اعرف نبيك … السيرة النبوية في سطور


إعداد الشيخ/ أحمد عزت حسن

س١: من النبي -ﷺ-؟ ومتى وُلد؟   
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف                                                    
وُلد في يوم الإثنين الموافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول لعام الفيل

س٢: وماذا حدث في هذا العام؟     
في هذا العام حاول أبرهة الأشرم هدم الكعبة المشرفة؛ وذلك لأنه بنى بيتًا في الحبشة لكي يحجه الناس بدلًا من الكعبة، ولما لم يأته أحد قرر هدم الكعبة المشرفة لكي يصرف الناس عنها، ولكن الله عز وجل أرسل عليهم طيرًا أبابيل -جماعات- ترميهم بحجارة من سجيل -نار- فجعلهم كعصفٍ مأكولٍ
وقد مات أبوه وهو حمْلٌ في بطن أمه السيدة آمنة بنت وهب فتولى جده عبد المطلب رعايته. 

س٣: من أول من أرضعت النبي -ﷺ-؟                                        
أرضعته أمه السيدة آمنة ثم السيدة ثويبة مولاة عمه أبي لهب، ثم السيدة حليمة السعدية                       
وقد ماتت أمه وهو في السادسة من عمره، حينما كانت في زيارة قبر أبيه بالأبواء.                     
ثم تولى جده عبد المطلب رعايته، ولكنه مات وهو في الثامنة من عمره، فتولى عمه أبو طالب رعايته وكفالته، وكان يعمل في رعي الغنم ثم اشتغل بالتجارة في مال السيدة خديجة بنت خويلد 

س٤: بم كان يُعرف ﷺ بين قومه؟  
كان يُعرف بين قومه بالصادق الأمين، وكان يُعرف بجميل الصفات والأخلاق

س٥: ماذا تعرف عن بداية حياته ﷺ؟                                   
تزوج ﷺ من السيدة خديجة بنت خويلد وكان عمره خمسة وعشرون عاما، وعمرها أربعون عامًا، ثم اشترك في إعادة بناء الكعبة، وكان يحمل الحجارة على كتفه، وعمره خمسة وثلاثون عامًا، ثم حُبّب إليه الخلاء وهو أن ينفرد بنفسه ويعتزل الناس ويتفرغ لعبادة الله، وذلك في شهر رمضان من كل عام بغار حراء بجبل النور. 

س٦: تكلم عن بدء الوحي                 لما بلغ الأربعين من عمره وبينما كان -ﷺ-  منفردًا بالغار فوجئ بمن يعطيه صحيفة ويطلب منه قراءتها، فقال له: ما أنا بقارئ؛ -لأنه أميّ لا يقرأ ولا يكتب- فضمه إلى صدره ثم أرسله -تركه- وقال له: اقرأ -ثلاث مرات-، فقال -ﷺ-: ما أقرأ؟             قال له -جبريل-: “اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم.” فرجع النبي -ﷺ-  يرجُف فؤاده -يرتعش من البرد- ويقول: زمّلوني زمّلوني -أي غطوني- فأخذته السيدة خديجة وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي أخبره بأنه نبي آخر الزمان وأن الذي جاءه هو جبريل -عليه السلام-
ثم جاءه جبريل عليه السلام بعد ذلك في الغار، وقال له: “يا محمد أنا جبريل، وأنت نبي هذه الأمة”، ونزل قوله تعالى: “يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبّر. وثيابك فطهّر. والرجز فاهجر.”

س٧: ماذا فعل ﷺ بعد ذلك؟  
 فأخذ النبي -ﷺ- يدع كل من يثق بهم فكان أول من آمن به زوجه السيدة خديجة، ومولاه زيد 
بن حارثة، وابن عمه علي بن أبي طالب، وصديقه الحميم أبي بكر الصديق. أسلموا جميعهم في يومٍ واحدٍ. وأخذ أبو بكر يدعو من يثق به فآمن معه عثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وغيرهما. وكان يجتمع بهم النبي -ﷺ-  في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي -وكان الأرقم عنده ستة عشر عامًا- وقد ظلت الدعوة السرية ثلاثة أعوام حتى أمره الله تعالى بالجهر بالدعوة، فصعد على جبل الصفا وأخذ ينادي على أهل مكة حتى اجتمعوا، وأخبرهم أنه رسولٌ من عند الله. فسكتوا جميعهم خلا عمه أبي لهب الذي ردّ عليه: “تبًا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا” فنزل قوله تعالى: “تبت يدا أبي لهب وتب. ما أغنى عنه ماله وما كسب. سيصلى نارًا ذات لهب.”

س٨: ماذا فعل المشركون بمن آمن بالنبي ﷺ؟                           
أخذ المشركون يعذّبون من آمن، وكانوا يخرجون بهم في صحراء مكة ويضعون الصخرة العظيمة على بطونهم حتى يكفروا بالنبي -ﷺ-  ويعودوا لدينهم، ولكن دون جدوى، وكان النبي -ﷺ-  يمر على ياسر وزوجته سمية وابنهما عمار وهم يعذبون فيقول لهم: “صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة”.

س٩: لماذا طلب النبي ﷺ من أصحابه الخروج إلى الحبشة؟   
طلب النبي -ﷺ-  من أصحابه الخروج إلى الحبشة فإن بها ملكًا لا يُظلم عنده أحد.

س١٠: تكلم عن حادث الإســــــــــراء والمــــــــعراج                                
خرج النبي -ﷺ- إلى الطائف يلتمس فيها من يستجيب لدعوته، ولكن الكفر كله ملةٍ واحدةٍ          
حتى كان الإســــــــــراء والمــــــــعراج.
وبعده في موسم الحج التقى بوفدٍ من يثرب عند العقبة فعرض عليهم الإسلام فوافقوا وتواعدوا معه اللقاء الموسم التالي، فجاءوا في اثني عشر رجلًا وامرأتين، وطلبوا من النبي -ﷺ-أن ينتظروا الموسم القادم. فأرسل مصعب بن عمير يعلمهم أمور دينهم ثم كانت بيعة العقبة الكبرى ثم بعدها كانت الهجرة. 

س١١: وماذا فعل المسلمون؟        
بدأ المسلمون يهاجرون ويتركون وطنهم وأموالهم وكل مصالحهم، وقد أخذ المشركون يحولون بينهم وبين الهجرة، وحاولوا منع صهيب الرومي عن هجرته ولكنهم خلّوا سبيله بعد أن ترك –ودلّهم- على كل أمواله وقال -ﷺ-  لما بلغه ذلك: “ربح البيع يا صهيب” 

س١٢: وما رد فعل المشركين؟    
ولما رأى المشركون خروج الصحابة للهجرة اجتمعوا وحاولوا منع النبي -ﷺ- من اللحوق بهم، فاجتمعوا في دار الندوة ليتفقوا على رأي، فقال بعضهم: نخرجه وننفيه من بلادنا، ولكن اعتُرض عليه؛ لحُسن حديث النبي -ﷺ- وحلاوة منطقه، وأنه سوف يجمع الناس حوله .. ثم اتفقوا على أن يأخذوا من كل قبيلةٍ فتًى شابًا نسيبًا -ذو نسبٍ- ويعطوه سيفًا صارمًا ثم يضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل فلا يستطيع بنو عبد مناف قتال العرب جميعهم، ووافق الجميع على هذا الرأي ونزل فيهم قوله تعالى: “وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثبتوك -يحبسوك- أو يقتلوك أو يُخرجوك -يُنفوك- ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”، 

س١٣: وماذا عن هجرة الرسول ﷺ؟
ونزل جبريل يخبره بإذن الله له بالهجرة، فهاجر هو وصديقه أبا بكر وترك ابن عمه عليًا ليرد الأمانات إلى أهلها، وخرج النبي -ﷺ- من بين أيدي المشركين -الذين وقفوا له على الباب- وهو يتلوا قوله تعالى: “وجعلنا من بين أيديهم سدًّا ومن خلفهم سدًّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون”.
وقد استأجر لهذه الرحلة دليلًا يهوديًا، وكان ماهرًا بالطريق واسمه عبد الله بن أريقط                            
ثم اختبأ في غار ثور ثلاثة أيام كانت السيدة أسماء تأتي إليهم بالطعام والشراب، وعامر بن فهيرة -راعي غنم أبي بكر- يُخفي -بغنمه- آثار السير، وعبد الله بن أبي بكر يأتيهم بالأخبار، ولما فشلت قريش في العثور على النبي -ﷺ- وصاحبه أعلنت عن مكافأة مائة ناقة لمن يأت بهما -أحياءً أو أمواتًا- أو أي أخبار ؛ فأخذ طلاب المال يجدّون في البحث عنهم حتى وصلوا إلى الغار ووقفوا على باب الغار، فقال أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدمية لرآنا؟ فقال له النبي -ﷺ-: يا أبا بكر ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما “لا تحزن إن الله معنا”.
ورجعوا ولم يظفروا بالرسول -ﷺ-  الذي ظل بالغار ثلاثة أيام وصاحبه حتى هدأ الطلب، وخرجوا لمواصلة الرحلة إلى المدينة المنورة ونزل بقباء وبنى بها “مسجد قباء” فكان أول مسجد بُني في الإسلام.

س١٤: تكلم عن الحياة في المدينة     
لما وصل النبي -ﷺ-  إلى المدينة حاول أهل المدينة استضافة النبي -ﷺ-  عندهم، وكانوا يأخذون بزمام ناقته، فكان يقول لهم النبي -ﷺ- : دعوها فإنها مأمورة، ثم بركت في مربض لغلامين يتيمين من بني النجار فاشتراه منهما النبي -ﷺ-                                                    
وكان يسكن بالمدينة أهلها الذين آمنوا بالنبي -ﷺ- قبيلتان متحاربتان هما الأوس والخزرج فأصلح بينهما النبي -ﷺ-  وسُمّوا بالأنصار، وكان بها اليهود وكانوا ثلاث قبائل هم: بنو النضير -وكانوا حلفاء الأوس-، بنو قريظة -وكانوا حلفاء الخزرج- يهود خيبر. بنو قينقاع                                      
فكان أول ما فعله الرسول -ﷺ-  هو: المؤخاه بين المهاجرين والأنصار؛ فكان كل أنصاري يُقاسم أخاه المهاجري ويتنازل له عن نصف بيته وماله، وإن كان متزوجًا بأكثر من واحدة طلّق واحدةً له.

س١٥: ماذا فعل الرسول ﷺ مع أهل المدينة؟                                        
أصلح بين الأوس والخزرج، وعقد معاهدة صلح بينه وبين اليهود.                                                   
وكان أول عمل قام به النبي -ﷺ-  هو بناء مسجدًا في المكان الذي بركت فيه الناقة، وكان يُشارك أصحابه في حمل الحجارة.                                                               
وفي شعبان من العام الثاني للهجرة أُمر النبي -ﷺ- بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة                                                                      
س١٦: تكلم عن غزوة بدر                
ثم كانت غزوة بدر الكبرى في رمضان من العام نفسه، وذلك أن النبي -ﷺ-  سمع بأن عيرًا لقريش -قافلة محملة بالبضائع- خرجت إلى الشام فانتدب -طلب- النبي -ﷺ- أصحابه الخروج لهذه القافلة لعل الله يعوّضها عما تركوه من أموالهم وديارهم التي تركوها بمكة واستولى عليها المشركون، لكن أبا سفيان استطاع النجاة بالقافلة، فاستشار النبي -ﷺ-  أصحابه في الأمر فقالوا له: امض لما أراك الله، فبشّرهم النبي -ﷺ-  بأن الله منجزٌ وعده بإحدى الطائفتين القافلة أو النصر، وقد نجت القافلة فبقي النصر كذلك أشار عليه الحباب بن المنذر -وكان عليمًا بالمكان- بأن ينزلوا أقرب مكان للماء ويستحوذوا ويسيطروا على مصدر الماء فيشربون ولا يشرب الكفار فنزل النبي -ﷺ-  على رأيه، وفي يوم الجمعة الموافق للسابع عشر من شهر رمضان وقعت المعركة وانتهت بنصر المسلمين واستشهاد أربعة عشر شهيدًا، وقتل سبعين من الكفار وأسر سبعين.  وفي هذه السنة فُرضت زكاة الفطر، واحتفل المسلمون -لأول مرة- بعيد الفطر.

س١٧: ما أثر انتصار المسلمين في غزوة بدر؟                                    
ولقد كان لانتصار المسلمين أثره في نفوس اليهود الذين استشاطوا غضبًا وحقدًا على المسلمين فأخذوا يُثيرون الفتن والإحن بين المسلمين، وجاهروا بالبغي، ونقض يهود بنو قينقاع العهد -وكانوا تجارًا وصاغة باعة ذهب- فخرج إليهم الرسول -ﷺ-  فحاصرهم خمسة عشر ليلة فنزلوا على حكمه، وشفع فيهم ابن سلول كبير المنافقين؛ لأنهم كانوا حلفاءه 

س١٨: تكلم عن غزوة أحد             
ثم كانت غزوة أحد: وهي الواقعة التي امتحن الله فيها عباده المؤمنين، وميز فيها بينهم وبين المنافقين. وقد أخذ أبو سفيان يُجمّع قريشًا حتى جمع ثلاثة آلاف من قريش والحلفاء والأحابيش وجاءوا بنسائهم؛ لئلا يفروا- حتى نزلوا بالمدينة قرب أحد، وذلك في شوال من العام الثالث للهجرة، وكالعادة استشار النبي -ﷺ-  أصحابه أيخرج إليهم أم يظل بالمدينة، فأشار عليه ابن سلول بالمُقام بها -وكان هذا رأي النبي -ﷺ-  نفسه- ولكن الأكثرية -سيما من الشباب الذين لم يشهدوا بدرًا- أشاروا بالخروج وألحوا على النبي -ﷺ-  فنهض الرسول -ﷺ-  ولبِس لأمته -ملابس الحرب- وخرج في ألفٍ. فلما كان ببعض الطريق انخذل ابن سلول ورجع بثلاثمائة من أصحابه -المنافقين- فسار الرسول -ﷺ-  بمن بقي معه حتى نزل شِعب أحد وجعل ظهره للجبل، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم، وأمر الرماه أن يحموا ظهر المسلمين وألا يتركوا مكانهم حتى ولو  انهزموا وجعل عليهم عبد الله بن جبير.
وتجهزت قريش وفيهم مائتا فارس، وعلى الميمنة خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل -قبل إسلامها- وأبلى المسلمون بلاءً حسنًا فكان النصر لهم في أول المعركة على المشركين الذين انهزموا راجعين وفرّوا تاركين أرض المعركة، فلما رأى الرماه ذلك ظنوا أن المعركة قد انتهت بنصرهم وأن المشركين لن يرجعوا ثانيةً فتركوا أماكنهم، وذكّرهم ابن جبير بوصية الرسول -ﷺ-  لهم بعدم ترك مكانهم، لكنهم لم يستجيبوا له، فلما رأى خالد بن الوليد ذلك رجع بالجيش مرةً أخرى، فاخلت صفوف المسلمين حتى استشهد منهم سبعينًا وجُرح الرسول -ﷺ-  في وجهه وكُسرت رباعيته،                   
وقد أبلى المسلمون في الدفاع عن النبي -ﷺ-  بلاءً حسنًا ودافعوا عنه فتترس أبو دُجانة على النبي -ﷺ-  والنبال تقع فيه وهو لا يتحرك -بدلًا من النبي -ﷺ-                               
كذلك دافعت عنه السيدة نُسيبة بنت كعب حتى قال -ﷺ- عنها: ما التفتُ يمينًا ولا شمالًا إلا وجدتُها تُقاتل دوني.
وأشاع المشركون أنهم قتلوا النبي -ﷺ-، ولكن ظهر النبي -ﷺ-  لأصحابه فعرفوه واجتمعوا إليه وقد حانت الصلاة فصلّى بهم النبي -ﷺ-  جالسًا، ثم انصرف المشركون إلى مكة فنهض النبي -ﷺ- وأصحابه في طلبهم وهم مثقلون بالجراح، وهذه هي غزوة حمراء الأسد، ومر معبد بن أبي معبد بالرسول -ﷺ- وأصحابه حتى بلغ أباسفيان الذي سأله عن موقف المسلمين، فأخبرهم معبد بأن الرسول -ﷺ- قد خرج في أصحابه لطلبهم ففتّ ذلك في عضد 
قريش -أثّر فيهم فخافوا على أنفسهم ونصرهم المزيف- فرجعوا إلى مكة.                           
وحدث أن ذهب النبي -ﷺ- إلى بني النضير يستعين بهم على دية قتيلين -لِما بينهما من العهد- فقالوا: نعم، فتآمروا على قتل النبي -ﷺ- بأن يصعد أحدهم إلى سطح الدار-الذي يجلس تحته النبي -ﷺ- ويُلقي عليه حجرًا، ولكن الله تعالى أعلَمَ نبيه -ﷺ- فقام من فوره، وقاتلهم النبي -ﷺ-؛ لخيانتهم ونقضهم العهد فحاصرهم ست ليالٍ، فسألوا النبي -ﷺ- أن يتركهم أن يغادروا المدينة ويحقن دماءهم ولهم ما حملت الإبل دون السلاح فوافق النبي -ﷺ-  وفيهم نزلت سورة الحشر.

س١٩: تكلم عن غزوة الخندق        
ثم كانت غزوة الخندق في شوال من العام الخامس وفيها ابتلى الله المؤمنون ولزلزلهم زلزالًا شديدًا، وثبّت الإيمان في قلوب أوليائه، وأظهر ما كان يبطنه أهل النفاق، ثم أنزل نصره وهزم الأحزاب وحده، وفيهم نزلت سورة الأحزاب؛ وذلك أن نفرًا من اليهود -بني النضير- الذين أجلاهم النبي -ﷺ- عن المدينة خرجوا إلى قريش وغطفان يحرضوهم على حرب النبي -ﷺ-، فلما سمع النبي -ﷺ- بخروجهم إليه أشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق حول المدينة فتحصن به النبي -ﷺ- في ثلاثة آلاف من أصحابه، وذهب حُيي بن أخطب إلى يهود بني قريظة يغريهم بنقض عهدهم مع النبي -ﷺ- حتى وافقوه، وتأكد النبي -ﷺ-  من ذلك. وحاصر المشركون الرسول -ﷺ-  شهرًا حتى جاء نُعيم بن مسعود مؤمنًا بالنبي -ﷺ-  فطلب منه النبي -ﷺ- أن يُخذّل عنهم، والحرب خُدعة، فذهب نُعيم إلى بني قريظة وقال لهم: قد علمتم مودتي ونصحي لكم إن قريشًا إن هُزمت رجعوا إلى بلادهم -سالمين- وتركوكم لمحمد ينتقم منكم. فقالوا: وما العمل؟ 
قال: لا تُقاتلوا حتى تأخذوا منهم رهائن يكونون بأيديكم -حتى تضمنوا ألا يتركوكم وحدكم لمحمد-      
ثم ذهب لقريش -وكان صديقًا لهم- وقال لهم: إن يهود قد ندمت على نقض العهد مع محمد وقالوا: سنعطيك رهائن من قريش تفعل بها ما تشاء، فلما كان يوم السبت بعثت قريش إلى يهود هيا لنقاتل القوم، فقالت يهود: إنه يوم سبت لا نعمل فيه، ولن نقاتل حتى تعطونا رهائنًا نضمنكم بها، فرفضت قريش وقالت: صدق والله نعيم، فأرسل الله على قريشٍ ومن معها ريحًا قلعت خيام الأحزاب وكفأت قدورهم فرحلوا من ليلتهم، ونزل جبريل عليه السلام يأمر النبي -ﷺ- بقتال بنو قريظة، فأمر النبي -ﷺ- المسلمين أن لا يُصلي أحد العصر إلا في بني قريظة فحاصرهم خمسًا وعشرين ليلة حتى نزلوا على حكم الرسول -ﷺ- الذي حكّم فيهم سعد بن معاذ -الذي اهتز له عرش الرحمن عند موته، وشيّع جنازته سبعون ألف ملك- الذي حكم عليهم بأن تُقتل رجالهم وتُسبى ذراريهم وأولادهم. فقال له النبي -ﷺ-: لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى من فوق سبع سماوات.

س٢٠: تكلم عن صلح الحديبية          
ثم كانت السنة السادسة للهجرة وفيها كان صلح الحديبية، حيث خرج النبي -ﷺ- معتمرًا في (١٥٠٠) ألفٍ وخمسمائة، فلما علمت قريش خرجت تمنعه من دخول مكة فانتهى إلى الحديبة حتى تصالحا على أن يرجع النبي -ﷺ- وأصحابه هذا العام ويعودون العام القادم على ألا يُقيموا بمكة أكثر من ثلاثة أيام، وتكون هدنة بين الطرفين لمدة عشر سنوات، ومن أحب أن يدخل في حِلف محمدًا دخل، ومن أحب أن يدخل في حلف قريش دخل، فدخلت خُزاعة في حلف النبي -ﷺ-  فشرع النبي -ﷺ-  في التحلل من عمرته فشقّ وصعب ذلك على المسلمين فغضب النبي -ﷺ-، فأشارت عليه السيدة أم سلمة أن يخرج عليهم ولا يكلم أحدًا فيحلق ويذبح فالناس سيتابعونه، ففعل النبي -ﷺ- فتسارع الجميع في الاقتداء بالنبي -ﷺ-  ونزلت سورة الفتح.

س٢١: تكلم عن غزوة مؤتة             
وفي جمادى الآخرة من العام الثامن للهجرة كان بعث مؤتة حيث خرج المسلمون في ثلاثة آلاف بقيادة زيد بن حارثة، وقد أمرهم النبي -ﷺ-  بأن يكون جعفر بن أبي طالب مكانه إذا أُصيب، ثم عبد الله بن رواحة، وكان عدد العدو مائتي ألف.
ثم التقوا فقاتلوا قتالًا عنيفًا فاستشهد زيدًا ثم جعفرًا ثم عبد الله بن رواحة حتى أخذ الراية خالد بن الوليد -الذي أسلم بعد صلح الحديبية- والذي تلطّف بالمسلمين حتى خلص بهم من عدوهم ففتح الله على يديه، وجاء الليل فكفّ الكفار عن القتال.

س٢٢: تكلم عن فتح مكة                 
ثم كان فتــــــــــح مكة التي جعلها الله علمًا ظاهرًا على إعلاء كلمته، وإكمال دينه والاعتناء بنصرته.
ففي أعقاب صلح الحديبية دخلت خزاعة في حلف النبي -ﷺ-  ودخلت بنو بكر في حلف قريش والتي اعتدت على خزاعة حيث كان بينهما عداوات قديمة- وذلك بمساعدة قريش، فخرج عمرو بن سالم الخزاعي يستنصر بالرسول -ﷺ-  فأجابه النبي -ﷺ- وبشره بالنصر، وقد ندمت قريش على مساعدتها لبني بكر فأرسلت أبا سفيان ليجدد العقد فلم يجبه النبي -ﷺ- بكلمة واحدة، وخرج النبي -ﷺ- لعشرٍ خلون من رمضان في عشرة آلاف من أصحابه، ولقيه عمه العباس بذي الحليفة فأسلم ورجع معه، كذلك أسلم أبو سفيان، ونزل الرسول -ﷺ- مكة فاغتسل، وخرج إلى البيت الحرام فطاف بالكعبة سبعة أشواط -طواف القدوم- ودخل البيت وأمر بإلقاء الصور ومحوها من البيت، وحطّم الأصنام التي كانت حول الكعبة وعددها ٣٦٠ صنمًا وهو يقول: “وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا” وخطب فيهم النبي -ﷺ- وقال لهم: “ما تظنون أني فاعلٌ بكم”، فقالوا: خيرًا أخٌ كريمٌ وابن أخ كريم.                                                  
فقال النبي -ﷺ- : اذهبوا فأنتم الطلقاء.
س٢٣: غزوة حنين                         
ولما بلغ هوازن فتح مكة جمع مالك بن عوف وآخرين قبيلة هوازن لقتال المسلمين فسار إليه الرسول -ﷺ-  في العشرة آلاف مع ألفين من الطلقاء -أهل مكة- فكانوا اثني عشر ألفا حتى قال بعض المسلمين: لن نُغلب اليوم من قلةٍ حتى وصلوا حُنينًا وقد كمنت لهم هوازن فيه؛ وذلك في عماية الصبح فحملوا على المسلمين حملة رجل واحد فتفرقوا وثبت الرسول -ﷺ- وأخذ ينادي: “أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب” فلما سمعه المسلمون رجعوا وثبتوا وقاتلوا واشتد القتال حتى فرت هوازن من بين يدي المسلمين، وفرّ عوف بن مالك النصري حين انهزم جيشه ودخل مع ثقيف حصن الطائف فذهب إليه الرسول -ﷺ- وحاصرهم بضع وعشرين ليلة حتى رجع عنهم فأتى الجعرانة فأتاه وفد هوازن مسلمين، وذلك قبل أن يقسم الغنائم فرد عليهم الرسول -ﷺ- أموالهم وذراريهم وكانوا ستة آلاف.

س٢٤: غزوة تبوك                           
وفي رجبٍ من العام التاسع ندب النبي -ﷺ- أصحابه لقتال الروم -غزوة تبوك- وكان ذلك في الحر والثمر قد طاب -وقت الحصاد-  والسنة مجدبة. فسُميت تلك الغزوة بساعة العسرة، وقد جهّز سيدنا عثمان بن عفان هذا الجيش بثلاثة آلاف ناقة، فقال له النبي -ﷺ-: “ما على عثمان ما فعل بعد اليوم”.
ولما وصل النبي -ﷺ- تبوك في ثلاثين ألفا لم يلق قتالًا، وفي رمضان من العام نفسه جاء إليه وفد ثقيف فأسلموا وحسُن إسلامهم،

س٢٥: عام الوفود                         
ثم في العام نفسه أرسل النبي -ﷺ- أبا بكر أميرًا على الحج، وبعث معه عليًا بصدر سورة براءة -التوبة- وألا يحج بعد هذا العام مشركًا ولا يطوف بالبيت عريانًا ومن كان له عهد مع النبي -ﷺ-  فهو إلى مدته، ثم جاءت وفود العرب تبايع النبي -ﷺ- فسُمي هذا العام بعام الوفود، وبدأ الناس يدخلون في دين الله أفواجًا، وانتشرت الدعوة ودخلت كل بيتٍ في العرب

س٢٦: حجة الوداع                       
ثم كان ذو القعدة من العام العاشر وفيه عزم النبي -ﷺ- على أداء فريضة الحج وقد تسامع الناس بخروج النبي -ﷺ- فاجتمع له مائة ألف خرجوا معه، وبيّن لهم مناسك الحج وخطب فيهم خطبة الوداع أو خطبة البلاغ أو الإسلام بين فيها أصول الدين، وأشهدهم على أنفسهم أنه قد بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح للأمة، ثم أقبل منصرفًا إلى المدينة وبدأ يشتكي وجعًا برأسه، فاستأذن نساءه في أن يُمرّض في بيت عائشة ثم اشتد المرض على النبي -ﷺ- ، وأمر أبا بكر أن يصلي بالناس. وقُبض -ﷺ- في يوم الإثنين الموافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول وكان عمره المبارك ثلاث وستون عاما. فاللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين.