أحسن الاختيار فإن الزواج إمّا جنة أو بلاء
13 يوليو، 2025
بناء الأسرة والمجتمع

بقلم الشيخ : عبده الأزهرى – من علماء الأزهر والأوقاف
( استشارى العلاقات الإنسانية والارشاد الأسرى )
الزواج في الإسلام ليس مجرد عقد بين رجل وامرأة، بل هو ميثاق غليظ، وسُنة نبوية، وأساس لبناء أُسرة صالحة ومجتمع نقي. ولهذا، أولاك الشرع الحكيم أهمية كبرى لاختيار الشريك، لأن هذا القرار يترتب عليه سعادة في الدنيا، وأثر في الدين، وحتى حساب في الآخرة.
أولًا: الاختيار عبادة.. لا عاطفة عابرة
قال النبي ﷺ:
“تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”
(رواه البخاري ومسلم)
وكذلك قال ﷺ في الرجل:
“إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”
(رواه الترمذي)
فأصل الاختيار ليس في المظهر أو المال فقط، بل في الدين والخلق. فهما الضمان الحقيقي لحسن العشرة، وصلاح البيت، وتربية الأبناء.
ثانيًا: الأخلاق معيار النجاة
الشريك الذي لا يحترمك، ولا يصدق في كلامه، ولا يصونك في غيبتك، لن ينفعك لا بجماله ولا بماله.
لكن من يخاف الله فيك، ويراعي الله في تصرفاته، هو من يمكن الاعتماد عليه في أيام الشدة قبل الرخاء.
والأخلاق لا تُظهرها كلمات، بل مواقف. فابحث عن من يتحلى بالحلم، والصبر، والتواضع، والوفاء، والحياء. هذه صفات لا تُشترى ولا تُزيَّف.
ثالثًا: الزواج رزق واختبار
قال الله تعالى:
“ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”
(الروم: 21)
فالمودة والرحمة لا تأتي بالمظهر ولا بالكلمات، بل بحُسن العِشرة والتقوى. والزوج الصالح أو الزوجة الصالحة نعمة عظيمة من الله، لكن في المقابل هي أمانة ومسؤولية، وسيُسأل كل طرف عنها يوم القيامة.
رابعًا: لا تنخدع بالبريق المؤقت
قد تُعجب بجمال أو أسلوب، لكنها قشرة قد تخفي خواء داخليًا. وقد تعجبين بكلام رجل، وهو في باطنه لا يصلح أن يكون أبًا أو قدوة.
الدين يعلّمنا أن الجوهر أولى من المظهر، وأن الحياة الطيبة لا تُبنى على إعجاب، بل على تقوى وتفاهم وتحمّل مشترك.
خامسًا: حسن النية والاستخارة
من يبتغي بالزواج وجه الله، ويرجو به إعفاف النفس، وتكوين بيت مسلم، فإن الله يوفقه ويبارك له.
فاجعل نيتك لله، واستخر ربك بقلب خاشع، واستشر أهل الدين والعقل. فإن كان في الأمر خير، يسّره الله، وإن لم يكن، صرفه عنك برحمته.
ختامًا:
أحسن الاختيار، فإن الزواج إمّا جنة تسكن فيها، أو بلاء يُطيل عُمرك حزنًا.
اختر من يعينك على طاعة الله، لا من يُبعدك عنها.
اختر من يزيدك أدبًا وحياءً وإيمانًا، لا من يجذبك إلى الغفلة والندم.
فالزوج أو الزوجة الصالحة لا تُقدّر بثمن، فهما عون في الدنيا، وذخر في الآخرة