فوض أمرك لله


بقلم أ . د / عبدالغنى الغريب
أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر

أفضل حل لمواجهة المنغصات التي تأتيك ليل نهار ممن حولك: كظم الغيظ وكتمه، وعدم الصراخ ، وإيثار الصمت ، وترك الأمر كله لله، فهو وحده الكفيل بالمخرج.

# يوسف عليه السلام لما سمع إخوانه يقولون عنه: ﴿ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْل) يوسف:٧٧.

ماذا فعل؟
آثر الصمت وكظم غيظه وكتمه ، وفوض الأمر لله: (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ﴾[ يوسف: ٧٧]

# يعقوب عليه السلام لما جاءه خبر اتهام ولده بالسرقة وأخبروه ،آثر الصمت وكتم الغيظ ﴿ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) [ يوسف: ٨٤].

وقال بعد أن فوض أمره لله: ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ). يوسف ٨٦.

# مريم عليها السلام التي أحصنت فرجها، لما اتُّهمت بالزنا، فوضت أمرها لله، وقال الله بحقها: (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [ مريم: ٢٦] آثرت الصمت ولم تنطق بكلمة.

# ولما قالوا: (يَٰٓأُخۡتَ هَٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءٖ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِيّٗا) مريم ٢٨. اكتفت بالإشارة وفقط. ﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ) مريم ٢٩.

# وحبيبكم صلى الله عليه وسلم فى حديث البراء بن عازب يقول: إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولَا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإنْ مُتَّ مِن لَيْلَتِكَ، فأنْتَ علَى الفِطْرَةِ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَتَكَلَّمُ بهِ. قالَ: فَرَدَّدْتُهَا علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، قُلتُ: ورَسولِكَ، قالَ: لَا، ونَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ.. البخارى.

# وعن معاذ بن أنس الجهنيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ كَظَمَ غَيْظـًا وَهُوَ قَـادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَـاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَـا شَـاءَ. رواه أبو داود والترمذي.

اللهم إنا فوضنا أمرنا كله إليك.. وتركنا حوائجنا كلها بين يديك..
فإنه لا يضيع عندك حق ولا يخيب لديك رجاء.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا