خير الناس أنفعهم للناس

بقلم الشيخ: رمضان محمد على

يقول الله عز وجل: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ).

أحبتي في الله، من المعلوم بداهة أن خيرَ الناس عند الله وعند الناس من يقدم النفع لغيره، وهو بذلك يسجل لنفسه عند رب العالمين الخير، شعر بذلك أم لم يشعر؛ لأن رب العالمين هو الذي قال: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم).

تقديم الخير للغير أي أن غيري يحتاج إلى فعل الخير، فأنا أقوم بتقديم العون له وتقديم الخير له، إلا أن رب العالمين قال: لأنفسكم، فأنت بذلك تكتب لنفسك عند رب العالمين الخير.

ولو نظرنا أحبتي في الله إلى المجتمع المسلم في صدر الإسلام وما يقدمونه من خير لغيرهم، نجد أن هذا من أهم أسباب رفعتهم وعلو مكانتهم عند الله وعند الناس؛ فخير الناس أنفعهم للناس. 

فها هم الأنصار يستقبلون إخوانهم من المهاجرين الذين تركوا الديار والأموال والمقتنيات وكل شيء في دنياهم، ونزلوا ضيوفًا عند إخوانهم. فكانوا نعمَ من استقبل أخًا وضيفًا وحبيبًا، فارتقى المهاجرون والأنصار معًا، وذكرهم القرآن الكريم معًا، وثبتت صحبتهم للنبي “صلى الله عليه وسلم” معًا، وملأوا الأرض فتحًا وعدلًا وانتصارات معًا، فكانوا نعمَ الناس معًا.

خير الناس أنفعهم للناس. ها هو رب العزة يسأل إنسانًا يوم القيامة: هل فعلت خيرًا قط؟ مفهوم السؤال أن هذا الرجل كانت صحيفته مملوءة بالسيئات والمعاصي، ولذا سأله رب العالمين: هل فعلت خيرًا قط؟ فيجيب هذا الرجل: اللهم إني كنت رجلًا ذا مال، وكنت أقرض الناس، وأرسل غلماني أقول لهم: انظروا الموسر وتجاوزوا عن المعسر، أي من عنده مال ويريد التأجيل أنظروه، ومن ليس له مال أسقطوا عنه الدين. فيقول له الكريم: تجاوزوا عنه. خير الناس أنفعهم للناس.

أحبتي في الله، ما أحوجنا لمثل هذه النماذج في عصرنا الحاضر. فواجب الوقت تقديم المنفعة للناس؛ لأننا في حاجة شديدة، وواجب الوقت السؤال عن المحتاجين الحقيقيين وإدخال السرور عليهم. فخلف الأبواب المغلقة جائع ومدين ومكروب ومن لا يجد نفقاتِه وأولادِه. 

يجب علينا جميعًا طرق أبواب هؤلاء ودفع الأذى النفسي والجسدي الذي يلاقونه جراء الحاجة الشديدة وارتفاع النفقات. فطرقنا على أبواب هؤلاء خير من أشياء كثيرة ينشغل بها الناس، وتقديم يد العون هو واجب الوقت. لذا قال صلى الله عليه وسلم: “من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته”. وخير الناس أنفعهم للناس. وقال صلى الله عليه وسلم: “الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه”. ومن منا لا يحتاج إلى معونة رب العالمين؟ جعلنا الله وإياكم ممن يقدمون الخير ويسعون للخير.