وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ

بقلم الدكتورة : حنان محمد
( واعظة بوزارة الأوقاف المصرية )

هذه الآية الكريمة ليست مجرد خبرٍ عن وجود النبي ﷺ بين الصحابة، بل هي منهج حياة، ورسالة وعي، وتذكير دائم بعِظَم الأمانة التي يحملها المسلم في سلوكه وأخلاقه وقراراته.

﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾

أي: انتبهوا، تأدّبوا، راجعوا أقوالكم وأفعالكم، فإن بينكم من يوحى إليه من السماء، ومن خُلُقه القرآن، ومن منطقه الحق، ومن هديه النجاة.

كان النبي ﷺ يعيش بين الناس إنسانًا، لكنه مربٍّ رباني، يصحح المفاهيم، ويهذب النفوس، ويقوّم الاعوجاج بالحكمة والرحمة. فوجوده ﷺ لم يكن تشريفًا فحسب، بل مسؤولية عظيمة على الأمة أن تزن أفعالها بميزان سنته، وأن تعرض أقوالها على هديه.

ولمّا قال الله تعالى: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾
بيّن أن الخير كل الخير في اتباع الرسول ﷺ، لا في تقديم الآراء والأهواء، ولا في الانسياق خلف العاطفة دون بصيرة. فكم من رأيٍ ظنه الناس صوابًا، وكان في اتباع السنة النجاة منه.

وإن كنا اليوم لم نعد نعيش زمن وجود النبي ﷺ بيننا بجسده، فإن سنته باقية، وكلامه حاضر، وهديه ممتد، كأنما يقول لنا في كل موقف: “اعلموا أن فيكم رسول الله”

في أخلاقكم… في بيوتكم… في معاملاتكم… في أحزانكم وأفراحكم.

فمن أراد السكينة فليتبع هديه،
ومن أراد العدل فليقتدِ بأخلاقه،
ومن أراد النجاة فليُسلِّم لسنته،
فوالله ما خاب من جعل النبي ﷺ قدوته، ولا ضلّ من جعله مرجعه.

اللهم اجعلنا ممن يعرفون قدر نبيك ﷺ، ويتبعون سنته ظاهرًا وباطنًا، ويحيوا بها القلوب قبل الجوارح.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين