ياقومنا اجيبوا داعى الله تفلحوا … مأساة أمة

بقلم فضيلة الشيخ : يوسف محمد السعداوى
من علماء الأزهر والأوقاف

مابين افراح قوم واتراح آخرين ينجوا من لبى الندا

من يقرأ هذه الآيات من سورة الأنعام يعلم جيداً الى اين تتجه الأحداث وربما يتوقع النهايات المحتومة (قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ *قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ*قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ@وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ*لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)

عجباً لأمة هذا كتابها وهذا قرآنها ثم هى اليوم على ماهى عليه

لا ملجأ من الله إلا إليه

ثلاث خيارات من العقوبات الربانية فى حال إنكار الخالق وإنكار جميله على خلقه
تخير الله منها واحداً لأمة الاسلام وها هو ناجز بين ظهرانينا
(أوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ)

هذه العقوبة التى تعانيها أمة الإسلام وليس لأحد منها مأمن إلا من رحم الله تعالى وبادر بالإصغاء والإنصياع للخالق سبحانه تعالى

إنها اقسى العقوبات لأنها تمتد فى الزمان وتطول بين الناس حتى يقضى الله أمره فيهم
عقاب سأل النبى صلى الله عليه وسلم ربه أن لا يوقعه بأمته لأن وقعه مرير وعذابه أليم يدمى القلوب ويُشمت الأمم فى أمته ويُضعف قوتها ويُذهب بريحها

إلا أن الله قضاه على أمة الإسلام

يقول صلى الله عليه وسلم (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا ) قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

وفى رواية تؤكد المعنى (- سألتُ ربِّي ثلاثاً فأعطاني اثنتينِ ومَنعني عن واحدةٍ. سألتُ ربِّي أن لا يسلِّطَ عليْهم عدوًّا من غيرِهم فيجتاحُهم فأعطانيها وسألتُهُ ألا يُهلِكَهم بسنَةٍ عامة فأعطانيها وسألتَهُ ألا يجعلَ بأسَهم بينَهم فمنعنيها)

كانت دعوات النبى صلى الله عليه وسلم ألا يعذب الله امته ولا يعاقبهم بعقوبة عامة فأجابه إلا أنه لم يجبه إلى أن لا يكون بأس امته بينهم شديد يقتل بعضهم بعضاً ويسبى بعضهم بعضاً

إنها العقوبة التى توافق تفرق هذه الأمة وتشرزمها وتفرقها إلى بضع وسبعين شعبة
إنها حقيقة فى المخالفة وترك المنهج الذى أمر الله تعالى به سبحانه ومخالفته إلى اتباع الهوى والتعصب وتغليب المصالح والتنافس على الدنيا الذى اصبح اليوم لا يخفى على احد
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
هذا هو المنهج وهذه هى حقيقة الإسلام التى دعا الله إليها وأمر بالتمسك بها

المنهج الذى مخالفته بعثت الأحقاد والاضغان والعداوة والبغضاء واعطت الشيطان فرصته التى قد ضاعت ببعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم

لا تعجب وانت ترى مسلم يهتك عرض مسلمة تحت سطوة سلاحه وهو يقول الله اكبر (ويسبى بعضهم بعضاً)ولا تعجب عندما تراه يقتلها ويقتل اطفالها ولا ينجوا منه رجل او امرأة اوشيخ كبير أو طفل صغير وهو يقول الله اكبر (يهلك بعضهم بعضاً)

لا تعجب عندما تدور الدوائر لبعضهم على بعض
فهذا حكم الله على المخالفين
مسلمين ؟
نعم

ولكنهم البسهم الله شيعا واذاق بعضهم بأس بعض
لماذا ؟
ولما لا ؟

انظر إلى تدينهم ستجده دين اصطنعوه وتفرقوا عليه
عندما تقرأ قول الله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)
مبينا مهمته الأولى والمخصوصة وهى نشر الرحمة والعدل ورد الإنسانية إلى حظيرة خالقها الذى أمر بالعدل والإحسان ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغى والظلم
ثم تجد كل هذه القسوة وشدة البأس فلا بد أن تعلم أن من حل بهم هذا البلاء قد خالفوا ربهم ومنهجه ( الرحمة والعدل والإحسان)وانتصروا للشيطان وغرتهم الدنيا ويتقاتلون من أجلها

فاستحالوا الى (الفحشاء والمنكر والبغى)

الكل مخالف

من بغى وظلم وحمل السلاح وخرج على المسلمين يقتلهم ليبسط سلطانه عليهم بالقوة مخالفا قدر الله تعالى فى ذلك وقضاءه الذى قضاه فى قوله ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )ومن يدعمه ويمده بالمدد والمال قد خالف أيضاً ولن يفلت
ربما يظن البعض

والذين لم تدور عليهم الدوائر بعد ولم يصبهم ما اصاب غيرهم أنهم آمنون

كلا والله

فالله هو رب العالمين اجمعين

من لم يصبه البأس اصابته الصواعق وحل بداره الخسف

فمن اصابهم البأس الشديد رغم قساوة وطأته إلا أنهم لو عادوا إلى ربهم قبل الله منهم وداوى جراحهم

ولكن هيهات هيهات لمن تصيبه الصواعق او يحل بداره الخسف
فما له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصراً
الامهال ليس إهمال
ولكن الله تعالى قال (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)
فارتقبوا
هناك إناء إذا امتلأ حل البلاء وطم
رسالة الله الاخيرة فى ذلك فى نفس السورة ،الانعام ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ@فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فتحنا عليهم ابواب الدنيا وعطاياها وترفها وعند الفرح والرضا بالدنيا يستحوذ الشيطان وينسى ذكر الله ويحكم الله آياته (اخذناهم بغته)

يامن تفرحون بالدنيا إذا فتحها الله تعالى

يامن استخدمت اموالكم وما امدكم الله به من نعمة فى تغليب طوائف المسلمين على بعضهم وانساكم الشيطان ما ذكركم الله تعالى به من حكمه ونذيره

لا تأمنوا مكر الله
لا تمكروا بخلق الله من أجل لعاعة من الدنيا
ولا ثم لا تستهينوا بجرم ذلك
فما الدنيا إلا ساعة والكل راحل وعندها يقول الله تعالى لكم (وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ)

ماذا لو كانت كما قال الله تعالى ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)

ماذا لوكانت كما قال الله تعالى ( وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )

وما القول فى قوله تعالى ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)

والله لا الدنيا وما فيها كلها ومن فيها تساوى لحظة من عذاب الله
انكروا المنكر واستنكروه وعودوا إلى ربكم واستغفروه وإن دمعت عيونكم على إنسان مقهور بفعل إنسان مغرور ثم لم تحركوا ساكناً فأعلموا أنها بقية رحمة فى القلوب توشك أن تزول لولم تأخذوا على يد من ظلم وتنصروا المظلوم

الله الله فى اهلنا بالسودان
الله الله فى أهلنا فى السودان
اللهم ارحم ضعفهم وارفق بهم واذهب عنهم البأس وارحم موتاهم واطعم جائعهم واستر اعراضهم ورد عنهم من والى اعداءك عليهم وطمع فى عيشهم

اللهم عليك بكل من يسعى لتفريق المسلمين وتقطيع جسد الأمة ليتمكن منها اعدائها
اللهم عليك بمن يكيدون وبمن يدبرون ومن يمكرون انت تعلمهم ولايخفون عليك

اللهم احفظ مصرنا واهلك كل من يكيد لنا وينشر الفتن من حولنا فهى بقية المسلمين ودرعهم القوى المتين واحفظ جيش مصر الذى لم يعتدى يوماً ولم يتخلى عن ضعفاء المسلمين

ووفق قائدنا واحفظه وأيده فما علمناه إلا بكاءا على بلاد الإسلام والمسلمين