نصيحة للقائمين على التعليم والازهر الشريف

بقلم الدكتور الشيخ : محمد سعيد صبحي السلمو
( الأزهرى البابي الحلبي )

لو شاءت أقدار الفكر أن تُعاني ، لوجدت في مجتمعاتنا ما يُذلُّ المعاني، ويقتل القيم، ويعلي السطح ويطمر العمق.

فها نحن نرى التخصص العلمي – كالطب والهندسة – يُرفع على أعناق الجماهير، ويُنعت بالذكاء والنباهة،

أما العلوم الإنسانية، وخصوصا الشريعة، فهي عندهم دركٌ دونيّ، يلجها من لم تسعفه الدرجات، أو من لفظته الكليات!

وهكذا، صار من يسقط في امتحان الثانوية يَصعد في مدرجات العلم الشرعي!
وصار الفضل في بلادنا يُقاس لا بحفظ المتون، ولا بفهم القرآن، ولا بغوص العقل في بحار الفقه،
بل بمجموع رقميّ تافه، وبانتماء حزبيّ خفيّ، حتى صار بعض من ينتسب إلى كلية الشريعة لا يعرف من الشريعة إلا اسمها،
ولا من العلم إلا قشوره.

أفيُعقل أن يُفتح باب الشريعة لكل من هبّ ودبّ؟
أما كان الأجدر أن يُنتخب لها من نَبغ صغيرًا، وتأدب كبيرا،
من حفظ، وفهم، وطلب، وجالس العلماء، وسلك طريق السالكين؟

ويا للمفارقة!
قد ترى طبيبًا ملحدًا في ذاته،
لكن الخطر الأعظم حين ترى “دكتورًا في الحديث” لا يؤمن بقداسة الحديث!
لازال _ والحمد لله _ الأزهر الشريف لا يقبل إلا من تخصص منذ صغره
لكن الأزهر اليوم وبسبب التساهل في قبول من هب ودب ، اخترقه بعض الجماعات

إن الأزهر – وإن بقي فيه من نور – يُخشى عليه من مدٍّ جارف يملأ رحابه بأجساد لا أرواح فيها،
وبشهادات لا فهم معها، وبأعداد تُفرح البيروقراطية وتُبكي أهل العلم.

فلْنحفظ هذا الميراث قبل أن يُفرَّغ من جوهره.
فليس العلم بكثرة الشهادات والخريجين، بل بنور في القلب، وصدق في الطلب، وتزكية للنفوس.