بين دكتوراه «اليانسون» وفقه الأمة .. مشايخ المناسف
25 أكتوبر، 2025
الوهابية ومنهجهم الهدام

بقلم الدكتور الشيخ : محمد سعيد صبحي السلمو
( الأزهرى البابي الحلبي )
دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود سنة 1979 بعنوان: «الأطعمة ما يحل منها وما يحرم بالأدلة»!
وهكذا يبدأ المشهد في جامعات الوهابية؛ حيث تتحول رسائل الماجستير والدكتوراه إلى ما يشبه دفاتر الحسبة القديمة، لا هم لها إلا عدّ اللقيمات وتصنيف الملاعق.
حين ترى عناوين كهذه، فاعلم أنك أمام مستوى علمي لا يرقى إلى المائدة، فضلا عن أن يرقى إلى مائدة الفكر.
فهناك منهم أيضا من كتب في رسالته الدكتوراه عن تكفير الأشاعرة، ومن أفنى عمره في «القول المصون في تحريم اليانسون»، وآخر تفنّن في «القول الصاعق في تحريم الأكل بالملاعق»!

إنها رسائل لا تُخرِج عالما، بل تنبت متعصبا، وتخرج من الفقه هيكله، ومن العقل روحه.
فلا بحث فيها عن مقاصد الشريعة، ولا نظر في علل الأحكام، ولا سبر لواقع الناس؛ بل هو فقه على الورق، لا على الوعي، وتدين في الحروف، لا في الفهم.
وانظر — إن شئت المقارنة — إلى عناوين بعض الرسائل في جامعة الأزهر الشريف وسائر الجامعات الأشعرية،
حيث الفكر يتنفس من صدور العلماء، لا من أوراق الحفظة.
فهنا نقرأ:
الفكر المقاصدي عند الشافعي وأثره في التخريج
دلالة المفهوم في الخطاب النبوي
التدليس وأثره في البيوع
معاملات بورصة الأوراق المالية بين القانون الوضعي والفقه الإسلامي
عقد بيع السَّلَم وتطبيقات معاصرة
التكييف الفقهي لاندماج المصارف المالية
السياسة الشرعية ومقاصد الشريعة في إدارة المال العام
أحكام الولاية والشورى في الإسلام
الأمن القومي والفتوى: الضوابط الشرعية لسياسة الفتوى والتعامل مع حالات الطوارئ
مبدأ المصلحة الشرعية بين قاعدة المصلحة المرسلة ومقاصد الشريعة: تطبيقات في صناعة القرار السياسي
العلاقات الدولية في الفقه الإسلامي
تأمل هذه العناوين، تجدها تغوص إلى صميم العقل الفقهي، حيث يلتقي النص بالواقع، والمقاصد بالحياة.
فهنا فكر يزن الدنيا بميزان الشرع، وهناك فكر يزن الملعقة بميزان النار والجنة!
شتان بين فقه يحيي الأمة بالعقل والمقصد، وفقه يميت العقول بالشكل والمظهر.
الأول فقه دولة وحياة وإنسان،
والآخر فقه فرقة وخصام وهذيان.
فاللهم احفظ للأمة أزهرها…
ففيه لا تزال أنوار الشريعة تُضيء منابر العلم، لا موائد الطعام!