
بقلم فضيلة الشيخ : حسين السمنودي
إمام وخطيب ومدرس على درجة مدير عام بمديرية أوقاف القاهرة
في كل مرة نتعثر فيها، نلتفت حولنا باحثين عن مشجب نعلق عليه فشلنا؛ مرة هي الظروف، ومرة هم الناس، وثالثة هي “سوء الحظ”. هكذا نقضي العمر نُقاتل أشباحًا في الخارج، بينما العدو الحقيقي يبتسم في صمت… يسكن داخلنا.
الإنسان لا يُهزم من الآخرين بقدر ما يُهزم من ذاته. الأفكار التي تُخيفه، والعادات التي تُقيده، والمشاعر التي تُطفئ عزيمته — كلها أعداء داخلية ترتدي ثوب الصديق أحيانًا، وتُهمس له بأن يرتاح قليلًا، أو يؤجل خطوة، أو يرضى بالواقع كما هو.
كم مرة أقنعتك نفسك بأنك “غير مستعد بعد”، أو أن “الوقت لم يحن”؟
هذه ليست حكمة، بل فخ من نفسك المستسلمة. فالراحة لا تُصنع فيها المعجزات، بل تُولد الإنجازات وسط التعب والإصرار والمواجهة.
والأفكار المقيدة؟
تلك التي تهمس لك: “لن تنجح”، “الأمر أكبر منك”، “أنت أقل من الآخرين”. صدقني، لا أحد يملك أن يُسجنك إلا عقلك. فكل فكرة سلبية تُغلق بابًا، وكل فكرة إيجابية تفتح أفقًا جديدًا.
ثم هناك شهواتك الصغيرة التي تسحبك نحو المتعة الآنية، تسرق تركيزك، وتُبدد وقتك. والنجاح، يا صديقي، لا يزور الكسالى ولا العابرين إلى السعادة عبر الطرق القصيرة. إنه يُقيم فقط في قلوب المنضبطين الذين يعرفون متى يقولون “لا” لأنفسهم.
أما الخوف، فهو الحارس الوهمي الذي يقف أمام كل حلم. لا وجود له إلا في خيالك، فإذا اقتربت منه واجهته بصدق، ذاب كالدخان. والغرور كذلك، يُخدع صاحبه بظن المعرفة الكاملة، فيغلق باب التعلم وهو لا يدري أن الجهل الحقيقي يبدأ من لحظة الغرور.
وما أدراك بالكسل؟
إنه لصّ الوقت. يسرق أحلامك على مهل، حتى تستيقظ يومًا لتجد أنك لم تبدأ بعد. الإرادة الصلبة وحدها هي من تُعيدك إلى المسار مهما كان الطريق صعبًا.
ولا تنسَ عدوًا خفيًا آخر: قلة تقديرك لذاتك. إن لم تؤمن بنفسك، فلن يؤمن بك أحد. الثقة بالنفس ليست تكبّرًا، بل إيمانًا بقدرتك على التغيير. والماضي؟ دعه ينام في مكانه. لا تُعطه من طاقتك، فكل دقيقة تفكر فيها في الأمس تُسرق من الغد.
وأخيرًا، توقف عن تبرير الفشل. التبرير هو المقبرة التي تُدفن فيها الأحلام. لا تبحث عن العذر، بل ابحث عن الحل.
الحياة لا تُمهل المترددين، ولا تنتظر الخائفين. أنت وحدك من يملك مفاتيح التغيير. فلا تهرب من المواجهة، بل انظر في المرآة وقل:
“لقد وجدت عدوي الحقيقي… والآن سأهزمه.