المولد النبوي بين فقه الوسائل وجهل الوهابية


بقلم الدكتور الشيخ : محمد سعيد صبحي السلمو

( الأزهرى البابي الحلبي )

 

  • المولد النبوي واجب بالوسيلة لا بدعة بالهوى

  • المولد النبوي بين فقه الوسائل وجهل الوهابية

  • المولد النبوي سلاح الأمة في وجه التضليل

  • حين يحارب الجهل ما أوجبه العلم ، قضية المولد النبوي

    لو أنّ المصحف لم يُجمع في عهد الخلفاء الراشدين، لرأيت الوهابية اليوم يضعون مشجرة طويلة عريضة في سبيل تحريم ذلك الجمع، ولسألوا: أهو طاعة أم معصية؟ فإن كان طاعة فهل أهو مما عَلِمه النبي صلى الله عليه وسلم أم مما لم يعلَمه؟

    ولو أنّ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يجمع الناس على صلاة التراويح، لرأيتهم يقفون الموقف نفسه.

    وهذا كله إن دلّ فإنما يدل على غفلتهم عن أصلٍ من أصول الفقه: أن الوسيلة لا يُطلب لها دليل خاص، لأن دليلها هو دليل أصلها.

    فجمع المصحف لم يكن مقصودا لذاته، وإنما كان وسيلة لحفظ القرآن الكريم، وحفظ القرآن واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وكذلك كان اجتماع الناس على التراويح وسيلة إلى المحافظة على سنة مؤكدة وإظهارها، فكان مشروعًا.

    وعلى هذا القياس، فإن التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم واجب، ولا سيما في زمن كثرت فيه الغفلة، واشتدت فيه الهجمة الفكرية والإعلامية على شخصه الكريم، حتى صارت وسائل التضليل من حولنا أكثر من أن تُحصى.

    ومن ثم كان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وسيلة من وسائل أداء هذا الواجب، إذ به يظهر المسلمون قوتهم، ويعبّرون عن محبتهم لرسولهم، ويؤكدون للعالم كله أن تعلقهم به لا ينفصم. ومن خلال هذا الاجتماع يعرف الغرب شيئًا من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقف على محاسنه وأخلاقه. فهو إذن وسيلة لا غنى عنها، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

    ثم إن اليهود قديمًا لم يزالوا يسعون إلى تشويه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاءت مناسبة المولد نقضت عليهم غزلهم، وأبطلت أكاذيبهم، فأغاظهم ذلك،

    فكان من أثره أن وُجد من يرفع رايتهم سرًطا ويخدم غرضهم جهرا، وهم الوهابية الذين ما فتئوا يحاربون المولد النبوي، لا عن علم راسخ، ولكن عن جهل بالفقه ومقاصده.