” أعز من بيض النوق ” … أزمة صداقة

بقلم د/ زينب بسيوني ابو اليزيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

قال تعالى :- ” فما لنا من شافعين  ولا صديق حميم “…

قال صاحب الكشاف في تفسيره لهاتين الآيتين “….. فإن قلت : لما جمع الشافع ووحد الصديق ؟ قلت : لكثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق ألا ترى أن الرجل إذا امتحن بإرهاق ظالم نهضت جماعة وافرة من أهل بلده لشفاعته ، رحمة له وحسبه، وإن لم يسبق له بأكثرهم معرفة ، وأما الصديق –وهو الأدق في ودادك الذي يهمه ما أهمك – فأعز من بيض النوق ( بيض النوق هو تعبير عن شيء صعب المنال أو عزيز جدا ، وأصل بيض النوق : الذي يعني بيض طائر النوق ” العقاب أو الرخمة ” الذي يبني أعشاشه في أماكن مرتفعة ووعرة، لذا ؛ يصعب الوصول إليها ، لذلك يستخدم التعبير مجازا في الأمثال للدلالة على شيء لا يمكن تحصيله أو الحصول عليه ” أعز من بيض النوق”)
وما أعظم نموذج يضرب للصداقة بكل معانيها السامية العظيمة خير من نموذج صداقة الصديق رضي الله عنه وأرضاه مع حبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والذي اختاره رفيق رحلته وكاتم سره في رحلته الوعرة يوم الهجرة ، فقال صلى الله عليه وسلم في حق صديقه الصديق رضي الله عنه ” إ ن الله بعثني إليكم ، فقلتم : كذبت ، وقال أبوبكر : صدق ، وو ساني بنفسه وماله ” ، وقال أيضا في حقه ” إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبابكر خليلا ، إلا خلة الإسلام ، لا يبقين في المسجد خوخة  إلا خوخة أبي بكر” رضي الله عنه وأرضاه

أسباب تقلص الصداقة في وقتنا المعاصر:

السبب الحقيقي وراء تقلص الصداقة ، بل والذي يشكل الخطورة الكاملة على هذه القيمة التي تشكل مكانة عظيمة بين القيم المجتمعية التي تساهم في النهوض بالمجتمعات وحمايتها من الانهيار، هو خروجها من جوهرها وكنيها الحقيقية  وتقمصها أدوار تمثيلية  مرغمة على القيام بها على أيدى بعض هؤلاء الذين خالفوا فطرتهم وقيمهم وقبل كل هذا أماتوا ضمائرهم في مقابل منافع زائلة الملاذ باقية الحساب ،مما ساهم في انتشار فقد الثقة بين أفراد المجتمع

وقد قال منصور الكريزى :

إذا كان لك صديق يعينك على الخير فشد بيدك عليه فإن الصديق  الصالح شيء عزيز لا يوجد كل حين

وقد قال الشافعي – رحمه الله- :

سلام على الدنيا إذا لم يكن بها …. صديق صدوق صادق الوعد منصفا