السيد أحمد البدوي في كتب التراجم والطبقات.


بقلم الشيخ : أبو بكر الجندى

شَذَّت فرقتان من الناس في السيد أحمد البدوي: فرقة قد غالت فيه ورفعته فوق درجة الولاية والملائكية، وفرقة خسفت به الأرض وجعلته شيطاناً رجيماً، وهنا نستخلص ونلخص ترجمته من كتب التراجم والطبقات والتواريخ كما قال المنصفون من العلماء والحفاظ والمؤرخين، حسب أقدميتهم.

فيقول المؤرخ يوسف بن تغري بردي (المتوفى: 874هـ) في كتاب النجوم الزاهرة، ما وقع من الحوادث سنة 675، وفيها توفّى الشيخ المعتقد الصالح أبو الفتيان أحمد بن علىّ بن إبراهيم بن محمد ابن أبى بكر المقدسىّ الأصل ‌البدوىّ، مولده سنة ستّ وتسعين وخمسمائة، ودفن بطندتا(أي طنطا) وقبره يُقصد للزيارة هناك، وكان من الأولياء المشهورين، وسمّى بأبى اللّثامين لملازمته اللّثامين صيفا وشتاء، وكان له كرامات ومناقب جمة، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركاته.

وترجم له المحدث ابن الملقن (المتوفى: 804هـ) في طبقات الأولياء ترجمة موجزة.

أما الحافظ السخاوي (المتوفى: 902هـ) في كتاب الضوء اللامع، يختم ترجمته بالتبرك به ويقول: “نفعنا الله بالصالحين”، بل يمدح السخاوي بعض الرجال المترجم لهم بحرصه على حضور مولد السيد البدوي، وذلك بقصد الاقتداء والتبرك به، كما في ترجمة أبي بكر بن عمر بن محمد الزين المحلى، وترجمة شكرباى الجركسية الناصرية الأحمدية زوجة الظاهر.

وأطال الحافظ السيوطي (المتوفى: 911 هـ) الحديث عنه في كتاب حسن المحاضرة، وقال: سيدي أحمد ‌البدوي، وأقام بمكة إلى أن مات أبوه، وعرض على التزويج فأبى؛ لإقباله على العبادة، وكان حفظ القرآن، وقرأ شيئا من الفقه على مذهب الشافعي، واشتهر بالعطاب لكثرة ما يقع بمن يؤذيه من الناس، ثم لازم الصمت حتى كان لا يتكلم إلا بالإشارة، واعتزل الناس جملة، وظهر عليه الوله، ولازم الصيام، ولا ينام وهو في أكثر حاله، شاخص البصر إلى السماء وعيناه كالجمرتين، ثم صار إلى مصر سنة أربع وثلاثين، فأقام بطندتا من الغربية على سطح دار لا يفارقه، وإذا عرض له الحال يصيح صياحا متصلا، وتُؤثر عنه كرامات وخوارق.

‌‌ وقال المؤرخ ابن العماد الحنبلي (المتوفى: 1089 هـ) في كتاب شذرات الذهب، السّيّد الجليل الشيخ… الشّريف الحسيب النّسيب، ونقل عن المتبولي أنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما في أولياء مصر بعد محمد بن إدريس أكبر فتوّة منه، ثمّ نفيسة ثم شرف الدّين الكردي ثم المنوفيّ”.

ورحل إلى مصر سنة أربع وثلاثين، فتلقاه الظّاهر بيبرس بعسكره وأكرمه وعظّمه، وكان من القوم الذين تشقى بهم البلاد وتسعد، وإذا قربوا من مكان هرب منه الشيطان وأبعد، وإذا باشروا المعالي كانوا أسعد الناس وأصعد.

ومن أشهر المعاصرين الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي التميمي المتوفى سنة 1206 هـ، في كتابه الجواهر المضية لمجدد الدعوة النجدية والذي وصفه والشيخ عبد القادر الجيلاني بالعبادة والصلاح.

هذه بعض أقوال المحققين في السيد أحمد البدوي وغيرهم كثير من المتأخرين والمعاصرين فمن لم ير له الولاية فواجب عليه الحماية، أي حماية عرضه كمسلم من المسلمين، فقد نُسبت إليه أشياء لا تليق بعامة الناس فضلا عن خواصهم، فنسب إليه زورا التجسس، والتشيع وأنه كان لا يصلى، ويخطب للناس عاريا، وفي هذا قدح له ولأهل طنطا الكرام جميعا، أنهم من السفه والبله يسمحون لخطيب يخطب لهم عاريا، ولو كان شيعيا لشاع التشيع في طنطا وهي لم تتشيع وتسب الصحابة قط.

أما ما قيل من المخالفات في مولده من طلب الرزق والغوث منه، وترك الصلوات وشرب المسكرات وفعل المنكرات، فعلاجها هو التوعية والنصح والإرشاد لا في القدح والانتقاص من شخص السيد أحمد البدوي عليه رحمة الله، وإلا فبعض هذه المنكرات تحدث عند المقام النبوي الشريف فهل يمنع الناس من زيارته صلى الله عليه وسلم!