فتيات لقمة العيش

بقلم الشيخ : أبو بكر الجندى

في صبحة يوم الجمعه 27/6/2025م تفجعت مصر كلها بحادث أليم مصرع 19 فتاه خرجن من بيوتهن في الصباح الباكر للعمل والتكسب والسعي على لقمة العيش ومساعدة آبائهم وأمهاتهم في ظل هذه الظروف الاقتصاديه الطاحنة، ولكن كان في استقبالهن القدر المفزع والمصاب العظيم فماتوا جميعا في حادث أليم.

والبنت الصالحة والمرأة الوفية تضرب أمثلة رائعة في الوقوف مع أبيها ومساعدة أسرتها مع أن عملها خارج منزلها ليس بواجب عليها، ونفقتها واجبة على أبيها، ولكن حينما تنصهر قلوب الأسرة مع بعضها فلا يبحث أحد عن حقوقه، بل كل منهم يبذل وقته وجهده وطاقته في مساعدة الآخر وإسعاده قدر الإمكان.
والملاحظ أن هؤلاء الفتيات أنهن خرجن للعمل حتى في يوم الجمعة في يوم الأجازة، وقدوتهن في ذلك هم الصحابة لذين كانوا يعملون حتى في يوم الجمعة حتى في يوم الأجازة حتى في ساعة الجمعة نفسها حتى نهاهم القرآن الكريم عن العمل في هذه الساعة، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}[الجمعة: 9، 10]، وبعد الصلاة مباشرة أمر الله تعالى بالسعي على لقمة العيش والعمل والتكسب.

وفي التضحية من أجل الأباء والأمهات يُحكى أن أحد الأباء الكرام كان عليه دَين، وفي يوم من الأيام جاءه صاحب الدين، وطرق عليه الباب، ففتح له أحد الأبناء، فاندفع الرجل على والده بدون سلام ولا كلام ولا احترام، وأمسك به، وقال له: سدِّد ما عليك من الديون؛ فقد طال صبري عليك، إما الدفع وإما الحبس، فقال الولد الشاب: كم هو المال الذي على والدي يا فلان؟ قال: أكثر من تسعين ألف ريال، فقال الابن: اترك والدي، وانتظرني قليلًا، فدخل الشاب غرفته وأخرج منها مبلغًا قدره سبعة وعشرون ألف ريال، كان قد جمعه من راتبه لأجل زواجه، ثم أقبل على الرجل وقال: هذه دفعة من دين والدي، وإن شاء الله أُسدِّد لك الباقي في أقرب وقت، فأخذ الرجل المال وانصرف، فاحتضن الشيخ ابنه وأجهش بالبكاء، وأخذ يقبله، ويقول له: أسأل الله أن يوفقك يا بني، وأن يرضى عنك، ويحقق لك كلَّ طموحاتِك في هذه الحياة.

وهناك فتيات ناقصات عقل ودين حقاً يبتذلن أنفسهن على مواقع التواصل للحصول على المال وأرباح المشاهدات، حتى ولو بإظهار مفاتنهن للشباب والرجال، ولا يبالين بما أخذن المال أمن الحلال أم من الحرام؟ وربما يسهرن طيلة الليل ولا يستيقظن إلا عصراً ولا يعرفن مسؤوليات داخل بيوتهن، ولا يعرفن الا المراسلات على المنصات وشاشات الهواتف، وفي أمثالهن يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}[البروج: 10]، كما قد ترى شبابا عاطلين لا يخرجن للعمل لمساعده أبائهم وأمهاتهم، ويتسكعون في الشوارع والطرقات ويطلبن النفقات من أبائهم وأمهاتهم بكل غلظة وقسوة فلا يرحمون الأباء ولا يرحمون الأمهات.

فرحم الله تعالى شهيدات لقمة العيش رحمة واسعة يااارب العالمين، فرغم صغر أعمارهن خرجن لتخفيف عبء الحياة عن ‌الآباء والأمهات وضربن مثلا عظيما في الرجولة والبطولة والشهامة و(الجدعنة).