مسألة تقبيل الإبهام في الأذان

بقلم الكاتب والباحث الكردى: عبد الكريم فتاح أمين 

كثير من الناس يرفضون تَقْبِيلِ ظُفْرَيِ الإِبْهَامَيْنِ عِنْدَ سَمَاعِ المستمع والسامع قَوْلَ المُؤَذِّنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ولكن ليس الرفض بهذه المثابة والدرجة شيء مرضي ومقبول عنه، إذ فمن العلماء الأفاضل والمتخصصين في الحديث يثبتون هذا التقبيل ويرونه سنة سنية يؤخذ عليه الأجر.

واقول قبل سرد النصوص أرى التفريق بين هؤلاء قلدوا المجتهدين الأربعة وسار على منهجهم ومن يسير خارج دائرتهم من حيث البحث الساري إلى قبول مسألة أو رفضها، فالاول يحتاط ويصبر في التحكيم والتقرير وينظر إلى أقوال العلماء السلف باحترام وتقدير، أما الثاني يحكم قبل التحقيق والبحث الكامل بأنه لم توجد تلك المسألة في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، متجردا عن التتبع والتقييم الصحيح، نظرة سطحية بعيدة عن المنطق والعقل كي يحكم بحكم لا يصير مدينا عند الله تعالى:

 جَاءَ في كِتَابِ حَاشِيَةِ مَرَاقِي الفَلَاحِ للطَّحْطَاوِيِّ في آخِرِ بَابِ الأَذَانِ (فَائِدَةٌ) ذَكَرَ القُهُسْتَانِيُّ عَنْ كَنْزِ العِبَادِ، أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ سَمَاعِ الأُولَى مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ: قَرَّتْ عَيْنِي بِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي بِالسَّمْعِ وَالبَصَرِ. بَعْدَ وَضْعَ إِبْهَامَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ لَهُ قَائِدًا في الجَنَّةِ.

وَذَكَرَ الدَّيْلَمِيُّ في الفِرْدَوْسِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: (مَنْ مَسَحَ العَيْنَيْنِ بِبَاطِنِ أُنْمُلَةِ السَّبَّابَتَيْنِ بَعْدَ تَقْبِيلِهِمَا عِنْدَ قَوْلِ المُؤَذِّنِ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي).

وَكَذَلِكَ جَاءَ في حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ في بَابِ الأَذَانِ (تَتِمَّةٌ): يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ سَمَاعِ الأُولَى مِنَ الشَّهَادَةِ: صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ مِنْهَا: قَرَّتْ بِكَ عَيْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي بِالسَّمْعِ وَالبَصَرِ بَعْدَ وَضْعِ ظُفْرَيِ الإِبْهَامَيْنِ عَلَى العَيْنَيْنِ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ قَائِدًا لَهُ إلى الجَنَّةِ.

وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ القُهُسْتَانِيَّ كَتَبَ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ: أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِالأَذَانِ، وَأَمَّا في الإِقَامَةِ فَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ الاسْتِقْصَاءِ التَّامِّ وَالتَّتَبُّعِ. اهـ. هذا، والله تعالى أعلم.

يقول السيد النبهان قدس سره كماهو موجود في كتاب السيد النبهان ط2 :
” تقبيل الأصابع ووضعها على الجفون عند قول المؤذن أشهد أن سيدنا محمّداً رسول الله , بعض الفقهاء يقولون تقي العيون من العمى، وتعين على فتح البصيرة، ألاَ وهي القلب .

 مسح العين عند ذكر اسم حضرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان هذه الظاهرة لم نعد نراها عند كثير من المصلين في مساجدنا اليوم فبعد البحث وجدنا الاتي :

ونقل بعضهم أن القُهُستاني كتب على هامش نسخته: أن هذا مختص بالأذان
وجاء في مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل في الفقه المالكي.
( فَائِدَةٌ ) قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: حَدَّثَنَا الْفَقِيهُ الصَّدِيقُ الصَّدُوقُ الصَّالِحُ الْأَزْكَى الْعَالِمُ الْأَوْفَى الْمُجْتَهِدُ الْمُجَاوِرُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْمُتَجَرِّدُ الْأَرْضَى صَدْرُ الدِّينِ بْنُ سَيِّدِنَا الصَّالِحِ بَهَاءِ الدِّينِ عُثْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَاسِيِّ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: لَقِيتُ الشَّيْخَ الْعَالِمَ الْمُتَفَنِّنَ الْمُفَسِّرَ الْمُحَدِّثَ الْمَشْهُورَ الْفَضَائِلُ نُورَ الدِّينِ الْخُرَاسَانِيَّ بِمَدِينَةِ شِيرَازَ، وَكُنْتُ عِنْدَهُ فِي وَقْتِ الْأَذَانِ فَلَمَّا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ سيدنا مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَبَّلَ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ إبْهَامَيْ يَدَيْهِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَمَسَحَ بِالظُّفْرَيْنِ أَجْفَانَ عَيْنَيْهِ عِنْدَ كُلِّ تَشَهُّدٍ مَرَّةً بَدَأَ بِالْمُوقِ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَنْفِ، وَخَتَمَ بِاللَّحَاظِ مِنْ نَاحِيَةِ الصُّدْغِ ، قَالَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : إنِّي كُنْتُ أَفْعَلُهُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ حَدِيثٍ ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ فَمَرِضَتْ عَيْنَايَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لِي لِمَ تَرَكْتَ مَسْحَ عَيْنَيْكَ عِنْدَ ذِكْرِي فِي الْأَذَانِ إنْ أَرَدْتَ أَنْ تَبْرَأَ عَيْنَاكَ فَعُدْ إلَى الْمَسْحِ أَوْ كَمَا قَالَ فَاسْتَيْقَظْتَ وَمَسَحْتَ فَبَرِئَتْ عَيْنَايَ وَلَمْ يُعَاوِدْنِي مَرَضُهُمَا إلَى الْآنَ.

أقول في نهاية المطاف: الأدلة والحجج على إثبات ذلك كثيرة ونحن نكتفي بما أشرنا إليه.