تساؤلات حول شخصية الامام المهدى

المقال الثلاثون من سلسلة (علوم آخر الزمان)
بقلم فضيلة الشيخ الاستاذ الدكتور / محمد عبد الله الأسوانى

ذكرت الاحاديث النبوية المشرفة ان الله تعالى يبعث فى امة النبى صلى الله عليه وسلم مجددون على نهج النبى صلى الله عليه وسلم ، يجددون للامة المحمدية امر دينها وما درس من سنن النبى صلى الله عليه وسلم.

فقد روى عن ابى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللهَ يبعثُ لهذهِ الأمةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سنةٍ من يُجدِّدُ أمرَ دينِها” أخرجه ابن حجر العسقلاني فى تخريج مشكاة المصابيح، والزرقاني فى مختصر المقاصد، وأبو داود فى سننه،والطبراني فى المعجم الأوسط.

فقرن الامام المهدى هو خير القرون بعد القرون الثلاثة، التى وصفها النبى صلى الله عليه وسلم فهو القرن الرابع الفرد، كما ان شهر رجب فرد فى الاشهر الحرم، كذلك زمن الامام المهدى فرد بعد الثلاث القرون الأُول بعد قرن النبى، وقرن الصحابة، وقرن التابعين.

عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيرُ القرونِ قَرْنِي ثم الذين يَلُونَهم ثم الذين يلُونَهم ) وروى بلفظه عن عمران بن الحصين وأبو هريرة والسيدة عائشة ام المؤمنين رضى الله عنهم

وروى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيرُ القرونِ القرنُ الَّذي وروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خيرُ القرونِ قرْني, ثمَّ الَّذين يلونَهم, ثمَّ الَّذين يلونَهم, ثمَّ يأتي قومٌ يشهدونَ ولا يُستشهدونَ, وينذُرونَ ولا يوفونَ, ويظهرُ فيهم السِّمَنُ ” أخرجه ابن رجب فى جامع العلوم والحكم

وروى عن ابنة أبي لهب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مرَّ بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاستسقى فقُمْتُ إلى كُوزٍ فسقَيْتُه فسأَله رجلٌ عليه ثوبانِ أخضرانِ فقال تعبُدُ اللهَ لا تُشرِكُ به شيئًا وتُقِيمُ الصَّلاةَ وتُؤتِي الزَّكاةَ ثُمَّ قال خيرُ القرونِ أمَّتي ثُمَّ الَّذين يلُونَهم” أخرجه الهيثمي فى مجمع الزوائد

 كذلك زمن الامام المهدى فرد بعد القرون الثلاثة الأُول بعد قرن النبى، وقرن الصحابة، وقرن التابعين، وحتى يكون قرن الامام المهدى واصحابه وانصاره مجددين للدين ومقيمون لدولة العدل.

فهل يعقل ان يكون المهدى ليس له قدر عالى من العلوم الدينية؟!! طبعاً هذا امر لا اظنه ان يكون مقبولاً

قال تعالى: ” لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ” المائدة : 63

وقال تعالى: “شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” آل عمران:18

وقال تعالى: ” هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ” آل عمران : 7

ولكن لابد ان نفهم ونفرق بين الامية والجهل، الامى قد لا يكون يقرأ ولا يكتب ولكنه من الممكن ان يكون عنده الكثير من العلم سواء كان علماً ربانياً او علم مكتسب فقد يكون الامام المهدى عليه السلام قد يكون أمى او جامعياً خريج جامعات. لكن على العموم لا اظن ان يكون الامام المهدى عليه السلام ليس عنده علم فكيف يقيم العدل وكيف يفرق بين الامور الدينية الشائكة خاصة انه جاء فى زمان كثر فيه الاختلاف واللغط.

قال تعالى: ” الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” الأعراف : 157.

فهناك حرب شعواء على الاسلام، على كل علماء الدين بصفة عامة فيهاجم كثير من علماء الدين سواء كانوا علماء الحديث او الفقه او التوحيد لكن بالأخص يتم مهاجمة علماء الحديث والفقه فهؤلاء النوعين من  العلماء يتعرضون لهجوم شديد وتشكيك وحرب شعواء.

فاذا لم يكن المهدى عالم فعندما سنفق امام هذا الرجل  ونسأله عن المسائل الخلافية ، فهل سيتركنا للاختلاف، اذا امر المهدى عليه السلام سيهدم قبل ان يولد اذا كان الرجل لم يكن له كفاءة علمية دينية، سيؤدى هذا بالضرورة بعض العلماء حوله من كافة الافكار الى الاختلاف ولن يستطيع ان يدلل على قضية معينة او اتجاه معينة يجمع الجميع حوله بالحجة والبرهان والدليل من الكتاب والسنة ، فانا استبعد الا يكون الامام المهدى عليه السلام عالم بالشريعة ، فلابد ان يكون الامام المهدى عليه السلام عالماً بالشريعة وان يكون له قدر كاف بالعلوم الدنيوية من الاقتصاد والسياسة وحتى العلوم العسكرية بل لابد ان يكون له اطلاع ولو بقدر يسير على كافة العلم الدنيوية ولابد ان يستخدم مستشارين فى كل هذه العلوم ، اما بالنسبة للعلوم الدينية فلابد ان يكون عالماً  سواء كان علماً الهامى كقذف نور فى قلبه يجدد للناس هذا الامر ، او ان يكون دارس وعنده قد كاف من العلم فهو اذاً لا يستطيع ان يجمع الجميع على مسألة معينة أو اتجاه معين ثبت عليه الدليل من الكتاب والسنة، فانا استبعد الا يكون المهدى عليه السلام عالم بالشريعة مما يجعله على رأس العلماء فى عصره..

قال تعالى: “هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” الجمعة : 2.

يقول الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله – في شأن العلماء الرَّبانيين – هم : “ورثة الرسل وخلفاؤهم في أممهم ، وهم القائمون بما بعثوا به علماً وعملا ودعوة للخلق إلى الله على طرقهم ومنهاجهم ، وهذه أفضل مراتب الخلق بعد الرسالة والنبوة …وهؤلاء هم الربانيون وهم الراسخون في العلم وهم الوسائط بين الرسول وأمته فهم خلفاؤه وأولياؤه وحزبه وخاصته وحملة دينه”.

روى عن النبى صلَّى الله عليه وسلَّمَ انه قالَ: “فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ” أخرجه الترمذي في سننه

وروى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم قال: “يحمل هَذَا الْعلمَ منْ كُلِّ خلفٍ عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالينَ، وانتحال المبطلينَ وَتَأْويل الْجَاهِلين” أخرجه البيهقي في سننه الكبرى بلفظ : (يرث)، وابن عساكر في تاريخه

وعنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ-رضِيَ الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : “مَا مِنْ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ” أخرجه مسلم في صحيحه