كلمة بتفرق
7 أكتوبر، 2025
بناء الأسرة والمجتمع

كتبه : عاطف بخيت
في زمنٍ كثرت فيه الضغوطات وتعالت فيه الأصوات وقلّ فيه الاستماع و الإصغاء، تبقى الكلمة الطيبة نورًا يضيء دروب القلوب، وتبقى الكلمة الجارحة سهمًا قد لا يُشفى منه القلب مهما مرّ الزمن.وبالخص داخل الأسرة، فالكلمة ليست مجرد صوت، بل هي رسالة، وموقف، وأثر قد يدوم لعمرٍ كامل.
الكلمة الطيبة في القرآن الكريم
قال الله تعالى:
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83]
هذه الآية ليست فقط دعوة للأدب، بل هي منهج حياة، يبدأ من البيت وينتشر في المجتمع.
وقال سبحانه:
﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الحج: 24]
فالكلمة الطيبة ليست مجرد اختيار، بل هي هداية من الله، ونعمة تُمنح لمن يستحقها.
الكلمة في السنة النبوية
عن النبي ﷺ قال:
“الكلمة الطيبة صدقة” [رواه البخاري ومسلم]
تخيل أن كل كلمة طيبة تقولها لزوجتك، أو ابنك، أو والدتك، تُكتب لك صدقة!
وقال أيضًا:
“من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت” [رواه البخاري ومسلم]
في هذا الحديث، يربط النبي ﷺ بين الإيمان والكلمة، وكأنها مرآة لما في القلب.
أثر الكلمة داخل الأسرة
– بين الزوجين: كلمة “شكرًا” أو “أنا فخور بك” قد تبني جسرًا من المودة، بينما كلمة “أنت لا تفهم شيئًا” قد تهدم سنوات من الحب.
– مع الأبناء: الطفل الذي يسمع “أنت ذكي” و”أنا أثق بك” ينمو بثقة، أما من يسمع “أنت فاشل” فقد يحملها معه كعبء طوال حياته.
– مع الوالدين: كلمة “ربنا يبارك فيكم” أو “أنا ممتن لكم” قد تكون أعظم هدية تُقال، خاصة في كبرهم.
كيف نختار كلماتنا؟
1. توقف قبل أن تتكلم: اسأل نفسك، هل هذه الكلمة ستبني أم تهدم؟
2. غيّر نبرة الصوت: فالكلمة نفسها قد تُفهم بشكل مختلف حسب طريقة قولها.
3. استخدم كلمات التشجيع: بدلًا من “أنت غلطت”، قل “خلينا نصلحها سوا”.
4. تذكر أن الكلمة تُخلّد: ما يُقال في لحظة غضب قد يُحفظ في الذاكرة للأبد.
الكلمة بتفرق.
بتفرق في بناء بيت سعيد أو بيت مليء بالجراح.
بتفرق في تربية طفل واثق أو طفل مهزوز.
بتفرق في قلب أم، وفي روح أب، وفي عقل زوج أو زوجة.
فلتكن كلماتنا طيبة، لأنها صدقة، ولأنها مرآة لما نحمله من حب ورحمة.
ولنتذكر دائمًا قول الله تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ [إبراهيم: 24]
فالكلمة الطيبة تُثمر، وتُزهر، وتُحيي.