البشرية من عصور الظلام إلى عصور النهضة.

لقد كانت المساجد، والمدارس، وبيوت العلم في العالم الإسلامي منارات يُقصدها طلاب العلم من الشرق والغرب، مما يدل على أن الإسلام دين يدعو إلى العلم والتفوق، ويعتبر الإبداع والبحث من أعظم القربات.

إن العلم في الإسلام ليس ترفًا فكريًا، ولا وسيلة دنيوية محضة، بل هو عبادة ومسؤولية، ومنهج حياة. فهو النور الذي يهدي الإنسان إلى ربه، ويقوّمه في دنياه وآخرته. ومن هنا، فإن على كل مسلم ومسلمة أن يجتهد في طلب العلم النافع، والعمل به، وتعليمه، ليكون من صُنّاع الحضارة، وممن يعمرون الأرض بما يُرضي الله، ويحققون مراده منها.

فالقرآن والسنة لا يزالان يناديان:

“تعلموا… تفقهوا… تفكروا…”،

وهذا النداء لا يخص عصرًا دون آخر، بل هو صالح لكل زمان ومكان، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وما مِن كاتبٍ إلا سيفنى

ويبقى الدَّهرَ ما كتبَتْ يداه

فلا تكتُبْ بكفِّكَ غيرَ شيءٍ

يسُرُّكَ في القيامةِ أن تراه