غزوة مؤتة… ملحمة صمود أسطورية ودروس لا تموت فى جامعات المانيا العسكرية

بقلم الإعلامى : مجدى الناظر

ليست غزوة مؤتة مجرد صفحة في كتاب السيرة، أو كتب التاريخ بل هي مدرسة مفتوحة فى فن القيادة، والثبات والصمود والتضحية، وحسن التقدير في أشد لحظات الخطر.
و العبقرية العسكرية فى تحويل الهزيمة الي نصر وتلك الخطة التى مازالت تدرس فى جامعات المانيا العسكرية حتى الآن , وأطلق بعدها علي قائدها خالد بن الوليد سيف الله المسلول

وقعت هذه الغزوة في شهر جمادى من السنة الثامنة للهجرة، لتكون أول مواجهة كبرى بين المسلمين وقوة عظمى آنذاك وهي الروم، في اختبار قاسٍ لإرادة الأمة الناشئة.

خرج جيش المسلمين وعدده ثلاثة آلاف مقاتل، في مواجهة جيش يفوقه 70 مرة عددًا وعدةً بأضعاف مضاعفة. ومع ذلك لم يكن الهدف مجرد نصر عسكري تقليدي، بل كان الدفاع عن كرامة الدولة الإسلامية، والرد على قتل رسول النبي ﷺ الحارث بن عمير الأزدي، وتأكيد أن دماء السفراء والرسل ليست مستباحة.

بطولة القادة وتسلسل القيادة

أبرز ما يلفت النظر في غزوة مؤتة هو وضوح القيادة وترتيبها؛ إذ عيّن النبي ﷺ ثلاثة قادة على التوالي:
زيد بن حارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحة رضي الله عنهم جميعًا

سقط القادة الثلاثة شهداء واحدًا تلو الآخر، لكن الراية لم تسقط، ولم يتسلل الاضطراب والخوف إلى صفوف المسلمين، في مشهد نادر من الانضباط والثبات.

جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قدّم نموذجًا عظيما” في الفداء، حين قُطعت يداه وهو يحمل الراية، فاحتضنها بعضديه حتى استُشهد، ليخلّده النبي ﷺ بقوله إن الله أبدله جناحين يطير بهما في الجنة. وسمى الشهيد الطائر

عبقرية القرار في أحلك الظروف

تولي خالد بن الوليد رضي الله عنه قيادة الجيش ولم يكن قد مضى على إسلامه سوى وقت قصير، لكنه أظهر عبقرية عسكرية فذة. أدرك خالد أن الاستمرار في القتال سيؤدي إلى إبادة الجيش، فغيّر خطة المواجهة بذكاء، وأعاد تنظيم الصفوف، وأوهم العدو بقدوم مدد جديد، ثم انسحب بالجيش انسحابًا منظمًا حفظ به قوة المسلمين.

وهنا يتجلى درس بالغ الأهمية: ليس كل انسحاب هزيمة، بل قد يكون قمة الحكمة وحسن التقدير لدرجة أن هذه المعركة تدرس حتى الآن فى جامعات المانيا العسكرية

الدروس المستفادة من غزوة مؤتة :

1 ـ أهمية القيادة الواضحة: ترتيب القيادة منع الفوضى رغم استشهاد القادة.

2. الثبات على المبدأ: المسلمون خرجوا وهم يعلمون فارق القوة، لكنهم لم يتراجعوا عن أداء الواجب.

3. التضحية والفداء: غزوة مؤتة سجل مفتوح لبطولات لا تُنسى.

4. المرونة وحسن القرار: القيادة الحكيمة لا تعاند الواقع، بل تتعامل معه بعقل راجح.

5. أن النصر ليس دائمًا بالسيف: أحيانًا يكون النصر في الحفاظ على القوة للمستقبل.

الخلاصة :

غزوة مؤتة تعلمنا أن الأمم حالعظيمة تُبنى على الإيمان، والوعي، وحسن القيادة، لا على كثرة العدد وحدها. وهي رسالة خالدة بأن التضحية لا تضيع، وأن الدماء الزكية التي سالت في مؤتة كانت جسرًا مهد لفتوحات كبرى، ورفعت راية الإسلام عاليًا في مواجهة أعتى الإمبراطوريات.