خطبة الجمعة القادمة (الاتحاد قوة)
إعداد الشيخ أحمد أبو اسلام
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
بتاريخ ٢٣/محرم١٤٤٧- ١٨/يوليو/ ٢٠٢٥
عناصر الخطبة
١) الاتحاد هو أساس كل تقدم
٢)الناس متساوون فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى
٣) العبادة في حد ذاتها مظهر من مظاهر الاتحاد
٤) تطبيق النبي لمبدأ الإخاء
٥) الأمور التي تهدد الوحدة
٦) نماذج من الاتحاد
٧) وجوب تحقيق الأخوة والاجتماع بين المسلمين
المقدمة
الحمد لله ألّف بالإسلام قلوب المؤمنين، وأوجب عليهم الاتحاد، وحرم عليهم التفرق في كتابه المبين، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا هو العزيز الحكيم، يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، خير داعٍ إلى الطريق القويم، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الذين صَفَتْ قلوبهم، واتحدت كلمتهم، والتقت أهدافهم في مصب واحد، وهو إعلاء كلمة الله، وعلى من تبعهم واقتفى آثارهم إلى يوم الدين، وسلم تسيلماً كثيراً.
أما بعد:
الاتحاد هو أساس كل تقدم
★أمة الإسلام: إن الاتحاد هو أساس السعادة، وعماد كل تقدم ورقي، فالصحابة رضوان الله عليهم ليسوا من صُلب واحد، ولا من أب وأم واحدة، إنهم من أقطار متفرقة، ولكن اجتمعوا تحت ظل “لا إله إلا الله، محمد رسول الله”، اجتمعوا على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
★والاتحاد قوة، والقوة تؤدي إلى النصر، والتفرق ضَعف، والضعف يحقِّق الهزيمة، والتاريخ خير شاهد على ذلك، اتحدَّ المسلمون في غزوة بدر، فانتصروا، واختلفوا في غزوة أُحد، فكان منهم مَن طلَب الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، ومنهم مَن طلب المال والعتاد، فخالفوا أمْر الرسول، فانهزَموا، وقد قال أحدهم: لماذا هُزِمنا وقد وعَدنا الله النصر؟ فأنزَل الله قوله موضِّحًا أسباب الهزيمة: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152].
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 102 – 103].
★وشرح هذا المعنى أحد الحكماء لأولاده؛ ليُلقنهم درسًا في الاتحاد، فقدم إليهم حُزمة من العصي قد اجتمعت عيدانها، فعجزوا عن كسْرها، فلما فُكَّ الرباط، وتفرَّقت الأعواد، تكسَّرت واحدًا واحدًا، وصور ذلك الشاعر العربي، فقال:
كُونُوا جميعًا يا بَنيّ إذا اعتَـــرى *** خَطْبٌ ولا تتفرَّقوا آحــــادَا
تأبَى العِصِيُّ إذا اجْتمعْنَ تكسُّـرًا *** وإذا افْتَرَقْنَ تكسَّرت أفْرادَا
الناس متساوون فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى
يا إخوة الإسلام:
★لم يكن للعرب قبل الإسلام دولة، فلا قانون يجمعهم ولا سلطان يحكمهم، ولا شريعة ترسم لهم طريق الحياة، إلى أن أذِن الله لهذا الظلام بالزوال، فأرسل رسولنا محمدًا – صلى الله عليه وسلم – إلى أهل مكة، فدعاهم إلى عبادة الله الواحد القهار، ونبَذ عبادة الأصنام والأوثان، لكن قريشًا كَبُر عليها الأمر، وتحكَّمت فيها العصبية الجاهلية، فلم يدخل في الدين الجديد إلا نفر قليل، فأذِن الله لرسوله بالهجرة إلى المدينة، وفيها تكوَّنت الدولة الإسلامية الأولى، واستمر الوحي الإلهي ينزل على رسولنا محمد، يوضِّح له قوام الدولة، ويحدِّد له أهدافها التي تُميزها عن غيرها في عقيدتها وفي مبادئها وسلوكها، ومعاملاتها وعاداتها.
فدعا البشرية جمعاء أن تتَّجه بالعبادة لله الواحد الأحد، الذي أنشأهم من نفس واحدة، وخلَقهم في أحسن تقويم، وكرَّمهم ورزقهم من الطيِّبات، وفضَّلهم على كثير ممن خلَق تفضيلاً.
دعاهم إلى الوحدة الإنسانية: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1].
★فالناس جميعًا متساوون في أصل الخلقة، لا فضْل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح.
فالوحدة الإسلامية لا تقوم على الجنس أو العنصر أو القبيلة؛ كما قال الحبيب محمد – صلى الله عليه وسلم -: «كلكم لآدمَ، وآدمُ من تراب» ، ولا نجد نداءً في القرآن خاصًا بالعرب، إنما النداء؛ إما بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} [البقرة: 21]، فيعم الإنسانية كلها، وإما بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104]، فيعم المؤمنين ويخصهم.
يقول الإمام الشافعي:
الناسُ من جِهة التِّمثالِ( يعني أن الناس جميعًا متساوون من حيث الأصل والتركيب الجسدي)أكْفـــاءُ
أَبوهمُ آدمُ والأُمُّ حــــــــــــــــوَّاءُ
فإنْ يَكُنْ لَهُمُ في أصْلِهم شَـرَفٌ
يُفاخِرون به فالطِّين والمَـــــــاءُ
العبادة في حد ذاتها مظهر من مظاهر الاتحاد
★فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، يجتمعون على عبادة إله واحد بيده الأمر وهو على كل شيء قدير: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103].
والعبادة في حد ذاتها مظهر من مظاهر الاتحاد والائتلاف بين الأمة الإسلامية، فالصلاة مثلاً تُنظم صفوفهم، وتوحِّد كلمتهم، وتَجمع شمْلهم، وقد صور ذلك عالم أوروبي فقال: “إذا نظَرت إلى العالم الإسلامي في ساعة الصلاة بعين طائرٍ في الفضاء، وقُدِّر لك أن تستوعب جميع أنحائه، بغض النظر عن خطوط الطول والعرض – لرأيت دوائر عديدة من المتعبدين تدور حول مركز واحد هو الكعبة، وتنتشر في ساحة تزداد قدرًا وحجمًا.
ثم إنهم في صلاتهم يناجون الله بهذه الصيغة الجماعية: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 5 – 7]، فالأمة الإسلامية أمة واحدة، ربهم واحد، ودينهم واحد، وكتابهم واحد، وقِبلتهم واحدة، وعبادتهم واحدة، وهدفهم واحد؛ {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِين} [الأنعام: 162- 163].
فالصلاة بذلك تعطي الأدب الوحدوي؛ فهي عبادة واحدة من أمة واحدة لربٍّ واحد؛ {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92].
تطبيق النبي لمبدأ الإخاء
★ولقد حضَّ الرسول – عليه الصلاة والسلام – على مبدأ الإخاء وإعلانه وتطبيقه منذ قَدِم المدينة؛ كما جاء في سيرة ابن هشام؛ حيث روى أن الرسول – عليه الصلاة والسلام – حينما قَدِم المدينة كتب كتابًا بين المؤمنين والمهاجرين مع أهل يثرب من المدينة، ومَن جاورهم من اليهود، جاء فيه: ((هذا كتاب من محمد النبي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب، ومَن معهم، فلَحِق بهم، فحلَّ معهم، وجاهَد معهم، إنهم أمة واحدة من دون الناس)).
وهذا أول دستور عرَفته البشرية يُحدِّد إقليم الدولة الإسلامية، وهو المدينة، ويحدد شعبها وهم المسلمون، والأقليات التي تعيش معهم، ويحدِّد دستورها، وهو كتاب الله وسُنة الرسول محمد.
والواجب على الأمة الإسلامية اليوم أن تتَّحد وتأتَلف، فالتاريخ يحذِّرنا، انظر إلى تاريخ الأندلس مثلاً التي نُلقِّبها الآن بالكنز المفقود، تفرَّق المسلمون، واتَّصلوا بأعدائهم المسيحيين في أوروبا، وكان المسيحيون يستجيبون لهم ويقتل المسلمون بعضهم بعضًا، وهم يقفون موقف المتفرج؛ لعل الأحداث الآن في الوطن العرب كما كانت سابقًا في الأندلس، فالأمة العربية الآن متناحرة، والأعداء حولها يقفون موقف المتفرِّج.
قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ترَكت فيكم ما إن تمسَّكتم به، لن تضلوا بعدي أبدًا، كتاب الله وسُنتي))، ((يد الله مع الجماعة، والشيطان مع مَن يخالف الجماعة».
الأمور التي تهدد الوحدة
★وكما كوَّن النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – الوحدة الإسلامية، حماها وحَفِظها من كل أمر يُهدِّدها، والأمور التي تهدِّد الوحدة ثلاثة:
أولها: العصبية، وقد نهى عنها الرسول محمد، فقال – عليه الصلاة والسلام -: «ليس منا مَن دعا إلى عصبية» ، والنهي عن العصبية لا يتضمَّن النهي عن حب الأوطان؛ فقد سُئِل – عليه الصلاة والسلام -: أمِن العصبية أن يحبَّ الرجل قومه؟ فقال – عليه الصلاة والسلام -: «إن العصبية أن يُعين قومه على الظلم».
وثانيها: منَع الرسول القتال بين المسلمين تحت أي لواء، فقال – عليه الصلاة والسلام -: «سِباب المسلم فُسوق، وقتاله كُفر» ويقول الحق: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9]، وحماها.
ثالثًا: بالشورى، فما كان يُقدِم على أمر إلا بعد المشورة؛ استجابة لقول الله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]، {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38].
نماذج من الاتحاد
حب الصحابة واتحادهم مع سيدنا النبي
★انظرو إلى الصحابة كيف كانوا يدافعون عن النبي صلى الله عليه وسلم وما كان يوجد هذا الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم الا بعد حبهم لبعضهم وتآلف قلوبهم قال تعالى : وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)
القول في تأويل قوله: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) }
★قال أبو جعفر: يريد جل ثناؤه بقوله: (وألف بين قلوبهم) ، وجمع بين قلوب المؤمنين من الأوس والخزرج، بعد التفرق والتشتت، على دينه الحق، فصيَّرهم به جميعًا بعد أن كانوا أشتاتًا، وإخوانًا بعد أن كانوا أعداء.
★وقوله: (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لو أنفقت، يا محمد، ما في الأرض جميعا من ذهب ووَرِق وعَرَض، ما جمعت أنت بين قلوبهم ، ولكن الله جمعها على الهدى فأتلفت واجتمعت، تقوية من الله لك وتأييدًا منه ومعونة على عدوك.
[تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (14 / 45):]
★وانظروا إلى ما صنعه سيدنا أبو بكر من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ورد في صحيح البخاري عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ المُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِفِنَاءِ الكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28] “
سيدنا ابراهيم وسيدنا اسماعيل
★ أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم -عليه السلام- ببناء الكعبة، فقام إبراهيم -عليه السلام- استجابة لأمر الله، وطلب من ابنه إسماعيل أن يساعده على تنفيذ هذا الأمر الإلهي، ويعينه في بناء الكعبة، فقال له: ((يا إسماعيل؛ إن الله أمرني بأمرٍ، قال: فاصنع ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتًا، وأشار إلى أكمةٍ مرتفعةٍ على ما حولها، قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء، جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127]، قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهمايقولان: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:127])),
سيدنا موسى وسيدنا هارون
★عندما أرسل الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام إلى فرعون وكلفه بأن يدعو فرعون إلى عبادة الله وحده، طلب موسى عليه السلام من ربه سبحانه وتعالى المعين والمساعد على هذا الأمر العظيم، فطلب منه أن يجعل له أخاه هارون معاوناً ومساعداً في دعوته فرعون، فقال: وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه:29 – 32] فقال الله له: قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه: 36]، وجعل هارون معاوناً ومساعداً لموسى عليه السلام في دعوته إلى الله، وآتاه النبوة استجابة لدعوة موسى، فباتحادهم وتعاونهم مكنهم الله من النصر على فرعون وجنوده .
اتحاد ذي القرنين مع أصحاب السد
★اذا أردنا العزة والتمكين والنصر والقوة لا بد من الاتحاد فانظروا إلى اتحاد ذي القرنين مع أصحاب السد :
(لقد مكن الله عز وجل لذي القرنين في الأرض، وآتاه من كل شيء سبباً، فتوفرت القدرة والسلطة، وتهيأت أمامه أسباب القوة والنفوذ التي لم تتوفر لكثير غيره .. وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا [الكهف:83 – 84]، ومع ذلك لم يستغن ذو القرنين عن معونة الآخرين حينما أراد أن يقوم بعمل كبير، وإنجاز عظيم: حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا [الكهف: 93 – 94]، فصارحهم ذو القرنين بأن مثل هذا العمل الضخم يحتاج إلى التعاون، ولا يتم دونه؛ فقال: مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا [الكهف: 95] … الآيات، فماذا كانت نتيجة هذا التعاون العظيم؟ كانت نتيجته إتمام عمل عظيم، سد منيع، لا يستطيع مهاجموه أن يعلو ظهره، ولا أن يحدثوا فيه خرقاً .. والدرس الذي نخرج به أن التعاون إذا أخلص له أهلوه، وبذلوا فيه بصدق ما استطاعوا حقق لهم من النتائج ما يكفي ويشفي).
وانظروا إلى تعاون النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ووقوفهم صفاً واحداً ضد أعدائهم ,وتعاون الصحابة رضي الله عنهم مع سيدنا النبي في حفر الخندق:
تعاون الصحابة وتكاتفهم في حفر الخندق
★- ينقل لنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه صورة من تعاون الصحابة وتكاتفهم في حفر الخندق، فيقول: ((جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة، وينقلون التراب على متونهم، ويقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا … على الإسلام ما بقينا أبدا
والنبي صلى الله عليه وسلم يجيبهم ويقول:
اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة … فبارك في الأنصار والمهاجرة)).
وجوب تحقيق الأخوة والاجتماع بين المسلمين
★حث الإسلام على الاجتماع ونهى عن الافتراق، وحث على الائتلاف وحذر من الاختلاف، وذلك أن المسلمين كلما كانوا مجتمعين، وكلما كانت كلمتهم واحدة؛ كان نفوذ كلمتهم أقوى من غيرهم ممن خالفهم، وكلما تفرقت كلمتهم وتشتت أهواؤهم، واختلفت آراؤهم، ضعفت معنويتهم، وقوي عليهم أعداؤهم، فلأجل ذلك جاء الإسلام يحث على الاجتماع، قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103] فأمر بالاجتماع، ونهى عن التفرق، والتفرق يعم تفرق الأبدان وتفرق الأهواء والآراء والمذاهب والشيع والفرق والأحزاب، يعم ذلك كله، ويقول تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران:105] (تَفَرَّقُوا) أي: تفرقت كلمتهم، (وَاخْتَلَفُوا) أي: اختلفت آراؤهم، واختلفت أهواؤهم، وقد امتن الله تعالى على المؤمنين بأن جمعهم على كلمة التوحيد، وألف بين قلوبهم، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال:62-63] أي: جمع بينهم، ورزقهم المحبة والألفة، بحيث إن بعضهم يؤثر أخاه المسلم على نفسه، وعلى ولده، وعلى أحبابه وأحفاده وأنسابه وأقربائه، وذلك لما في قلبه من الود والرحمة للمسلمين عموماً.
ولا شك أن هذه الأوصاف كلما تأكدت وقويت وثبتت كان المسلم مؤثراً لإخوته، ومقدماً لهم، ومحباً لهم غاية الحب، ومقدماً لمصالحهم، وإذا كانوا مجتمعةً كلمتُهم، ومتآلفين على كلمة التقوى؛ نتج من ذلك تعاونهم على البر والتقوى، وتعاونهم على تنفيذ كلمة الله، وعلى إظهار شعائر دينه، وكلما كانوا كذلك ضعف أعداؤهم وتخاذلوا وتفرقوا، وحصل النصر والتمكين للمؤمنين، والتفرق والانهيار للأعداء وهذه سنة الله.[ شرح الطحاوية لابن جبرين:]
★أحبتي في الله التوحد وعدم التفرقة يؤدي إلى القوة وإضعاف العدو اياًكان قوته وإمكانة كما أن التوحد يؤدي إلى الإستقرار السياسي والإجتماعي الذي يكون معه النمو الإقتصاد ي ولا بد وأن يكون الإتحاد بين أبناء الدوله الواحدة وبين الدول والشعوب العربية والإسلامية ولا بد من توحد الشعب المصري خلف رئيسه وجيشه وشرطته حتي نصل إلى بر الأمان وكذلك كل الشعوب والدول العربية خلف رؤسائها تحت ظل راية العروبة والإسلام فلا بد من تكاتف الجميع وتناسي الخلافات للحفاظ على المقدسات الإسلامية والعربية والمحافظة على المسجد الاقصى والقدس ولن يتم ذالك إلا بالإتحاد
اللهم الف بين القلوب
الدعاء
أقم الصلاة