لكل زمان رجال والصديق رجل المواقف
21 ديسمبر، 2025
بستان الصحابة وآل البيت

بقلم الشيخ: رمضان محمد على
احبتى فى الله :
لكل زمان رجاله ولكل موقف رجاله الذين يتحملون تبعات ذلك الموقف و اذا تكلمنا عن رجل الموقف في الاسلام فالاسلام ملئ بالرجال الذين سطروا بمداد من ذهب وبأحرف من نور مواقف لا تنسى ولن تمحى بمرور الزمن و اذا تكلمنا عن رجل الموقف فالصديق رضي الله عنه خير رجل للمواقف بعد النبي صلى الله عليه وسلم الى زماننا هذا .
فعند وفاه النبي صلى الله عليه وسلم فزع الصحابه فزعا شديدا غير مصدقين الحدث الجلل الذي عم فيه فهم يعلمون معنى موت النبي صلى الله عليه وسلم فمنهم من عجز لسانه عن الكلام ومنهم من لم يستطع الحركه إلا ان الصديق رضي الله عنه كان رجل الموقف فاستل سيفه وخرج علي الناس ايها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ويتلو عليهم قوله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } آل عمران
فيقول عمر كأني أسمعها لأول مره فكان الصديق رضي الله عنه رجل الموقف .
بعد ذلك يوارى المصطفى صلى الله عليه وسلم التراب ويختلف المهاجرون و الأنصار فذهب أبو بكر و عمر و ابو عبيده بن الجراح الى سقيفة بني ساعدة ويشتد الأمر على الصحابة و الخلاف على أشده على اختيار خليفة للمسلمين فيظهر مرة اخرى رجلا للموقف ويقف ممسكاً بيد عمر و ابي عبيدة طالباً أن يختار الناس منهم خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيظهر رجلا آخر للموقف وهو أبو عبيدة بن الجراح ويثني علي الصديق ذاكراً فضائله وذكر فضائل الأنصار يا معشر الأنصار إنكم اول من قوى وساند فلا تكونوا أول من غير وبدل معشر الأنصار نحن الامراء وأنتم الوزراء فاتفق الناس على اختيار أبي بكر خليفة للمسلمين فكان أبو عبيدة هو رجل الموقف يتولى الصديق رضي الله عنه الخلافة ويخطب في الناس ومما قاله اطيعوني ما اطعت الله فيكم فان عصيت الله فلا طاعة لي عليكم يتقلد زمام الامور و يمتنع البعض عن إخراج الزكاة ويرتد البعض فيخرج عليهم صديق الامه قائلاً والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة والله ان منعوني عقال بعير يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه فكان رضي الله عنه كالاسد الكاسر ويكون رجل الموقف
وتتوالى الفتوحات و الانتصارات ويظهر اكثر من رجل للموقف في اكثر من موضع فيرسل الصديق الجيوش الي بلاد الشام تحت قياده ابي عبيده بن الجراح ويري ان الامر يتطلب توله خالد بن الوليد فيكتب الصديق رضي الله عنه الي ابي عبيده رضي الله عنه يستأذنه في قياده خالد قائلا له والله ما عزلتك لريبه فيك ولكن لما لخالد من دراسه في فنون الحرب عنك و انت عندي افضل منه و السلام فيسلم ابو عبيده القياده لخالد بن الوليد بكل رضا وقبول فكان رجل الموقف ويعيد خالد بن الوليد ترتيب الصفوف وينتصر الانتصار تلو الانتصار ويموت الصديق رضي الله عنه ويتولي الخلافه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيعزل خالد بن الوليد ويجعل مكانه ابا عبيده بن الجراح فيتسلم ابو عبيده الخطاب ويخفيه عن خالد ويظل خالداً قائداً للجيش ويعلم خالد بعد ذلك بعزله فيذهب الي ابي عبيده في خيمته ليلاً ويقول له يا رجل تصلي خلفي وتأتمر بأمري و السلطان سلطانك ويعتب علي ابي عبيده عدم ابلاغه فيقول يا خالد والله ما اردت انا افسد علي المسلمين انتصاراتهم بتغيير القياده فينزل خالد بن الوليد الي جندي في الصف تحت رايه ابي عبيده
وهنا يظهر ابو عبيده رجل الموقف في تقديمه مصلحه المسلمين ويظهر خالد رجل الموقف في ذهابه وعتابه لابي عبيده فرضي الله عنهم اجمعين وهنا احبتي في الله احدثكم عن بطل قلما يعرفه الناس الا وهو عبد الله بس حذافه السهمي هذا الرجل الذي كان رمزا للإباء وعزه النفس و المروئه و الاخلاق الحسنه و الرجوله يؤسر عند الروم فيرى امبراطور الروم عليه علامات العزه و الإيباء و الرجوله فيناديه امبراطور الروم ويعرص عليه النصرانيه فيقول عبد الله والله لن ارضي عن دين محمد بديل فيقول امبراطور الروم اني اعرض عليك نصف ملكي و النصرانيه فيقول عبد الله بن حذافه والله لو جعلت لي ما ملكت العرب فأدرك امبراطور الروم عدم جدوى الحديث معه فأراد ان يرهبه فألقي باثنين من رفاقه في الزيت المغلي فلم يرجع فقال لحرراسه اللقوه في الزيت المغلي فاصطحبوه الي قدور الزيت فبكى عبد الله بن حذافه السهمي فأشار الحراس انه يبكي فقال اعيدوه ظناً منه انه تراجع عن موقفه فقال له الامبراطور اتخاف الموت قال عبد الله لا فقال مم تبكي فقال عبد الله والله وددت في تلك اللحظه ان يكون لي بعدد ما في جسدي من شعر انفس وتلقى الواحده تلو الواحده حسبة لله تعالى فأدرك الامبراطور عدم جدوى الكلام معه فقال له تقبل رأسي و اطلق سراحك ففكر عبد الله قليلاً وقال هذا عدو الله ما يضيرني إن قبلت رأسه رد عليه قائلا ومن معي فقال الامبراطور ومن معك (يطلق سراحه ورفاقه) فقبل رأسه فأطلق سراحه ومن معه فذهب عبد الله ابن حذافة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاصاً له ما حدث فقال الفاروق حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة السهمي و أنا اول من يفعل ذلك فكان عبد الله بن حذافة السهمي رجل الموقف