ابني المراهق… نحن لسنا أعداء
29 أكتوبر، 2025
بناء الأسرة والمجتمع

بقلم أ : عاطف بخيت
مدرب محترف معتمد من المعهد الأمني للتنمية البشرية
مرحلة المراهقة ليست مجرد تغيرات جسدية ونفسية، بل هي بداية تشكل شخصية الإنسان، وبحثه عن ذاته واستقلاله. في هذه المرحلة، قد يختلف الأبناء مع آبائهم، وقد يعلو الصوت أحيانًا، لكن هذا لا يعني أننا في معركة أو أن الحب قد تلاشى.
للأسف، بعض الآباء والأمهات يظنون أن كل خلاف مع ابنهم المراهق هو تحدٍ أو تمرد، فيتحول البيت إلى ساحة نزاع بدل أن يكون ملاذًا آمنًا. وهنا يأتي دورنا كأهل في فهم هذه المرحلة، والتعامل معها بحكمة واحتواء.
الرحمة أساس العلاقة
الإسلام علمنا أن العلاقة بين الآباء والأبناء تقوم على الرحمة والمودة. يقول الله تعالى:
{وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (العنكبوت:
وهذا يعني أن حسن المعاملة يجب أن يكون متبادلًا، فكما نطلب من أبنائنا البر، يجب أن نمنحهم الحب والاحترام.
وعندما تحدث خلافات، لا بد أن يكون ردنا بالحسنى، كما أمرنا الله:
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (فصلت: 34)
فالقسوة لا تبني جسورًا، بل تهدمها، بينما اللين يفتح القلوب ويقرب النفوس.
النبي وقدوته في التعامل مع الشباب
النبي محمد ﷺ كان نموذجًا رائعًا في التعامل مع الشباب. حين خاطب عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال له بلطف:
“يا غلام، إني أعلمك كلمات…”
لم يوبخه، ولم يفرض عليه، بل خاطبه كصديق، وعلّمه بحب وهدوء. هذا الأسلوب هو ما يحتاجه أبناؤنا اليوم: حوار صادق، ونصيحة بلا إهانة.
المراهق يحتاج إلى الأمان لا إلى الاتهام
المراهق لا يبحث عن العناد، بل عن من يفهمه. وعندما يخطئ، فهو بحاجة إلى من يرشده لا من يهاجمه. قال رسول الله ﷺ:
“ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”
فالقوة الحقيقية ليست في السيطرة على الآخرين، بل في ضبط النفس وقت الغضب.
الحوار هو المفتاح
إذا أردنا أن نكون قريبين من أبنائنا، فعلينا أن نفتح لهم قلوبنا قبل أن نفتح أفواهنا بالنقد. أن نقول لهم: “أنا أحبك حتى عندما نختلف”، “أنا هنا لأساعدك، لا لأحكم عليك”. بهذه الكلمات، نبني جسرًا من الثقة لا يهدمه أي خلاف.
الأسرة التي تتحدث، تتفاهم، وتحتوي، هي التي تخرج للمجتمع أبناءً أقوياء، واثقين، قادرين على اتخاذ قراراتهم دون خوف أو تردد.
وصيتي لك أيها الأب، أيتها الأم:
ضع يدك في يد ابنك، وقل له: “أنا معك، لا ضدك”.
اجعل بيتك دفئًا، لا ساحة حرب. حينها، ستجد أن ابنك لا يراك خصمًا، بل يرى فيك السند والملجأ والقدوة.
قال تعالى:
{وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21)
فلتكن هذه المودة والرحمة هي لغة البيت، وهي سر النجاح في تربية الأبناء-