إشارات ومعاني في فاتحة الكتاب


بقلم الكاتب والمفكر الإسلامى

الدكتور : رمضان البيه

 

عزيزي القارئ ذكرنا في مقال سابق أن لآيات القرآن الكريم ظاهر وباطن ، وتفسير متعلق بظاهر النص وتأويل متعلق بباطن النص .

التفسير في الظاهر لعلماء الشريعة .

والتأويل في الباطن للأولياء وهم العباد الذين إصطفاهم عز وجل وخصهم بالإفاضات الإلهية والإشراقات الربانية وفتح على قلوبهم بأنوار العلوم اللدُنية تلك العلوم المفاضة من الله عز وجل إلهاما وهي التي أشار الحق سبحانه عليها في وصفه لسيدنا الخضر عليه السلام بقوله تعالى ” عبد من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما “

وأولياء الله تعالى أهل الإلهام والتأويل .

وإلى ذلك أشارالرسول الكريم صلى الله على حضرته وعلى آله وسلم بقوله ” إن من أمتي ( لمٌلهمين )  ، وفي رواية  ( لمٌحدّثين وإن عمر بن الخطاب لمنهم  ) . نسأل الله عز وجل أن نكون منهم .

عزيزي القارئ نشير في هذا المقال إلى بعض المعاني والإشارات الكامنة في فاتحة الكتاب وهو أعظم سور القرآنوهي الجامعة لآياته . يقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ” إن الله تعالى جمع القرآن في فاتحة الكتاب .

وجمع الفاتحة في البسملة وجعل السر في البسملة في نقطة الباء في كلمة ” بسم ” , وقبل أن نُشير إلى هذا السر الجامع لآيات القرآن ولعلومه وأسراره نتحدث أولا عن : بعض الإشارات في مجمل السورة ..

فاتحة الكتاب هي السورة الجامعة لكتاب الله تعالى وقرآنه ، فمن المعلوم أن آيات القرآن الكريم كلها تدور حول ثلاث هي ” ما يتعلق بالألوهية ، والدلالات على وجوده وتفرده بالإلوهية ، وما يتعلق بحضرة الربوبية وتفرده سبحانه بالخلق والإيجاد والموت والحياة وقيامه تعالى على بتدبير شئون العباد والبلاد وقيموميته سبحانه على ملكه وإحاطته بالكون بكل ما فيه .

ما يتعلق بالعبودية من عقائد وعبادات ومعاملات ” ، ففي قوله عز وجل ” الحمد لله ” الإشارة إلى الألوهية وإلى انه تبارك في علاه الإله الخالق سبحانه والواجد والمتفضل على العباد بنعمة الخلق والإيجاد والمتفضل أيضا بالنعم والإمداد ، وهو الذي إليه المرجع وبيده الحساب وهو تعالى المستحق وحده للحمد والثناء .. وفي قوله تعالى ” رب العالمين ” إشارة إلى حضرة الربوبية القائمة على أمر وشئون العباد والبلاد والخلائق والمتصرفة والفاعلة في الكون .. وفي قوله جل جلاله ” إياك نعبد وإياك نستعين إقرار بوجوده عز وجل ووحدانية والإقرار والإذعان له سبحانه بالعبودية وأنه صاحب المدد والإمداد و في آخر السورة إشارة بعد الإشارة إلى العبودية بما فيها من الإيمان والإقرار بوحدانية الله سبحانه وأنه صاحب المدد والإمداد والمستعان في كل الأمور والأحوال يأتي طلب الهداية والدخول في دائرة أهل الإنعام . وهم الذين أشار الحق سبحانه إليهم بقوله ” ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ” ..