في رحاب الحبيب


بقلم : إيمان السعيد

( كبير مقدمى البرامج بالهيئة الوطنية للإعلام )

ومازلنا نتنفس روحانيات شهر ربيع الأنور، ومافيه من نسمات عطر مولد الحبيب (ﷺ) الذى أرسله الله نوراً وهداية ورحمة للعالمين.

إنها رحمة من الله نالت الحبيب المصطفى، فجعلته رحيما ليّنا، فاجتمعت القلوب حوله، وتعلقت به المشاعر، وكان يقول صل الله عليه وسلم عن نفسه: “إنما أنا رحمة مهداه”.

تألقت روحه الطاهرة بعظيم الشمائل والخصال، وكريم الصفات والأفعال، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد، وتملكت هيبته العدو والصديق.

وصور لنا هذه المشاعر الصحابى الجليل حسان بن ثابت أبلغ تصوير عندما قال: “وأجمل منك لم تر قط عينى. وأكمل منك لم تلد النساء. خلقت مبرأ من كل عيب. كأنك خلقت كما تشاء.”

ومن السمات التى تحلى بها المصطفى خلق الرحمة، فتجلت رحمته فى العديد من المظاهر والمواقف، حيث جاء الإسلام بمعيار حقيقى للعلاقة بين الأب وابنائه واحفاده، هذا المعيار القائم على الرحمة والرأفة والحنان والرعاية فى كل شئون حياتهم.

فهيا بنا ندخل بيت النبوة، ونرى تعامل الرسول الكريم مع أحفاده، النابع من الحب والرحمة والحنان.

النبي وأحفاده
كان من شدة حبه ولهفته على أحفاده، أنه كان يخطب فى المسجد فأقبل الحسن والحسين، وعليهما قميصان، يعثران ويقومان، فنزل النبى وأخذهما ووضعهما فى حجره، وقال صدق الله “إنما أموالكم وأولادكم فتنه”.

فلم تكن هذه المواقف مواقف عابرة فى حياته، ولكنها صفة أصيلة من صفاته، فقد خرج رسول الله ومعه الحسن والحسين، “هذا على عاتقه وهذا على عاتقه”، وهو يقبل هذا مرة وهذا مرة، حتى وصل إلى جمع من الناس، فقال له رجل: “يارسول الله إنك لتحبهما؟”

قال: “من أحبهما فقد أحبنى، ومن أبغضهما فقد أبغضنى.”

والمواقف كثيره ففى يوم خرج الرسول، وفى الطريق وجد حسين يلعب مع أقرانه، فتقدم الرسول أمام القوم وبسط يديه، فجعل الحسين يفر هاهنا وهاهناك، ويضاحكه الرسول الكريم حتى امسكه وقبل رأسه، وقال: “حسين منى وانا من الحسين، احب الله من احب حسينا.”

لم يكن اهتمام النبى بأحفاده وحبه لهم، قاصرا على البنين، بل شمل البنات، فاكرم النبى بحفيدته واهتم بأمامة بنت أبى العاص، حفيدته من ابنته زينب، فكان يحبها ويحنو عليها ويكرمها، فيحملها وهو فى الصلاة، فاذا سجد وضعها على الأرض، واذا قام حملها على كتفه.

وكان يخصها بالهدايا، حيث تم اهداء الرسول قلادة من خرز ملمعة بالذهب، ونساء الرسول معه، وأمامة كانت تلعب جانب البيت. فقال الحبيب: “والله لأضعنها فى رقبة أحب أهل البيت الى قلبى.” فوضعها فى رقبة أمامة بنت أبى العاص.

هكذا كانت علاقة الرسول الكريم بأحفاده قائمة على الحب والحنان، وهو من خلال هذا التعامل وهذه العلاقة يرسى لنا كيف نتعامل مع أطفالنا وأحفادنا، حيث التعامل معهم برفق ولين وحب ينعكس عليهم وعلى شخصيتهم فى المستقبل، فيغرس فيهم الثقة بالنفس وحب الآخرين وتحمل المسئولية.

كم من الأمور نحتاج فيها الى التمسك بهدي الحبيب المصطفى، فما من صفحة من صفحات حياتنا إلا والنبى له فيها توجيه، إما بقول أو فعل، حيث يبين لنا أن الطريق الأيسر والأسهل لقلوب الأبناء والأحفاد هو حسن رعايتهم ومنحهم الحب، مع تربيتهم على حسن الخلق، وهذا ما فعله مع ابنائه وأحفاده وسائر ابناء الصحابة.

وعلينا، ونحن نحتفى بذكرى مولد الحبيب المصطفى، أن نتأسى بنهج الرسول الكريم، فما احوجنا هذه الأيام للسير على خطى الحبيب فى التعامل مع ابنائنا وأحفادنا.

سلام عليك يارسول الله

سلام عليك يوم مولدك

فكان مولدك نورا غمر الدنيا ضياء