ما هو المعنى الحقيقي للتوحيد الخالص ؟ ومتى يتحقق العبد بحقيقة التوحيد ؟

بقلم الكاتب والداعية الإسلامى
الدكتور : رمضان البيه


تمضى الأيام وترحل وتبقى الذكريات
 وما اجمل الذكريات وأمتع الحوارات والجلسات واللقاءات الروحية مع شيخي واستاذي ومعلمي فضيلة مولانا العارف بالله الشيخ البيه رضوان الله عليه الذي رحل بجسده الطاهر عن دنيانا منذ اربعة وثلاثون عاما ولكن الوصل الروحي قائم والذكريات والجلسات المحمدية الرائعة باقية ومطبوعة في الذاكرة وكم كانت عميقة وممتعة ومفيدة .وكم أفادتني في تربية نفسي وسلوكي في طريق الله تعالى..

وأذكر على سبيل المثال إحدى حواراتي معه رحمه الله تعالى منذ أكثر من أربعون سنة يوم أن سألته عن المعنى الحقيقي للتوحيد الخالص وعن كلمة التوحيد ومتى يتحقق العبد بحقيقة التوحيد ؟ ..
فأجابني قائلا ..
كلمة وشهادة التوحيد
وهي نطق العبد بكلمة .. لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله معناها الإعتقاد والإيمان بالقلب والإقرار باللسان بوجود الله تعالى ووحدانيتهوتفرده بالخلق والملك وأنه سبحانه وتعالى واحد أحد فرد صمد لا شريك له ولا ند له ولا ضد له ولا شبيه له إذ أنه عز وجل ليس كمثله شئ.

وهو السميع البصير وهو تعالى موجود بذاته .كان ولا شئ معه وهو على ماكان عليه دون تغير أذ أنه تعالى يغير ولا يتغير ..لا يشار إليه تعالى بأين بعينه وهو عين كل أين ..ولا يشار إليه سبحانه بكيف ولا نعت ولا وصف إلا بما وصف نفسه سبحانه في كتابه العظيم وهو تعالى المتقدسة أسماءه والمتنزة صفاته والذي تعالت ذاته عن الرؤية والأحاطة والكيف والإدراك والمعرفة وصدق تعالى إذ قال..وما قدروا الله حق قدره ..لا تحيط به العقول ولا تدركه الأبصار .يحيط ولا يحاط ويدرك ولا يدرك صفاته تعالى قديمة بقدمه عز وجل يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون بل علمه سابق ومتقدم على ما كان وما هو كائن وما سيكون إذ أنه تعالى أحاط بكل شئ علما وهو الذي لا يغيب عن سمعه وبصره تعالى كائن ما كان في الكون .

وهو سبحانه القائم على ملكه والمدبر لشئون عباده وخلقه ومعايشهم فهو رب العالمين..وهو سبحانه مقدر الأقدار ومقلب الليل والنهار ومسبب الأسباب وهو الفعال فيها ولا يقع في ملكه إلا ما أراد..وهو تعالى الفعال لما يريد ولا رادا لقضاءه ولا معقب لحكمه ..أعجز الخلائق بقدرته وذهل العقول ببديع وجمال صنعه وحير العقول بطلاقة قدرته ..وهو حي قيوم أبدي بعد الأبد أزلي من قبل الأزل .وهو تعالى خالق الموت والحياة وفاطر السموات والأرض ..أمره سبحانه بين الكاف والنون إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ..

له الأسماء الحسنى والصفات العليا ..صفاته تخالف صفات خلقه ..له القدرة ولخلقه العجز..له القوة ولخلقه الضعف..له الغنى والإستغناء ولخلفه الفقر والعوز ..له العلم والإحاطة ولخلقه الجهل والعجز .. له الكمال المطلق ولخلقه النقص المفعم .. له الديمومية ولخلقه الفناء ..وهو تعالى الذي كتب الفناء على كل شئ وإنفرد بالربوبية والديمومية والخلد والبقاء .. آياته سبحانه ظاهرة باهرة جلية للناظرين لا ينكرها إلا اعمى بصر وبصيرة .. له في كل شئ آية دلت على أنه الواحد ..

هنا توقف شيخي عن الحديث ودمعت عيناه وقال..يا بني ..الخلاصة..أنه لا يعرف الله إلا الله فإن له سبحانه من العظمة والتعظيم ما لم ولن يعلم .. وله سبحانه من الجلال والإجال ما لم ولن يعرف. وله سبحانه من القدسية والقداسة ما لم ولن يعلم.. فسبحان الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير..عزيزي القارئ نتوقف هنا ونستكمل الحوار بمشيئة الله تعالى في المقالات القادمة ورحم الله ابي وشيخي وأستاذي ومعلمي فقد كان من خاصة العارفين بالله تعالى..