من أسقط الخلافة؟ ( الجزء الاول )

بقلم الدكتور / احمد عبد الرحيم
الباحث فى التاريخ الاسلامى 

المقال التاسع عشر من سلسلة ( زمن الدجال )

لا شك ان السبب فى اسقاط الخلافة العثمانية هو ضعف حكامها وسلاطينها جراء المؤامرات المتلاحقة التى قام بها الماسون وأذنابهم وعملائهم داخل مؤسسات دولة الخلافة سواء كانوا داخل الجيش العثمانى او داخل الجمعيات الأهلية وبخاصة جمعية الاتحاد والترقى او داخل الدواوين والقصر وغيرها ، فلقد سقطت الخلافة العثمانية بشكل فعلى علم 1909 بشكل فعلى بسقوط السلطان عبد الحميد الثانى على ايدى الضباط القوميين والذين كان معظمهم من اليهود ، وكان هؤلاء الضباط سبباً مباشراً فى هزيمة الجيش العثمانى ، ثم جاء مصطفى كمال اتاتورك فقضى بشكل نهائى على الخلافة العثمانية سنة 1924 .

لم تقتصر جهود الماسون داخل انظمة الحكم فى الخلافة سواء فى الجيش او فى الدواوين او فى القصر او حتى على مستوى المثقفين والجمعيات الاهلية وغيرها ، او حتى فى تدبير الثورة العربية الهزلية ضد الخلافة العثمانية التى قام بها الشريف حسين فهى لا تعدو ان تكون مجرد تمرد مدعوم من قبل دول الحلفاء ابان الحرب العالمية الاولى ، ولكن هناك سبباً لم يذكره الكثير رغم اهميته فى القضاء على ما للخلافة من سلطان ومهابة وحب وولاء فى نفوس مواطنيها ورعاياها فى البلاد العربية ، كان ذلك السبب هم الوهابيين التكفيريين الذين حكموا بكفر الخلافة والخليفة العثمانى وحاربوا أماكن نفوذها وتواجدها فى الجزيرة العربية ومنعوا حجاج الولايات العثمانية على نحو ما سنذكره تفصيلاً فيما سيأتى.

فلقد تجاوز الماسون هذا النطاق الى اماكن لا تخطر على البال ، ومنها انهم جندوا عملائهم الوهابيين فى محاولة اسقاط الخلافة العثمانية منذ تاريخ نشأة الوهابيين أنفسهم.

وفى هذا المقال نرى كيف كان الوهابية سبباً رئيسياً فى اسقاط الخلافة العثمانية ، كيف انهم كانوا مخلب قط للبريطانيين فى الاجهاز على ما تبقى للخلافة العثمانية من سلطة على الشعب العربية ، وكيف انهم قاموا بالمشاركة فى العمليات العسكرية ضد الدولة العثمانية فى نجد والحجاز وفى شبه الجزيرة العربية بوجه العموم.

طالما كانت الخلافة العثمانية رمزاً لوحدة المسلمين ، والتى نشأت كأمارة حدودية تركمانية ضمن املاك الدولة السلجوقية المسلمة والتى بدورها تتبع للخلافة العباسية ، فقد كانت الدولة العثمانية منذ نشأتها فى عام 1299 م بمثابة سيفاً مسلطاً على اطماع الدول الاوروبية الشرهة للغزو والمتعطشة دائماً للدماء بعد سلسلة الغزوات الصليبية التى اذاقوا فيها الشرق الاسلامى ويلات الغزو والحروب فى سلسلة متصلة دامت لأكثر من مائتى عام منذ القرن الحادى عشر الميلادى وحتى الثلث الاخير من القرن الثالث عشر الميلادى والتى بدأت بحملة الفقراء التى قام بها الفقراء والعبيد وقليل من الفرسان بتحريض من الكنيسة الكاثوليكية بقيادة بطرس الناسك الى ان سحقتهم قوات السلاجقة الاتراك فى اكتوبر من عام 1096 م ثم الحملة الصليبية الاولى حتى الحملة الصليبية التاسعة ثم حملات اخرى لم يذاع شهرتها كحملة فارنا الصليبية ضد الخلافة العثمانية والتى سحقتها القوات العثمانية وانتهت بقتل الملك فلاديسلاف الثالث والمبعوث البابوى المحرض على الحملة.

مرت الخلافة العثمانية كغيرها من الدول بمراحل واطوار بدأت بكونها امارة كما اسلفنا ثم دولة ثم خلافة للمسلمين وامبراطورية عظمى خضعت لها الدول الاوروبية والتى رأت فيها البأس والقوة اللازمة فى توادع تلك القوى الاستعمارية المسلمين ردحاً من الزمن استطال حتى ضعفت فيه الخلافة العثمانية ، وليس أدل على ذلك من توجه الاطماع الاوروبية الى افريقيا والامريكتين والعالم الجديد الذين ارتكبوا فيها عدة ابادات جماعية لشعوب الهنود الحمر وغيرهم واستعباد ملايين من سكان افريقيا المسالمين الموادعين.

كانت الامبراطورية البريطانية حريصة كل الحرص على تأمين مواصلاتها الى مستعمراتها فى الهند وهو جوهرة التاج البريطانى والبقرة الحلوب التى يرفل فى نعيمها الانجليز بسرقة خيراتها واستعباد اهلها ، بالاضافة الى مشروع البريطانيين القديم والحديث فى السيطرة على الشرق الاسلامى وانهاء الوجود العثمانيى فى الجزيرة العربية لذلك شن الوهابية عدة حملات وغزوات ضد سلطان مسقط واهل عمان وكذا على بلاد اليمن التابعة للخلافة العثمانية وكذا على بلاد الحجاز والشام وعلى الحرمين الشريفين (مكة والمدينة) الى غير ذلك من بلاد المسلمين وكان كل ذلك بتوجيه وبمساعدة اسيادهم الانجليز.

ونذكر فيما يلى الحملات التى ارتكبها الوهابيين السلفيين ضد بقاع الخلافة العثمانية فى عدة محاولات منها فى انهاء الوجود العثمانى فى الجزيرة العربية :

1 ـ الحملات الوهابية على مراكز الحكم الموالية للخلافة العثمانية على الخليج العربى كما حدث فى سنة 1798م        عندما شن الوهابيين غارة على الكويت بقيادة أبا رجلين الزغبي ، كما شن الوهابيين غارات على البحرين مرات عديدة،  كما هاجموا انحاء الجزيرة العربية فى عام 1808م حتى وصلوا إلى الجهراء فى الكويت.

2 ـ الحملات الوهابية على مراكز الحكم الموالية للخلافة العثمانية على الحجاز كما حدث فى سنة 1798م عندما شن الوهابيين عدة غارات على البقوم في الحجاز بقيادة هادي بن قرملة ، كما ارتكبوا مجزرة الطائف الاولى ، وغزوهم مكة المكرمة مما تسبب فى احداث انفلات امنى بها وانتشار السلب والنهب ، واحراقهم المكتبةَ العربية في مكة المكرمة وكانت تحوي ستين ألفاً (60,000) من الكتب النادرة ، وحوالي أربعين ألف (40,000) مخطوطة ، بعضها مما أملاه النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعضها كتبه الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ، ومنها ما هو مكتوب على جلود الغزلان والعظام والألواح الخشبية والرقم الفخارية والطينية وذلك لما تحتويه على شركيات وبدع من وجهة نظرهم

وغزوهم المدينة المنورة بعد حصارها نحو سنة ونصف ، ومحاولتهم تدمير القبة النبوية

3 ـ الحملات الوهابية على مراكز الحكم الموالية للخلافة العثمانية على العراق كما حدث فى سنة 1798 عندما غزا الوهابيين سوق الشيوخ والأبيض في بادية السماوة من أرض العراق ، وكما حدث فى عام 1801 م عندما غز الوهابيون مدينة كربلاء وفيها يقول عثمان بن بشر النجدي فى كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد في حرب كربلاء واحداث عام 1801  أخذنا كربلاء وذبحنا أهلها وأخذنا أهلها فالحمد لله رب العالمين ولا نعتذر عن ذلك ونقول وللكافرين أمثالها

وارتكابهم مجزرة كربلاء قتل اهلها قتلا ذريعا ولم ينج منه حتى الأطفال ونهبت خزائن من الذهب والجواهر النفيسة .

ومهاجمتهم بلدة بادية السماوة وكذا مدينة السماوة بالعراق وكذا مدينة الزبير ناحية البصرة وتحاصر أهلها وتنهب من نواحيها بقيادة سعود عام 1805

ومهاجمتهم النجف الأشرف حتى وصلوا إلى السور وصعد عليه بعض أصحابه ولكن أهل النجف تصدوا له وردوه على أعقابه بعد أن أكثروا القتل في المهاجمين . (بقيادة سعود) 1806

واغارتهم على أنحاء العراق الجنوبي مما ادى الى تعطيل الحج ثلاث سنوات.

وقطعهم الطريق بين النجف وكربلاء ونهبوا الزوار وقتلوا منهم 150 شخصاً فى سنة 1810 م

4 ـ الحملات الوهابية على مراكز الحكم الموالية للخلافة العثمانية على الشام كما حدث فى سنة 1798م عندما غزا الوهابيين قبائل هذيل الشام بقيادة عثمان المضايفي ، وكما حدث فى سنة 1810 م عندما شنوا عدة غارات على مدينة حلب وقطعهم الطريق بين الشام والعراق ، وكانت غاراتهم تصل إلى القادسية ، وقد قتلوا خلقاً كثيراً خلال غاراتهم ،  ومنعهم قوافل الحجيج الشامى والتركى من الوصول الى مكة وتأمرهم بالعودة الى أوطانهم فرَّاج بن شرعان العتيبي فى سنة 1221هـ

وفى سنة 1810م شن الوهابيين غارة على منطقة حوران ببلاد الشام فأحرقوا ونهبوا وسبوا بعد أن قتلوا الكثير حتى الأطفال وقدرت قيمة الخسائر بثلاثة ملايين درهم حينذاك.

5 ـ الحملات الوهابية على مراكز الحكم الموالية للخلافة العثمانية على اليمن كما حدث فى سنة 1798م عندما نهب الوهابيين موانئ لاهية والحديدة في اليمن ومن القنفذة الى بيت مرات بتكرار تلك الغزوات اكثر من مرة ، كما شنوا عدة غارات على بوادي قحطان ، وهجومهم على مدينة نجران ـ على الحدود اليمنية ـ بجبش قوامه ثلاثين ألف مقاتل فى سنة 1806م

كما غزا الوهابيين مدينة (الحديدة) باليمن بجيش قوامه ثلاثة الآف مقاتل ونهبوها فى سنة 1807م

كما غزا الوهابيين نواحى الكسور مثل هينن وحوره وحواليها، وتهدم القبب المبنية على القبور، حتى بلغوا إلى قبة نبي الله هود فسفكوا دماء بعض المسلمين فى اليمن بقيادة ناجي بن قملا فى سنة 1810 م ، كما اتلف الوهابيين المكتبتين العيدروسية والهندوانية اثناء غزوهم حضرموت فى سنة 1810 م ايضاً

كما شن الوهابيين عدة غارات مدينة تريم بوسط اليمن وكسروا قبابها وحرقوا بعض كتبها ومنعوا الأذكار والتذكير والحضرات والطرائق بقيادة ناجي بن قملا 1224هـ.