علاقة فقه المقاصد بعلم الكلام الجديد


سلسلة : مقالات في الفقه الإسلامي المعاصر

بقلم الأستاذ : مهدى صالحى

 

تأسيسا على المقاربة الإصلاحية الحضارية التي أرساها الأفغاني عند اعتباره أنه”لاحجة مع بقاء التقليد” فإن تجاوز النزعة التقليدية هو من مقتضيات علم الكلام الجديد بما أنه يقوم على النسق الحجاجي الجدلي استنادا على الثوابت العقدية والتشريعية لمناشدة النهضة الإسلامية الفكرية والحضارية.

وهذا المطلب الفكري الحضاري يكون بتفعيل فقه المقاصد؛ففي الإبانة عن علل الشريعة وأصول العقيدة مهمة علمية هي من مباحث علم الكلام والحاصل أن الخطاب القرآني النبوي يشتمل على ضروب المحاججة العقلانية وطافح ببيان المقصد من كل حُكم عقائدي أوتشريعي.

وإنه في التظلّع في فقه المقاصد في العصر الراهن سبيل للإقناع باعتبارها منطق الشريعة ثم إن إدراك منطق النصوص وعللها لايتقنه إلافقيه حاذق ذوبصيرة نافذة تتملّك القدرة على دحض الشبهات بالبراهين النقلية والعقلية ذلك أن العقل ميزان صحيح وأحكامه يقينية -على حد قول ابن خلدون-ومن هنا فإن معرفة حقائق الغيب وتصديقها يكون بالتعاضد العضوي بين الاستدلال المنطقي العقلي والتعليل المقاصدي للنصوص وكلاهما جهد عقلي فقهي هدفه المنافحة عن الأصول العقدية والتشريعية الكلية والجزئية.

ومن هذا المنطلق ينبغي على العقل الفقهي المعاصر الدراية بقواعد علم الكلام وفنون الحجاج المنطقي كما على العقل الكلامي أن يتقن فقه المقاصد حتى يتلقّى العامة من المسلمين إسلاما حضاريا يجمع بين الأصالة والمعاصرة ، وهذا الاعتبار دافع إلى تأسيس عقل مقاصدي كلامي يعي مبدأ الوسطية وينبذ كل ظواهر الجمود والتطرف الفكري والسلوكي

ولعل مطلب التجديد الذي أناطه النبي عليه الصلاة والسلام بالعلماء هو مسؤولية علمية حضارية موكولة إلى “العقل المقاصدي الكلامي” والفصل بين العلمين له خطر بيّن وهو تشكيل هوّة بين أصول الإسلام وواقع المسلمين اليوم.