بقلم فضيلة الشيخ : حسين السمنودي إمام وخطيب ومدرس على درجة مدير عام بمديرية أوقاف القاهرة
في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة المصرية لترسيخ القيم النبيلة وتعزيز الوعي المجتمعي، أطلقت وزارة الأوقاف مبادرة “صحح مفاهيمك”، كخطوة جادة تهدف إلى مواجهة الأفكار المغلوطة، وتثبيت المفاهيم الصحيحة المستمدة من صحيح الدين الحنيف، بعيداً عن الغلو والتشدد، ومواجهة ما تفرزه التيارات المتطرفة من أفكار هدامة تسعى إلى زعزعة استقرار المجتمع.
وقد جاء إطلاق المبادرة في ظل التعاون المثمر والبناء بين وزارة الأوقاف ووزارة الشباب والرياضة، بما يعكس حرص المؤسستين على العمل المشترك لنشر الفكر المستنير وتحصين الشباب من كل ما يهدد استقرارهم الفكري والنفسي. فالشباب هم القوة الحقيقية للوطن، وهم في أمسّ الحاجة إلى خطاب دعوي يوازن بين متطلبات الدين ومقتضيات العصر.
ومن هذا المنطلق، أخذت مديرية أوقاف القاهرة على عاتقها تفعيل المبادرة على نطاق واسع، بقيادة الدكتور خالد صلاح الدين، وكيل الوزارة ومدير المديرية، الذي أكد أن الدور التوعوي للوزارة لا ينفصل عن الدور الوطني، وأن مواجهة المفاهيم الخاطئة مسؤولية مشتركة يجب أن يتكاتف الجميع فيها، مؤسسات وأفراداً، حفاظاً على سلامة المجتمع.
وفي إطار التنسيق الفاعل، تعاونت مديرية أوقاف القاهرة مع عدد من الشخصيات والقيادات التنفيذية للعمل الجماهيري، كان على رأسهم:
الدكتورة شيماء ربيع، المدير التنفيذي لاتحاد العمل الجماهيري المركزي.
الدكتور نصر محمد نصر، رئيس لجنة العمل الجماهيري المركزي.
المهندس أيمن صلاح الحسيني، نائب رئيس لجنة العمل الجماهيري.
الأستاذ عبد العظيم فؤاد، نائب منسق لجنة العمل الجماهيري.
وقد جاءت هذه الجهود المشتركة لتؤكد أن المبادرة لا تنحصر في الوعظ والإرشاد فقط، وإنما تمتد لتشمل برامج عمل جماهيرية وتفاعلية، هدفها الوصول إلى المواطن في موقعه، داخل المساجد وخارجها، لتبصيره بمخاطر الشائعات، وتفنيد الفكر المغلوط، وترسيخ روح الانتماء الوطني.
وتنطلق أولى فعاليات المبادرة عقب صلاة الجمعة يوم ٣ أكتوبر ٢٠٢٥ من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها، بما يحمله هذا المكان المبارك من رمزية دينية وتاريخية عظيمة. فاختيار هذا المسجد العريق يحمل رسالة واضحة، مفادها أن الإصلاح الفكري والتوعوي ينطلق من أعرق منابر القاهرة، ليصل صداه إلى كل ربوع الوطن.
وتأتي هذه المبادرة في وقت تتزايد فيه التحديات الفكرية والإعلامية، مع ما يشهده العالم من انتشار الشائعات وحروب الجيل الرابع والخامس، الأمر الذي يجعل من تصحيح المفاهيم واجباً وطنياً ودينياً لا يحتمل التأجيل.
إن مبادرة “صحح مفاهيمك” ليست مجرد شعارات، وإنما مشروع وطني شامل، يهدف إلى حماية المجتمع من الانقسام، وتوعية الأجيال الجديدة بأن الإسلام دين الرحمة والوسطية، وأن الانتماء للوطن جزء لا يتجزأ من العقيدة. وهي رسالة تؤكد أن وزارة الأوقاف، بقيادتها ووعي علمائها ودعاتها، تسير بخطى ثابتة نحو بناء مجتمع واعٍ، قادر على التمييز بين الحق والباطل، وبين الصواب والزيف.
وفي هذا السياق، يبرز الدور الريادي للدكتور خالد صلاح الدين، الذي يعمل بتفانٍ وإخلاص على ترجمة تعليمات الوزارة إلى واقع ملموس في القاهرة، عبر حشد الطاقات وتوجيه الأئمة والدعاة والواعظات إلى العمل بروح الفريق الواحد، ليظل المسجد منارة للهداية والإشعاع الفكري والروحي. إن قيادته الحكيمة للمبادرة تعكس إدراكه العميق لخطورة المرحلة، وإيمانه بأن التنوير مسؤولية جماعية تبدأ من المنبر وتمتد إلى كل ميادين الحياة.
وإذا كانت البداية من المساجد، فإن المبادرة تحمل في طياتها إمكانية التوسع لتصبح حركة مجتمعية شاملة، تشارك فيها المدارس والجامعات ومراكز الشباب، بحيث تمتد رسالتها إلى النشء منذ الصغر، لتنشئة جيل جديد محصّن بالوعي، وقادر على مواجهة التيارات المتطرفة والأفكار المنحرفة. وبهذا تصبح “صحح مفاهيمك” مشروعاً وطنياً متكاملاً، يربط بين المؤسسات الدينية والتعليمية والشبابية، ليشكل سوراً قوياً يحمي عقول المصريين، ويحصّن وجدانهم من كل فكر دخيل.
وهكذا تظل وزارة الأوقاف، بالتعاون مع المؤسسات الوطنية كافة، نموذجاً للعمل الجماعي الذي يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ويؤسس لحاضر ومستقبل قائم على الفكر الرشيد، والوعي المستنير، والحب الصادق لمصر وأهلها.