حكم تقبيل اليد للعالم أو الصالح أو الوالد، وهل هو جائز في مذهب من المذاهب الأربعة؟


بقلم : د. أحمد سليمان أبوشعيشع

( عضو هيئة التدريس بجامعة كفر الشيخ – وخادم الساحة المنهلية )

 

 

حكم تقبيل اليد للعالم أو الصالح أو الوالد، وهل هو جائز في مذهب من المذاهب الأربعة؟

أقول، وبالله التوفيق:

 أوّلاً: تقبيل اليد في ضوء الأدلة الشرعية

من السنة النبوية:

عن زارع رضي الله عنه قال:  «لما قدمنا المدينة، فجعلنا نتـرامى، فنقبّل يد النبي ﷺ» رواه أبو داود (5223) 

عن صَفْوان بن عسّال رضي الله عنه قال:  «قبّلنا يد النبي ﷺ ورجله»
 رواه الطبراني وصححه الهيثمي في “مجمع الزوائد” (9/ 416).

 وهذه الأحاديث تدل على جواز تقبيل اليد، لا سيما إذا كان من باب التوقير والإكرام، لا التذلل والتملق.

 

 ثانيًا: أقوال أئمة المذاهب الأربعة

1️⃣ المذهب الحنفي:

نصّ الزيلعي في “تبيين الحقائق” (6/ 24):
 «يُكره تقبيل اليد إلا لعلم أو صلاح، ولا بأس به لهما».

أي: جائز لذوي الفضل والعلم إذا خلا من التذلل أو الرياء.

2️⃣ المذهب المالكي:

قال القرافي في “الذخيرة” (10/ 256):

 «لا بأس به إن كان على جهة البر والإكرام لمن يستحقه من أهل الدين».

وهذا يدل على أن المالكية لا يرونه حرامًا، بل يُكرَه عندهم إذا أُفرط فيه أو اتُّخذ عادة.

3️⃣ المذهب الشافعي:

قال النووي في “الأذكار” (ص 263):

 «يُستحب تقبيل يد الصالح والعالم والوالد ونحوهم من أهل الدين والفضل».

وقد وردت آثار كثيرة عن الشافعية في استحباب تقبيل اليد عند لقاء العلماء.

4️⃣ المذهب الحنبلي:

قال ابن مفلح في “الآداب الشرعية” (2/ 285):

 «ولا بأس بتقبيل يد العالم، ويُكره إن كان على سبيل التكبر والتعظيم الزائد».

والرواية عن الإمام أحمد أنه رأى تقبيل يد الوالد والعالم جائزًا إذا خلا من الغلو.

🔸 ثالثًا: فقه المسألة في ضوء القواعد

 ما يجوز من تقبيل اليد:

إذا كان القصد به الإجلال والإكرام للعلم أو الصلاح أو حق الوالدين، ولم يكن فيه إذلال للنفس أو تمجيد دنيوي، فهذا جائز بإجماع العلماء تقريبًا.

 وما يُنهى عنه:

إذا اقترن بالرياء، أو تعظيم من لا يستحق، أو اتُّخذ عادة تؤدي إلى الكِبر أو الذل، فهذا مكروه أو محرم بحسب الحال.

الراجح والمختار:

بناءً على ما سبق من النصوص والآثار، فإن تقبيل اليد جائز شرعًا إذا كان للعلماء، أو الصالحين، أو الوالدين، أو ذوي الفضل، بشرط أن يكون:

1. على وجه التوقير والإكرام
2. لا يُداوَم عليه بحيث يتحول إلى طقس
3. لا يُؤدي إلى غرور المقبول ولا إلى ذل القابِل.

 الخلاصة:

الحالة الحكم الشرعي

تقبيل يد العالم أو الوالد أو الصالح بقصد الإكرام جائز

تقبيل اليد لغرض دنيوي أو رياء مكروه أو محرم

المداومة على التقبيل أو التذلل به مكروه