عبادة إبليس المزيَّفة وسقوط الإخلاص

بقلم الدكتور : عبد الهادى النجار

سلسلة الشيطان والإنسان :

الحمد لله العلي العظيم القادر المقتدر القديرالذي امره بين الكاف والنون فاذا اراد شيئا قال له كن فيكونواشهد ان لا اله الا الله الملك الحق المبين وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قديرواشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله الذى

اذا سالت عن رائحته صلى الله عليه وسلم ..فاسأل العطره وشذاه
واذا اردت ان تسال عن بهيه طلعته.. فسأل الصبح وضحاه
واذا اردت ان تسال عن تبتله وسكينته.. فسال الليل وتجاه
واذا اردت ان تسال عن شموخه وعصمته.. فسال النخلة ونواه
وان اردت ان تسال عن عنايته ورعايته ..فسل ذراع الشاه
وان اردت ان تسال عن الارض قالت ..ما وطاني احد مثلما وطئتني قدماه
ولو سالت عن السماء قالت ..ما استمع ندائي احد كما استمعت الي اذناه
ولو سالت عنه الله لخاطبك لسان الاحديه ممزوجا بالحقيقه المحمديه:
قائلا كفاه وكفاه وكفاه المن صلى عليه صلى عليه
الاله اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى اله عدد كمال الله وكما يليق بكماله سيدنا محمد بشر لا كالبشر بل هو يقوت بين الحجراما بعد :

نكمل سويا باذن الله تعالى مقالات حول سلسله الشيطان والانسان وكان عنوان المقال السابق من تلك السلسله من هو الشيطان لذلك نكمل ذلك من خلال تبيين عباده الشيطان لله عز وجل المزيفه وكان الانسان او ادم عليه السلام على وجه الخصوص هو السبب في كشف تلك العباده المزيفه المصطنعه من قبل ابليس لذلك كانت العداوه بين الشيطان والانسان او ابليس وبني ادم على الخصوص

ان ابليس بعد ما اخذ للعيش في وسط الملائكه بعدما قامت الملائكه من خلال امر الله عز وجل بتدمير الجن الذين فسقوا في الارض وسعوا في فسادها وخرابها قام ابليس بعد ان ترعرع في وسط الملائكه واصبح مكلف بمناط التكليف وهو افعل او لا تفعل

فعبد ابليس الله عز وجل عباده كانت هي من اشد العبادات حيث اصبح لابليس عباده في كل مكان في السماوات وفي الارض فقد ترك شهواته وملذاته وتفانا في العباده لله عز وجل

ولكن تلك العباده لم تكن خالصه لوجه الله عز وجل ولكن ظاهرها ذلك وباطنها تحتوي على غير ذلك فاصبحت عباده مزيفه ليس فيها اخلاص لان الاصل في جميع العبادات التي يقوم بها اي مخلوق اتجاه الخالق سبحانه وتعالى لابد ان تقوم على الاخلاص لان العباده لله بدون اخلاص فهي عباده مزيفه ليس للمخلوق اجرا منها فعباده الله عز وجل لابد ان تكون قائمه على الاخلاص

وهذا الاخلاص سر بين العبد وربه حيث يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : الاخلاص سر من اسراري استودعه قلب من احب من عبادي لا يطلع عليه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده

لذلك نجد ان الله عز وجل اطلع بعلمه في ابليس فلم يجد أن عبادته لله سبحانه وتعالى خالصه لوجه الله عز وجل انما يفعلها ويعملها ابليس حتى يصبح عزيزا ويكون له مكان بين الملائكه وهذا الامر لا يريده الله عز وجل من اي عبد من عباده سواء كان ابليس او غيره من خلقه

لهذا كان لابد من اقامه الحجه الظاهره للملائكه على ابليس حتى تظهر عبادته المزيفه لله عز وجل ولذلك كان من اهداف خلق ادم عليه السلام تبيين مدى طاعه الله عز وجل او عصيانه وهل هي قائمه على الاخلاص ام الزيف

حيث نجد ان الله عز وجل قال في قرانه ( واذ قال ربك للملائكه اني جاعل في الارض خليفه قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون) الايه ٣٠ من سورة البقرة

فهنا تدل الايه على ان الله عز وجل يجعل له خليفه وهو ادم عليه السلام الذي يعلم الله بعلمه انه سوف يكشف الحقائق لهم جميعا كمخلوقين

لذلك لما خلق الله ادم ستون ذراعا وطرحه في طينته جسدا منبطحا ليس فيه روح بعد فظل ابليس يدخل في ذلك الجسد ويخرج منه ويتساءل عن ذلك الخلق الجديد الذي اقر خلقه الله عز وجل

وكيف يتعامل معه فقد تعامل مع الملائكه وترك كل شهواته زيفا حتى يصبح له مكان في وسط الملائكه

فكيف التعامل مع هذا المخلوق فكان من الله عز وجل النفخ في ادم عليه السلام من روحه وامر كلا من الملائكه وابليس بالسجود له فما كان الا طاعه من الملائكه فسجدوا

وما كان الا عصيان من ابليس فلم يسجد وهنا رسب ابليس في الاختبار الحقيقي الذي وضع فيه من قبل الله عز وجل في عبادته

وهنا ظهر ابليس على حقيقته بالنسبه للخلق اجمعين وللملائكه خاصه حتى تقع عليه الحجه في عذاب الله له وطرده من رحمته

والقران يقص علينا ذلك من خلال اياته الكريمه فيقول الله عز وجل: واذ قلنا للملائكه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين) الايه 34 من سوره البقره

وهنا الايه توضح بدايه كفر ابليس وعدم تنفيذ اوامر الله عز وجل فلم يسجد لادم عليه السلام ولم ينفذ امر الله عز وجل حيث نجد ان الله عز وجل تحدث عن ذلك ايضا في سوره الكهف في الايه خمسون حيث يقول الله عز وجل
( فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه) الكهف الايه 50

ثم كان الخطاب الالهي لابليس بعد ذلك في سوره الاعراف( قال ما منعك الا تسجد اذ امرتك قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )

وقال له ايضا الله عز وجل:( قال يا ابليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي استكبرت ام كنت من العالمين ) سوره ص الايه 75

وهنا سال الله عز وجل عن السبب الذي جعل ابليس لا ينفذ امر الله ويعصي ويكفر بامر الله عز وجل وهنا نجد امرا عظيما الا وهو عدل الله المطلق حيث رغم عصيانه ولم ينفذ الامر الا ان الله عز وجل سمح له ان يقول ويوضح سبب عدم تنفيذ امره سبحانه وتعالى

وبعد ان اعطى مبرره وهو ان الله عز وجل خلقه من نار وخلق ادم من طين وبالتالي هو يرى انه افضل من ادم ويظهر هنا الكبر والتكبر الذي عليه ابليس وانه لبس ثوبا ليس ثوبه وهو ثوب الكبر حيث ان الكبر رداء الله عز وجل لا يجب ان يلبسه اي مخلوق مهما كان كما بين الله عز وجل في حديثه القديسي الذي رواه الامام مسلم وكذلك الامام احمد وابن ماجه وابو داوود

عن ابي هريره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل( الكبر ردائي والعظمه ازارى فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار )صدق رسول الله مبلغا عن رب العزه سبحانه وتعالى

ولهذا كان حكم الله عز وجل على ابليس بالطرد واخراجه من رحمته سبحانه وتعالى حيث يقول الله عز وجل في كتابه العزيز وفي قرانه المجيد( فاخرج منها فانك رجيم وان عليك اللعنه الى يوم الدين) الايتين 34 و 35 من سوره الحجر

وهنا نجد رد ابليسا على الله عز وجل في سوره الاعراف في الايه ستة عشر وكذلك الايه سبعة عشرحيث يقول الله عز وجل على لسان ابليس( فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم : ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين) سوره الاعراف الايه 16و 17

فكان له الطرد من رحمه الله عز وجل ومد له في امله وقال له امضي لسبيلك الذي اخترته وسر في طريق الشر الذي اردته واستفرز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم المواعيد الكاذبه ومنهم الاماني البعيده فلن اخلي بينك وبين من صحه عقيدته وقويه عزيمته من عبادي المخلصين ولن اجعل لك عليهم سلطانا فقلوبهم منصرفه واذانهم لقولك غير مصغيه

اما ما اعتزمته من اغواء الناس وفتنتهم فحسابك عليه عسير وجزاؤك على اقترافه عظيم ولا املا ان جهنم من قوم من تبعك منهم اجمعين لذلك من خلال تلك اللحظات بدا الصراع والاغواء من ابليس لادم وذريته

اذن فثم شرع الله ونكمل باذن الله تعالى تلك السلسله في مقال قادم بدايه الاغواء من ابليس لادم عليه السلام