التوسل فى ميزان الشريعه

بقلم الدكتور: عبد الهادي النجار

الحمد لله الذي تتم به الصالحات وهو المصدر لكل الافعال واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وبالاجابه جديرواشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه السراج المنير صفوه الانبياء والمرسلين وامام الغر المحجلين والمبعوث رحمه للعالمين
اما بعد

هذه القضيه من القضايا التي تطرح على الساحه الحياتيه كل فتره من الزمن ودائما اصحاب طرح تلك القضيه على مر العصور الفكر المتطرف الذي يتمثل في الفكر الوهابى الذي تتبناه دوله بعينها وفكر معين يريد ان يفرض وجهه نظره الغير سليمه شرعا على الامه الاسلاميه لذلك تاره نجدهم يسمون انفسهم السلفيون وهم بعيدين كل البعد عن فكر السلف الصالح رضوان الله عليهم اجمعين تلك القضيه هي التوسل او الوسيله لذلك نستعرض هذا الامر من خلال الشرع الحنيف وامر علمي ومنهج وليس هوى نفس فعند الحديث عن التوسل او الوسيله علينا ان نعرفها من ناحيه كل الوجوه الشرعيه .

اولا تعريف الوسيله في اللغه :
هي المنزله عند الله عز وجل وبالتالي الوسيله هي الدرجه والقربه والواسل الراغب الى الله فنقول في اللغه ووسل العبد الى الله وسيله اي عمل عملا تقرب به اليه سبحانه وتعالى وفي لسان العرب والوسيله الوصله والقربه وجمعها الوسائل .

ثانيا معنى الوسيله الشرعى :
هو التقرب الى الله عز وجل بامر من الامور من خلاله يحصل العبد على رضاه والثواب من الله عز وجل لذلك من رحمه الله عز وجل على عباده بان شرع لهم العبادات وفتح باب القرب اليه حيث ان المسلم يتقرب الى الله عز وجل بشتى انواع القربات التي شرعها الله عز وجل حيث عندما يصلي المسلم فانه يتقرب الى الله بالصلاه اى يتوسل اليه بهذه الصلاه

القران والوسيله :
لقد ذكر القران امر الوسيله في موضعين الاول امر الله عز وجل بها : 
قال تعالى ( يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيله) سورة المائده الايه ٣٥ ] هذه الايه الكريمه تامر المؤمنين ان يتقربوا الى الله بشتى انواع القربات وليس هناك ما يخصص وسيله عن وسيله اخرى حيث ان الامر عام حيث يستخدم الانسان او العبد الوسيله التي ترضي الله عز وجل ويرضى بها الحق سبحانه وتعالى والدعاء عباده ويتم قبوله ما لم يكن هذا الدعاء قطيعه رحم او اثم او الفاظ تتعارض مع اصول العقيده ومبادئ الاسلام

الموضع الثاني في القران الكريم :
الثناء على الذين يتوسلون اليه في دعائهم قال تعالى ( اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيله ايهما اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محذورا) سورة الاسراء الايه ٥٧ ] هذه الايه تسني على المؤمنين الذين استجابوا لله وتقربوا اليه بالوسيله في الدعاء هذا هو القران وحديثه عن الوسيله واذا انتقلنا الى السنه المطهره الشريفه نجدها ايضا تتحدث عن التوسل والوسيله

الادله من السنه :
عن ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من قال حين يخرج الى الصلاه اللهم اني اسالك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي فاني لم اخرج شرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعه خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك اسالك ان تنقذني من النار وان تغفر لي ذنوبي انه لا يغفر الذنوب الا انت وكل الله به سبعون الف ملك يستغفرون له واقبل على الله عليه بوجهه حتى يفرغ من صلاته ) اخرجه الامام احمد

ويسمى هذا الحديث لحديث الخروج الى المسجد للصلاه وقد صححه كلا من الحافظ بن حجر العسقلاني في كتاب امالى الاذكار وكذلك الحافظ العراقي في تخريج احاديث الاحياء وكذلك ابو الحسن المقدسي شيخ المنذري في كتاب الترغيب والترهيب وكذلك الحافظ الدمياطي في كتاب المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح وكذلك الحافظ البغوي في كتاب مصباح الزجاجه وهنا الحديث يدل على جواز التوسل الى الله في الدعاء بالعمل الصالح وهو سير المتوضئ الى الصلاه وبحق السائلين لله .

وهناك حديث اخر وهو عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ان لله ملائكه في الارض سوى الحفظه يكتبون ما يسقط من نوى الشجر واذا اصاب احدكم عرجه بارض فلاة فليناد اعينوا عباد الله ) رواه البيهقي

قال عن هذا الحديث الحافظ الهيثمي رواه الطبراني ورجاله الثقات مجمع الزوائد هنا الحديث يدل على الاستعانه بمخلوقات لا نراها بسببها الله عز وجل في عوننا ونتوسل بها اليه في تحقيق المراد كالملائكه ولا يبعد ان يقاس على الملائكه ارواح الصالحين فهي اجسام نورانيه باقيه في عالمها وهذا الحديث يسمى باسم اعينوا عباد الله

وايضا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الصحيح باتفاق( اذا انفلتت ناقه احدكم في الصحراء فليناد يا عباد الله امسكوا يا عباد الله امسكوا يا عباد الله امسكوا) وهنا استغاث بعباد الله الصالحين فان لله عبادا في هذه الدنيا ينصرون المؤمنين كالملائكه وكالاولياء فما الشرك في هذا 

وان الله عز وجل قد حكم علينا بالاسباب ولذلك لابد ان نعمل ولابد ان نجاهد ولابد ان نصلي فهذه اسباب ولكن لم يربط الله هذه الاسباب بالافعال فالفعل كله من عند الله عز وجل ولا يكون في كونه الا ما اراد الله عز وجل
ولذلك عندما يطلب الشخص من اخر المساعده في رفع شيء ثقيل هنا انا استعين بك ولكن نقول ( اياك نعبد واياك نستعين)

ولذلك ما الذي حدث الذي حدث في هذا المثال سبب انما المعين على الحقيقه هو الله والمستجيب على الحقيقه هو الله ومع هذه الادله الصريحه الصحيحه وغيرها من كتاب الله عز وجل ومن سنه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم اجمع علماء الامه من المذاهب الاربعه وغيرها على جواز واستحباب التوسل واتفقوا على ان ذلك لا يحرم قطعا ولا عبره لمن شذ عن اجماع العلماء
اذا ثم شرع الله