وإذا كانَ النَّقدُ الغربيُّ قد مرَّ بمَراحلَ متعدِّدةٍ، من الفلسفةِ اليونانيَّةِ إلى البنيويَّةِ وما بعدَها، فإنَّ النَّقدَ الإسلاميَّ قد تأسَّسَ على مرجعيَّةٍ ربانيَّةٍ، انبثقت من القرآنِ الكريمِ والحديثِ النبويِّ، وتبلورت في جهودِ أعلامٍ كبارٍ كعبدِ القاهرِ الجرجانيِّ وابنِ قتيبةَ وحازمٍ القرطاجنيِّ.
ويسعى هذا المقالُ إلى المقارنةِ بينَ المنهجينِ، للكشفِ عن أوجهِ التلاقي والافتراق، وإمكانِ الإفادةِ المتبادلةِ بينهما.
أوَّلًا: النقدُ الأدبيُّ في الفكرِ الغربيِّ:
1 ـ الجذورُ القديمة : بدأ النَّقدُ الغربيُّ مع أفلاطون (ت 347 ق.م)، الَّذي نظرَ إلى الشِّعرِ على أنَّهُ محاكاةٌ ناقصةٌ للواقعِ، ورأى أنَّ كثيرًا منه يُفسدُ الأخلاقَ.
أمَّا أرسطو (ت 322 ق.م) فقد أنصفَ الشِّعرَ، وجعلَهُ محاكاةً للفعلِ الإنسانيِّ، مُرسِيًا بذلك ما عُرِفَ لاحقًا بـ “نظريةِ المحاكاة” في كتابه فنُّ الشِّعر.
2 ـ النقدُ في العصورِ الكلاسيكيَّةِ والنهضة : اعتنى النُّقَّادُ بالبلاغةِ والأسلوبِ، وبإحياءِ القيمِ الجماليَّةِ للرُّقيِّ بالآدابِ.
3 ـ النظرياتُ الحديثةُ والمعاصرة :
الشكلانيَّة (Formalism): تركيزٌ على بنيةِ النَّصِّ دونَ الالتفاتِ إلى مؤلِّفه أو سياقه.
البنيويَّة (Structuralism): تحليلُ النُّصوصِ باعتبارها نُظُمًا من العلاماتِ والرموز.
التفكيكيَّة (Deconstruction): محاولةُ كشفِ التناقضاتِ الدَّاخليَّةِ في النُّصوص (جاك دريدا).
النَّقدُ النفسيُّ: تفسيرُ الأدبِ من خلالِ اللاوعي (فرويد) أو النَّموذجِ الجمعيِّ (يونغ).