اسباب انتصار الإنسان

بقلم الكاتب الدكتور: عبد الكريم فتاح أمين

للانتصار اسباب كثيرة لا تعد ولا تحصى ولكن بحكم  ما لا يدرك كله لا يترك جله ولذا نقول: وبالبداهة تتنوع الانتصار بشكل عام إلى نوعين:

الأول: السبب الداخلي، وهو عبارة عن جوانب عديدة تنبع من باطن الإنسان نفسه من العلم والمروءة والشجاعة والحلم والصبر والريادة والجود والخلق الحسنة والاسعاف والإخلاص في العمل والجد عن ساعد الجد والتشمر، وهذه النقطة الأخيرة تعتبر نقطة رئيسية في تحقيق شخصية الرجل لأن المجاهدة المتواصلة والعمل تلو الآخر تدفع الإنسان إلى أن يوصف بالعلم والمعرفة، وقاطبة لا يحرم المجاهد من ثمرات جهده عمله كما قال سبحانه:﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) العنكبوت.

وفي الحقيقة لا يجدر بنا أن نمن على الآخرين بما نبذل من عمرنا لتحصيل شيء ينفعنا وينفع من سوانا، لأن معظم خيرات المجاهدة ترجع إلى المجاهد وليس غير لأن التاريخ والضمير الحي يصفان ذلك المجاهد ولا يظلمه كما قال سبحانه: ﴿ وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾[ العنكبوت: 6]

ولكن لا ننسى أناس كثيرون يأكلون من مجاهدة المجاهد والعامل الخير ويصبحون إنسانا ذا شخصية كبيرة من بين المجتمع والدولة، ولا يستطيعون أن يتغافلون عنه.

وبالمعلوم يرى الله تعالى إنسانا يبذل عنفوان شبابه من أجل تحصيل مهنة وحرف أو علم من أجل مصالح الناس ورفع الصعوبات عنهم ، فالمهنة والحرف تصلح وتسوي شؤون الآخرين ، وكذلك العلم الشريعة تشرح لهم الحلال والحرام وكيفية التعبد الحقيقي والمعاملة الحسنة مع الاقارب والاصدقاء والأجانب ، وهكذاعلم الطب يخفف من أعراض وآلام المرضى بل ربما يزيلها بالكلية باذن الله تعالى.

الثاني: السبب الخارجي، وبحسب الأزمان والظروف تتغير تلك الأسباب الخارجة، بعض منها تتعلق بعصر الطفولة والصغر كالوالد والوالدة، وهذان الكائنان تنتهي مسئوليتهما ببلوغ أولادهما الذكور وزواج بناتهما، لاسيما وقت صب الشيبوبة وغياب القوة وغيبوبة التذكار، وتقع مسئوليتهما على عاتق الأولاد والدعاء لهما أمر لابد كما قد أشار رب العزة في الآية الآتية:﴿ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) سورة الإسراء.

وبعض منها تبدأ من البلوغ وتدوم بدوام العمر والعلاقة الزوجية والاسرية كالزوج للزوجة، والزوجة للزوج، سبحان الله لاسيما الزوجة تتمنى نجاح زوجها وتناضل كل ما لديها من أجل انتصار زوجها، وحتى ترجو رفع شأنه على آبائها وإخوانها وأقاربها لأنها تعلم أنها مستفيدة من سامية شخصية زوجها بالذات قبل غيرها.

أنظر إلى مقال المجاهد عمر المختار- رحمه الله – كيف يصف فيه زوجته الوقورة الطيبة- رحمها الله:  بكى عمر المختار حين ماتت زوجته، فقالوا له ما يبكيك؟ قال : كانت ترفع باب الخيمة لأدخل فأسألها لم تفعلين ذلك؟ فتقول : لكي لا تنحني لغير الله

وهذا الذي مر آنفا مثال للزوجة الصالحة التقية النقية، والذي سنشير إليه الآن مثال للزوجة الطالحة المسيئة:  عن طلق بْن عياش قال: جاء رجل إِلَى القاضي حفص بن غياث فَقَالَ لَهُ: أصلحك الله إنه قد جرى بيني وبين امرأتي كلام فقالت لي: يا نذل، فقلت لها: إن كنت نذلاً فأنت طالق ثلاثاً، وقد خفت أن تكون قد حرمت علي فأي شيء النذل ؟ قَالَ: أتشتم أصحابَ مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام ؟ قَالَ: لا، فقال له: فلست بنذل أخبار القضاة لابن صدقة الضبي البغدادي ٣ / ١٨٧ .