خطبة الجمعة القادمة (الاتحاد قوة) للشيخ عادل توني
14 يوليو، 2025
خطب منبرية
خطبة الجمعة القادمة (الاتحاد قوة)
إعداد الشيخ : عادل عبدالكريم توني إبراهيم
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف
الجمعة 23 من محـــرم 1447هـ – الموافق 18 من يــوليــو 2025م
عناصر الخطبة:
١- ” أُمَّةً وَاحِدَةً “
٢- أسباب ووسائل وحدة المسلمين .
٣- ثمرات الوحدة ، و مفاسد الفرقة .
الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي هدانا للإيمان وأكرمنا بالقرآن، وغمَرَنا بالفضل والنعم والإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل الإسلام عصمةً لمن تمسَّك به من الضلال والفُرقة والهوان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث بالرحمة إلى الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله باللسان والمال والسِّنان، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم العرض على الملك الدَّيَّان .
أما بعد :
(١)- يقول الله – تعالي ـ : ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ (الأنبياء : 92)
وقال سبحانه: {وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون : 52]،
وروى البخاري ومسلم – واللفظ له – من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”.
إخوة الإيمان والإسلام :
إن من أهداف الدين الإسلامي توحيد الأمة، وتوحيد كلمتها، وتوحيد صفها، وتوحيد تصوراتها، وتأليف القلوب وجمع الشمل على كلمة سواء… هذا ما أوجبه الإسلام في كثير من الأوامر والنواهي في الذكر الحكيم. وهذا الدين العظيم هو الذي جمع الأوس والخزرج، وجمع بين بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، وعمر القرشي، وهذا الدين هو الذي جعل الأنصار يقتسمون البيت والمال ، بل وكل شيء بينهم وبين إخوانهم من المهاجرين… قال الله تعالي :﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ (الحشر : 9)
فلن تتوحد أمتنا بغير ذلك، ولن تجتمع كلمتنا وتتوحد صفوفنا وتلتئم جراحاتنا إلا بالتمسك بهذا الدين ، والعودة إلى ما كان عليه سيد المرسلين –ﷺ- ولا يخفى علينا ما يدور حولنا من أحداث جسام، ولا يغيب عنا ما يقع في بلادنا من أخطار, ولا يختلف اثنان من عقلاء الناس على أن الاجتماع والائتلاف مطلب ضروري لا غنى عنه لأمة تريد لنفسها الرفعة.
– وقد تنوعت أساليب القرآن والسنة النبوية المطهرة في الدلالة على وجوب الوحدة بين أبناء الأمة الإسلامية ،
-فمنها الأمر بالوحدة أمرًا صريحًا، كما في قول الله تعالي :- ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾( آل عمران:103)
والاعتصام هو التمسك، والحبل هو السبب الذي يتوصل به إلى المطلوب. وحبل الله هو: القرآن. وقيل: الرسول. وقيل: الإسلام. والكل حق. وفي الحديث: “هو حبل الله المتين”.
وأخرج الطبري عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “حبل الله الجماعة”.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره في شأن الأوس والخزرج وغيرهم: ” كان بينهم حروب كثيرة في الجاهلية، وعداوة شديدة، وضغائن طال بسببها قتالهم، والوقائع بينهم، فلما جاء الله بالإسلام فدخل فيه من دخل منهم، صاروا إخواناً متحابين بجلال الله، متواصلين في دين الله، متعاونين على البر والتقوى.
وكانوا قبل ذلك على شفا حفرة من النار؛ بسبب كفرهم وجهلهم وضلالهم، فأنقذهم الله منها بأن هداهم للإيمان، وألفهم على الإسلام.
وقد ذكّرهم النبي –ﷺ- بهذه النعمة يوم قسم غنائم حنين فقال لهم: ” ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟ فكلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أَمَنُّ”. ويعنون المنَّة لله ولرسوله علينا.
وقال القرطبي -رحمه الله-: “فإن الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة، فإن الفرقة هلكة، والجماعة نجاة”.
ورحم الله ابن المبارك حيث قال:
إن الجماعة حبـل الله فاعتصموا **
منه بعروته الوثقى لمن دانَ
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –ﷺ-: “إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ”.
وروى أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه -، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ”.
– ومن أساليب الكتاب والسنة لجمع الكلمة ووحدة الصف, التحذير من الفرقة ، والنهي عن التحزب والتعصب والاختلاف ، قال الله سبحانه وتعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ*وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (آل عمران 105 – 107)..
وقال عز وجل: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال:46)،
روى الإمام مسلم عن ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –ﷺ- : (إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا)
فالحديث يحمل بشرى رسول الله–ﷺ-: لأمة الإسلام أن أعداء الله لن يستطيعوا استئصالها ولو اجتمعوا عليها من جميع أقطار الأرض.. ولكن الهلاك الحقيقي في أن يتفرقوا فيقضي بعضهم على بعض ويهلك بعضهم بعضًا، فالفرقة تجعل هلاك الأمة بيد أبنائها.
كما أن الإسلام يعتبر الفرقة قرينة للكفر، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) (آل عمران:100).. أي بعد وحدتكم متفرقين ،وفي صحيح البخاري : (عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ « اسْتَنْصِتِ النَّاسَ » فَقَالَ « لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ » ،فعبر بكلمة الكفر وأريد منها الفرقة والخلاف،
وفي سنن الترمذي عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِينَا، ثم ذكر خطبة جاء فيها: “عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنْ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، فَذَلِكُمْ الْمُؤْمِنُ”.
وعن زَكَرِيَّا بْنَ سَلاَّمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ –ﷺ- وَهُوَ يَقُولُ: “أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، أَيُّهَا النَّاسُ: عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ”. ثَلاثَ مِرَارٍ، قَالَهَا إِسْحَاقُ.
وعن النعمان بن بشير عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “الجماعة رحمة، والفرقة عذاب”.
فكـونوا جميعًا يا بني إذا اعترى **
خطب ولا تتفرقوا آحادًا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرًا. **
وإذا افترقن تكسرت آحادًا
أيها المسلمون :
(٢)- من الوسائل والأسباب المعينة على وحدة المسلمين :
– طاعة الله ورسوله ،وتنفيذ الأوامر والوصايا المتكررة ، و التمسك بالعقيدة الصحيحة والمنهج الوسط منهج أهل السنة والجماعة ،فلا إفراط ولا تفريط ، والحفاظ على شعائر الإسلام التي يجتمع عليها المسلمون ،والتي تقوي الصلات بينهم ،كصلاة الجماعة ،وكذا الزكاة ففيها تكافل الأمة، والصوم ففيه الشعور بالضعفاء، وكذا الحج فهو مؤتمر الأمة ،و الجهاد الذي فيه عز الأمة
– ومنها : إعادة بناء الأسرة المسلمة باعتبارها اللبنة الأولى لمجتمع متماسك، وصلة الرحم التي أمر الله بها أن توصل، فواصلها موصول من الله وقاطعها مقطوع من الله.
– ومنها :إزالة أسباب التقاطع والتباغض،التزام حسن الظن وتبادل الثقة، عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ –ﷺ- قَالَ: ” لا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا -عِبَادَ اللَّهِ- إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ”. رواه الإمام أحمد، وأصله في صحيح مسلم عن أبي هريرة.
وقال –ﷺ- : « تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا » رواه مسلم .
والتحذير من التهاون بتكفير المسلم وتفسيقه وتبديعه ففي الصحيحين (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – ﷺ – قَالَ « أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ . فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا » .
– ومنها :إصلاح ذات البين ،ورد كل تنازع إلى حكم الله ورسوله ، هو الذى يرفع التنازع ويشفى الصدور ،قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات : 10)، وقال سبحانه: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء: 59).
وقال الله تعالي :- {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء:83].
ومنها :إفشاء السلام بين المسلمين . فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ —ﷺ– « لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ ».
ومنها : إحياء مبدأ الأخوة الإسلامية العامة التي تتجاوز البلاد واللغات والألوان لتؤلف بين الجميع فهي مفتاح النصر والقوة، قال الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71).
وقال تعالي:﴿ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ . وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾(لأنفال 62 :63)،
وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –ﷺ- ” الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ».
– ونبذ العصبيات القبلية والوطنية والقومية ، ففي سنن أبي داود : (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -ﷺ- قَالَ « لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ». وفي صحيح مسلم : (وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِي لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ ».
وفي سنن البيهقي : (عَنِ ابْنَةِ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَاهَا يَقُولُ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْعَصَبِيَّةُ؟ قَالَ :« أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ ».
– ومنها : إعلاء قيمة التكافل الإسلامي ، وفي صحيح مسلم ) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ».
وفي الصحيحين (عَنْ أَبِى مُوسَى – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا » . وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) ،
– ولا ننسى قبل ذلك كله الدعاء والتضرع إلى الله تعالى ، أن يوحد صفوفنا ويجمع كلمتنا .
وإنّ مما يبعثُ الأملَ ويقوي العزائمَ ما جلّته عقيدة التوحيد في قلوب المسلمين، مما سطّره كثيرٌ من المسلمين في الأقطارِ والأمصارِ من التنادي للدعوةِ لنُصرةِ المسلمين والمستضعفين في غزةَ على اليهودِ الصهاينة المعتدين المحتلين، وأعوانِهم من المشركين .
قال الله تعالي : (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ)[الأنفال: 72].
قال شيخ الإسلام – رحمه الله – : “والقتال يكون بالدعاء كما يكون باليد”،
وفي البخاري “إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ”. وَكَان المسلمون يَقُولُونَ فِي الْمَغَازِي لِلْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ: يَا بَرَاءُ اقْسمْ عَلَى رَبِّكَ، فَيُقْسِمُ عَلَى رَبِّهِ فَيُهْزَمُ، ثُمَّ فِي آخِرِ غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَالَ: ” أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَبِّ لَمَا مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ، وَجَعَلْتَنِي أَوَّلَ شَهِيدٍ”؛ فَاسْتُشْهِدَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.
فتحسسوا أخبارَ إخوانِكم، وادْعوا لهم في صلواتِكم وخلواتِكم، ولا يُنْسِينّكم ما أنتم فيه من خيرٍ وعافيةٍ وأمنٍ ورغدِ عيشٍ مُصابَهم؛ فإن المصاب جَلل، وإنّ اللهَ يبتلي بالسراءِ والضراء؛ (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)[المائدة: 56].
واستحثوا أمهاتكم وأولادكم، والصالحين من إخوانكم بالدعاء والنصر؛ “فإنما تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ بِضُعَفَائِكُمْ”(أخرجه البخاري).
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله إيماناً بكماله وجلاله، ويقيناً بعلمه وحكمته، ورضاً وطُمأنينةً بعدله ورحمته، أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبدُ الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً.
أما بعد ، أيها المسلمون :
(٣)- فإن لاجتماع ووحدة كلمة وصف المسلمين ثمرات وفوائد كثيرة ، ومنها :
أولا : الوحدة والاجتماع قوة ومنعة يتبعها النصر والتمكين ، وهذا أمر معلوم بالضرورة عقلا ونقلا ،وهو ما حرص عليه النبي -ﷺ- منذ بداية الدعوة ،ثم عندما هاجر إلى المدينة حيث آخى بين المهاجرين والأنصار ،ووضع الوثيقة التي تجعل أهل المدينة يدا على من عاداهم ،
ثانيا : رضا الله عز وجل لامتثال أمره وأمر رسوله -ﷺ- ،بالاعتصام والتمسك بحبله ،وهذا يجلب كل خير ويدفع كل شر ،وفيه حياة الأمة وعزها , قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال24].
ثالثا: من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : الهداية إلى الحق وصراط الله المستقيم بتوفيق من الله عز وجل ,قال تعالى {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران101]،
رابعا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : رحمة الله ونيل فضله وهدايته ومحبته ،قال تعالى : {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} [النساء175] ,وقال تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف4] ,فهذه الرحمة وهذا الفضل والهداية والحب خاص بأهل الإيمان والاعتصام قلُّوا أم كثروا .
خامسا: من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : معيّة الله عز وجل و ولايته ,ومعيّة المؤمنين , قال تعالى {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج78] ،وقال تعالى {إ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء146]
سادسا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : البركة في الجماعة ,وذلك في أمور الخير كلها , قال رسول الله -ﷺ- : “صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً” رواه البخاري, وقَالَ رَجُل لِلنَّبِيِّ -ﷺ- : إِنَّا نَأْكُلُ وَمَا نَشْبَعُ ، قَالَ :” فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُفْتَرِقِينَ ، اجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ”.(رواه أحمد).
سابعا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : الاستفادة من طاقات أبناء الأمة ووضعها في مكانها المناسب ,فعندما يجتمع أبناء الأمة تحت قيادة واحدة فإنها توزع المهام وتضع كل ذي اختصاص في اختصاصه ،فتتضافر الجهود ويحدث التعاون لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها الأمة .
تاسعا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : كف بأس أبناء الأمة عن بعضهم وتوجيهه ضد أعدائهم ،فبالاجتماع وتآلف القلوب بإذن الله تكون قوة الأمة وعزتها أمام أعدائها ،وبتفرقها وتنازعها يكون ضعفها وذلتها .
عاشرا: من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : تبكيت شياطين الجن والإنس وأعداء الدين , فباجتماع الكلمة ورص الصف والتآلف بين المسلمين يكون عزهم وتحقيق أهدافهم ,فلسان الحال يقول لهم ما قال الله تعالى {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران119].
* وأما عن المفاسد المترتبة على الفرقة والاختلاف فهي كثيرة :
– من أعظم المآسي : الضعف والعجز و تسلط أعداء الأمة واستباحتهم لدماء أبنائها وديارهم ومقدراتهم ، و احتلال بلاد المسلمين وإذلال شعوبها. وضياع الأقليات الإسلامية في أطراف العالم الإسلامي. والتجرؤ على عقيدة المسلمين وثوابتهم ومقدساتهم. وكذا الفتن الداخلية بين المسلمين وإراقة دماء المسلمين بأيدي المسلمين ، والتناقض التام بين الغنى الفاحش والفقر المدقع في البلدان الإسلامية . وبالجملة ضياع الهيبة وسقوط المكانة للأمة الإسلامية، كما حذر الله تعالى : قال الله تعالى: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [الأنفال46] ، وكما أخبر رسوله -ﷺ- : « يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأُكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ». قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ « أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ». قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهَنُ قَالَ « حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ » رواه احمد وأبو داود
– ومنها: الضلال والابتعاد عن الحق أو الجهل به ،وذلك نتيجة لرفض كل طرف للآخر واجتزاء الحق، قال تعالى {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون 53]
– ومنها: سفك الدم الحرام ,وقتل الأنفس المعصومة , وسلب المال الحرام , والوقوع في أعراض المسلمين ,والوقوع في الغيبة و النميمة وغيرها مما حرم الله عز و جل ، قال رسول الله -ﷺ- : « لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ » رواه البخاري ،وقال رسول الله -ﷺ- :” إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمِ الْفُرْقَةُ” (رواه أحمد).
– ومنها: غضب الله وعقابه ,واسوداد وجوه المفترقين يوم القيامة ,قال الله تعالى { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } [آل عمران106] , قال ابن عباس رضي الله عنه : تبيض وجوه أهل السنة والجماعة ،وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة .
فاتقوا الله أيها المسلمون ، وتمسكوا بدينكم واشكروه على نعمة الإسلام، واحذروا النزاع والشقاق والخصام، واعلموا – أيها المسلمون – أن الله أمرنا أن نكون أمةً واحدةً، ونهانا عن أن نتفرق إلى مِلَلٍ ونِحَلٍ؛ إيثارًا لسلامة الدين، وإبقاءً لوحدة المسلمين؛ حيث قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].
اللهم منزل الكتاب مجري السحاب هازم الأحزاب؛ اهزم اليهود والمشركين ، وارفع البلاء والظلم والقتل عن المسلمين، اللهم كن للمستضعفين والمضطهدين والمشردين من المسلمين عونًا ونصيرًا.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين وجندك الموحدين.
اللهم أمِنَّا في أوطاننا، اللهم احفظ مصر واهلها من كل مكروه وسوء اللهم أجعلها أمنا أمانا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 – 182].
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.