“محبةُ الله تُكتَبُ في القلوب.. في وداعِ العلّامة الدكتور أحمد عمر هاشم


بقلم الشيخ : محمود البردويلي المالكي

إنا لله وإنا إليه راجعون
بقلوبٍ صابرةٍ مؤمنةٍ نودّع شيخنا وشيخ مشايخنا، فضيلةَ العالِمِ المُحدِّثِ الدكتور أحمد عمر هاشم ( عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق ).

اعلم  أخي الحبيب  أن الحشودَ والجموعَ والتزاحمَ الحاصلَ في جنازته رحمه الله،إنما هو من آثارِ محبةِ الله ورسولِه له.

نعم، ففي الحديث الشريف:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ:

> «إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلَ: إن اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبِبْه، فيحبُّه جبريل،

ثم ينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبُّوه،

فيُحبُّه أهلُ السماء، ثم يُوضَعُ له القبولُ في الأرض».  رواه البخاري.

وقال هِرْم بن حَيّان رحمه الله:

> «ما أقبل العبدُ بقلبه إلى الله، إلا أقبل اللهُ بقلوب المؤمنين عليه حتى يرزقه مودّتَهم».

وقد وعد الله عبادَه بهذه المودّة فقال تعالى:

> ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾.

وما نال هذه المحبةَ إلا بعملٍ صالحٍ خالصٍ، ومحبةٍ صادقةٍ للنبي ﷺ وآله وصحبه، تُرجِمت إلى اتباعٍ وعملٍ، لا إلى علمٍ مجرد.

فكم من عالمٍ لم يشهد جنازتَه إلا القليل، مع ما تركه من علمٍ غزيرٍ ومعرفةٍ جليلة.

ومن باب «اذكروا محاسن موتاكم» أذكر موقفًا شخصيًّا يدل على أمانته رحمه الله:

تواصل معي أحد المشايخ من الجزائر يريد تقريظ كتابٍ لأحد علماء بلاده على مؤلَّفٍ – لعله شرح صحيح البخاري – وكان في عدة مجلدات.

فتواصلتُ مع مولانا الدكتور أحمد عمر هاشم تلبيةً لطلبه،
فقال لي:

> «يا ابني، التقريظ دا أمانة، فلازم أقرأ الكتاب من أوله لآخره،

وسنّي وظروفي الصحية مش هتسمح إني أقرأ مجلدات.»

فشكرتهُ على أمانته، وحمدتُ الله على ورعه.

رحمه الله رحمةً واسعة، وجزاه عن العلم وأهله خير الجزاء.

وهنا أتذكّر قول الإمام الزرنوجي رضي الله عنه في تعليم المتعلم طريق التعلم:

«اغتنموا الشيوخ، فالعلمُ كثيرٌ والعمرُ قصير.»

تنبيه:

ليس من المروءة، ولا من التدين في شيء، أن يُقال على متوفًى: مستراحٌ منه، أو يُتكلَّم فيه بسلب،

بل السنةُ حثّت على ذكر المحاسن، فقد:

> ذُكِرَ عند النبي ﷺ هالكٌ بسوءٍ فقال: «لا تذكروا هلكاكم (وفي رواية: موتاكم) إلا بخير».

وعن السيدةِ عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ:

> «لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضَوا إلى ما قدموا».

وأما ما شاع في هذه الآونة الأخيرة من الجهل بالتفحّش في المتوفَّى وذكر مساوئه،

فهو نابعٌ عن قلةِ علمٍ ومروءةٍ وسوءِ أدب.

نسأل الله لنا ولكم حسنَ الخاتمة، وأن يرحمَ فقيدَ الأمة الإسلامية
فضيلةَ الدكتور أحمد عمر هاشم رحمه الله رحمةً واسعة،
وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خيرَ الجزاء.