
بقلم الشيخ : محمود البردويلي المالكي
لماذا يحرَم بعض طلاب العلم من الفهم والبركة؟
الجواب: لأن العلم بلا أدب لا يُثمر، وطلب العلم بدون احترام الشيوخ واتباع آداب العلم يحرم صاحبه بركة الفهم والاحتفاظ بما يتعلم.
إنَّ اهتمامَك بآدابِ العلم أكثرَ من اهتمامك بمسائلِه يفتحُ لك أبوابًا من العلم لم تكن تخطر لك على بال، ببركة حسن الأدب.
وإهمالُك للآداب يحرمك أبوابًا من العلم، ولو كثُرت قراءاتُك.
فكن حريصًا على قراءة كتب الآداب قبل قراءة كتب العلم؛ تنتفع ولا تُحرم.
وكم من عالمٍ حُرم الناسُ علمَه لسوء أدبه مع شيوخه، وكم من مشتغلٍ بالعلم رفع الله شأنه، وبارك في علمه، ببركة أدبه مع مشايخه.
يذكر الإمام الشعراني رحمه الله في كتابه المنن الكبرى أن عالمًا كان يحضر درسه علماءُ الأزهر، ويتمايلون طربًا لكلامه، ثم لا يكادون ينصرفون من مجالسهم إلا وقد ذهب ما سمعوه من ذاكرتهم.
وهذا شيخُنا الإمام خليل بن إسحاق المالكي رحمه الله، ذهب يطلب العلم على شيخه الإمام الكبير عبد الله المنوفي، فوجد الشيخ قد خرج يبحث عن كَنَّافٍ ينظف له حمام بيته، فقال خليل:
«شيخي يبحث عن كَنَّاف، وأنا موجود؟!»
فنزل بنفسه ينظف الحمام.
فلما رآه شيخه المنوفي، نزلت دمعةٌ من عينه، وهي دمعةٌ غاليةٌ عند الله، فصار خليل إمامًا في المذهب المالكي، وقطبَ رحاه إلى يوم الناس هذا، وكان ذلك ببركة أدبه مع شيخه.
والأمثلة في هذا الباب كثيرة، نتركها خشية الإملال.
ملاحظة
الأدب سلوكٌ يستمر معك إلى نهاية حياتك؛ فقد تجد نفسك يومًا شيخًا معلِّمًا، ضعيفَ الأدب، فتُربِّي طلابًا ضعفاء الأدب.
مجلة روح الاسلام فيض المعارف