“اهبطوا مصر… ادخلوا مصر” مصر من موسي إلي غزة


بقلم أ : عاطف بخيت
مدرب محترف معتمد من المعهد الأمني للتنمية البشرية 

في كتاب الله، تتردد كلمات تحمل دلالات عميقة تتجاوز الزمان والمكان، ومن بين هذه الكلمات قول الله تعالى:
“اهبطوا مصرًا فإن لكم ما سألتم” [البقرة: 61]
وقوله تعالى على لسان يوسف عليه السلام:
“ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين” [يوسف: 99]

هاتان الآيتان ليستا مجرد توجيه جغرافي، بل إشارات ربانية إلى بلدٍ له من الخصوصية ما يجعله موئلًا للأمان، ومصدرًا للرزق، ومسرحًا لأحداث عظيمة في تاريخ البشرية.

مصر في القرآن: أرض الخصب والأمان

– في الآية الأولى، يُطلب من بني إسرائيل أن “يهبطوا مصرًا” حيث تتوفر النعم التي طلبوها، مما يعكس وفرة الخيرات في هذا البلد.
– وفي الآية الثانية، يطمئن يوسف عليه السلام أهله بأن دخولهم إلى مصر سيكون آمنًا، وهو ما يعكس مكانة مصر كملاذ آمن عبر العصور.

مصر عبر التاريخ: حضارة الأنبياء والعلماء

– كانت مصر موطنًا للأنبياء: إبراهيم، يوسف، موسى، وعيسى عليهم السلام.
– احتضنت حضارات عظيمة: الفراعنة، الإغريق، الرومان، والعرب.
– أنشأت الأزهر الشريف، منارة العلم الإسلامي لأكثر من ألف عام.

مصر اليوم: دبلوماسية السلام في غزة

في العصر الحديث، لم تتخلَّ مصر عن دورها التاريخي كحاضنة للسلام، بل برزت كـ فاعل إقليمي محوري في حل أزمة غزة:

– الوساطة المصرية نجحت في التوصل إلى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس، خفف من معاناة الشعب الفلسطيني.

– حركة حماس نفسها ثمنت دور مصر في وقف الحرب، وأشادت بمفاوضات المصرية التي سعت إلى وقف إطلاق النار، إدخال المساعدات، وضمان عودة النازحين.

– مصر استضافت مؤتمرات ومفاوضات جمعت الفصائل الفلسطينية، وسعت إلى تشكيل هيئة وطنية مستقلة لإدارة القطاع مؤقتًا.

– أطلقت مصر مبادرة إعادة إعمار غزة، حازت دعمًا عربيًا واسعًا، لتكون حجر الأساس لمستقبل القطاع.

مصر: من آيات السماء إلى مفاوضات الأرض

حين يقول الله تعالى: “اهبطوا مصرًا” و”ادخلوا مصر”، فهو لا يوجه فقط بني إسرائيل أو آل يعقوب، بل يوجه أنظار البشرية إلى بلدٍ له من الخصوصية ما يجعله أرضًا مباركة، وموطنًا للأمن والرزق.

واليوم، حين تتجه الأنظار إلى مصر لحل أعقد أزمات الشرق الأوسط، فإنما تتجدد تلك الآيات في وجداننا، لتؤكد أن مصر كانت وما زالت مفتاحًا للسلام، وملاذًا للعدل، وصوتًا للعقل.