الشيخ خالد خضر.. عقلية استراتيجية تقود القطاع الديني نحو وعي مستنير ووطن آمن
7 أغسطس، 2025
منبر الدعاة

بقلم فضيلة الشيخ : حسين السمنودي
إمام وخطيب ومدرس على درجة مدير عام بمديرية أوقاف القاهرة
في زمن يموج بالتحديات الفكرية والمجتمعية، وتتعالى فيه الأصوات المتضاربة باسم الدين، برزت الحاجة إلى قيادة دعوية تمتلك من الحكمة والبصيرة ما يمكنها من ترسيخ منهج ديني وسطي متزن، يواجه الغلو والانحراف، ويصنع الوعي الوطني، فكانت رئاسة القطاع الديني بوزارة الأوقاف تحت قيادة فضيلة الشيخ خالد خضر علامة مضيئة في هذا المسار، ونموذجًا يُحتذى في العمل الدعوي الجاد المنضبط.
الشيخ خالد خضر لم يكن مجرد مسؤول إداري يتابع الملفات الدعوية من خلف مكتبه، بل كان وما زال رجل ميدان من الطراز الرفيع، يعيش نبض الواقع، ويستمع لصوت الدعاة، ويتابع أحوال المساجد والوعاظ من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، يتعامل مع الشأن الدعوي بروح الجندي ورسالة العالم، وفكر القائد الذي يرى في الدعوة حصنًا استراتيجيًا للوطن.
في عهده، تحوّلت التحديات إلى فرص تطوير وبناء، حيث أعاد صياغة مفهوم المنبر والخطبة والداعية، فجعل من المنبر صوتًا وطنيًا يعزز قيم الانتماء، ومن الإمام حاملًا لرسالة تنويرية تُقاوم الفكر المتشدد، ومن المسجد مركز إشعاع ديني واجتماعي، يدعو للوحدة ويحض على الفضيلة، ويكشف زيف الشائعات وحيل التطرف.
القطاع الديني في ظل إدارته بات مؤسسة فاعلة لا تترك مجالًا للارتجال أو الفوضى، بل تحركت وفق رؤية متكاملة، تجعل من الدين قوة ناعمة تعين الوطن في معاركه الفكرية، وتسند مشروعه التنموي الكبير نحو الجمهورية الجديدة، بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تماهى الخطاب الديني مع الطموح الوطني في بناء وعي عصري، متجذر في ثوابت الشريعة، مستنير بمصالح الوطن.
ولا شك أن النجاح الذي حققته هذه المنظومة كان نتاج تكامل الأدوار، حيث أحاط بالشيخ خالد خضر نخبة متميزة من القيادات الدعوية، وكلاء ومديرين ومفتشين، شكلوا جميعًا جبهة وعي تصون الفكر العام، وتواجه الحرب النفسية التي تستهدف العقول. وقد كان لقيادة الوزارة ممثلة في الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري الدور الرائد في دعم هذه الرؤية وتبنيها، وهو ما أحدث نقلة نوعية في مفاصل العمل الديني كله.
ويحظى الأئمة والدعاة والواعظات في هذا المشروع الدعوي بعناية خاصة، فهم جنوده الحقيقيون، الذين يواجهون يوميًا تحديات الواقع، وينزلون إلى الناس بالكلمة الطيبة والنصيحة الصادقة، مؤمنين بأن بناء الإنسان يبدأ من العقل والقلب، وأن مهمة الداعية لا تقتصر على المنبر، بل تمتد إلى كل ميدان يشهد صراعًا بين النور والظلام.
الواعظات على وجه التحديد، سطّرن ملحمة دعوية مميزة، من خلال مشاركتهن الفاعلة في القوافل والندوات واللقاءات الجماهيرية، حيث نقلن رسالة الإسلام السمحة إلى بيوت المصريين، وكن سندًا حقيقيًا في ترميم الروابط الأسرية، والتصدي لمظاهر الانحلال، وبث روح الاستقرار في المجتمع، مؤمنات بأن المرأة ليست فقط متلقية للخطاب، بل شريكة في صناعته، وفاعلة في أثره.
وما يميز رئاسة القطاع الديني في هذا العهد أنها تعمل بمنهج التخطيط الاستراتيجي لا العشوائية، حيث صارت البرامج الدعوية تُبنى على دراسات واقعية، وتتفاعل مع القضايا الوطنية والاجتماعية بشكل مباشر، فكل تحرك دعوي يخضع لتقييم ومتابعة، وكل منبر يُعد وسيلة لتشكيل وعي جامع لا مُفرّق.
لقد استطاع الشيخ خالد خضر أن يربط بين الواجب الدعوي والمصلحة الوطنية، وجعل من القيم الدينية منطلقًا لبناء دولة المواطنة والانتماء، وأثبت أن الدين في حقيقته لا يُفرّق بين الناس، بل يجمعهم على الفضيلة، وأن الإمام الواعي شريك في كل مشروع وطني يرنو إلى مستقبل أفضل.
وفي نهاية المطاف، فإن ما يقوم به الشيخ خالد خضر ليس جهدًا وظيفيًا اعتياديًا، بل رسالة تتجاوز حدود الوظيفة إلى عمق المسؤولية، مسؤولية حماية العقول، وتحصين القلوب، وبناء جيل واعٍ يقف إلى جوار جيشه وقيادته، ليصنع جمهورية جديدة بعقول مستنيرة وقلوب مؤمنة.
فهنيئًا لمصر بهذه القيادة الدعوية المستنيرة، وهنيئًا لوزارة الأوقاف بهذا القطاع الديني الفاعل، وهنيئًا لشعبٍ ما زالت الدعوة فيه تحيا بروح العلم، وتُبنى على أساس من الرحمة والوعي والانتماء.